«الظاهر أننا في أفغانستان ولسنا في قرية فقيرة جميع أهلها بسطاء لا يملكون سوى أدوات الزراعة البدائية... مو ناقص إلا أن يقولوا إن صدام حسين خبأ أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها في منطقة بني جمرة»... تلك العبارة كانت تمثل ردة فعل مواطن يملك إحدى المزارع في منطقة بني جمرة عندما طالع الصحف المحلية ليوم أمس (الثلثاء)، وقراءته عن وجود معسكر تدريبي في إحدى المزارع بالمنطقة.
من هنا بدأ صاحب المزرعة يهم بتجهيز حماره الذي كان متعبا من العمل لاكتشاف المعسكر التدريبي التاريخي الإرهابي الذي أنشأ في اسطبلات ومزارع القرية الوادعة.
حسن ذو الـ 45 عاما بدأ جولته الاستكشافية للموقع التدريبي التاريخي مصطحبا «الوسط» معه فوق حماره العجوز إلى الاسطبلات والمزارع الموجودة في المنطقة.
وهنا تسرد «الوسط» ما شاهدته في تلك الجولة الاستكشافية للمفاعلات النووية في القرية الخطيرة (بني جمرة)، إذ دخلنا إلى المزرعة الأولى التي كان بها متدربان، ولكن أيُ متدربين، إنهما ذوا بنيتين جسميتين عريضتين وتبدو عليهما الصلابة والقوة. المتدربان هما عبارة عن كلب أعور يلهث من العطش، وحمار جائع كان ينهش الخشب، وذلك بحسب قول المرشد، إذ قال المرشد حسن لـ «الوسط»: «إن المتدربين متخصصان في النباح والنهيق، ويبدو أن المدرب أنهكهما في التدريب المتواصل على كيفية استخدام الأسلحة النووية الموجودة».
خرجنا من المزرعة، وركبنا الحمار العجوز مرة أخرى، ودخلنا مزرعة مجاورة، وقبل أي شيء قال المرشد: «ها... لقد حصلنا على عدد من المتدربين وهم يخططون ويدرسون كيفية الهجوم...»، متحدثا لـ «الوسط»: «انظر 10 من قطيع الماعز»!
وأضاف حسن ضاحكا «على الأجهزة الأمنية أن تجهز وتعد نفسها للمعسكر»، وفجأة توقف حسن عن الحديث، وقام يحسب ويعدُ عدد المتدربين الذين قام باكتشافهم، وقال: «بقي 12 متدربا من أصل 35 لم نعثر عليهم، يا ترى أين هم؟».
في القرية المخلوطة بمنازل قديمة هالكة لا تتعدى مساحتها الأمتار البسيطة، وأخرى عادية، واصلنا التجوال وعندما كنا نسير في الأزقة، حاورنا حسن متساءلا من جديد: «يا ترى أين بقية المتدربين؟ هل هم في البيوت القديمة، أم أنهم متحصنون في بيوت تلك الأسر الفقيرة؟ أم في الطرقات الخالية التي يصعب السير عليها بسبب تعرجها؟
المرشد الفقير هزّ رأسه وسأل حماره: هل تعلم أين المعسكر؟ وأين بقية المتدربين؟
وقف ليتذكر، نعم هناك مزرعة يذهب إليها عدد من الأهالي هناك، ضرب الحمار بقوة، ووجهه إلى آخر مزرعة في القرية الفقيرة، وفي هذه المرة، اقتحم حسن المعسكر الإرهابي، وإذا به يشاهد 9 متدربين بدا عليهم الخوف والرعب، فها قد تم العثور عليهم، إنهم أنواع مختلفة من الطيور... دجاج وديوك رومية وحمام، وأنواع مختلفة من الكناري والعصافير كانت تصدر أصواتا تنبئ بالخوف والرعب، وقبل خروجنا من المزرعة دل أحد المتدربين على نفسه، فصرخ صاهلا وهو يقول «أنا موجود هنا وأنا ضمن المتدربين الـ 22 المنتمين إلى المعسكر».
المرشد وصاحب المزرعة حسن وقف مستغربا ومستنكرا في الوقت ذاته للتصريحات المنشورة في صحف يوم أمس، كما استغرب حسن من خبر وزارة الداخلية.
وقال: «على الأجهزة الأمنية والصحف المحلية أن تتأكد من الأخبار المنقولة، فها نحن جلنا جميع المعسكرات (المزارع) في منطقة بني جمرة، وحصدنا المتدربين الذين وصل مجموعهم إلى 22 متدربا وليس 35 كما ذكر في الصحف المحلية».
إلى ذلك قال النائب سيدمكي الوداعي إن الخبر المنشور يوم أمس في الصحف يجب ألا يؤثر على القضاء في عملية الحكم، مضيفا أن مركز شرطة البديع لم يسمح لأهالي المعتقلين بمقابلة ابنيهم إلى يوم أمس (الثلثاء)، وذلك بعد رفض المركز مقابلتهم حتى يوم أمس الأول (الاثنين)، بعد اخذ تصريح من النيابة العامة.
وذكر الوداعي أن قوات مكافحة الشغب منعته مساء أمس الأول (الاثنين) من الدخول إلى قرية أبوصيبع للمساهمة في تهدئة الوضع، وذلك بعد حدوث مواجهات بين أهالي المعتقلين وقوات مكافحة الشغب، مفيدا أن القوات على رغم علمهم بأنه نائب المنطقة - وذلك بعد إبراز الهوية لهم - طلبوا منه التوجه لمركز شرطة البديع لأخذ تصريح بدخول المنطقة. وطالب الوداعي المسئولين في الدولة وخصوصا في الداخلية تسهيل أمورهم للمساهمة في الأمور التي تصب في مصلحة الوطن.
من جهة أخرى، استنكر أهالي منطقة بني جمرة الخبر المنشور في الصحف والمتمثل في وجود معسكر، وتساءلوا: كيف يقام معسكر إرهابي من المزارع الخالية حتى من وجود معدات زراعية؟ ولماذا لم يتم تطويق تلك المعسكرات مادامت تمثل خطرا على المجتمع والدولة؟
العدد 1629 - الثلثاء 20 فبراير 2007م الموافق 02 صفر 1428هـ