بعد الأنشطة الثقافية التي قامت بها في الفترة التي سبقت انتخابات 2006 التي دعت فيها جمعية المنتدى مجموعة من قيادات العمل السياسي في البحرين، وخصوصا تلك التي تقود الجمعيات السياسية لتناول الكثير من القضايا الساخنة التي كانت مطروحة على الساحة السياسية حينها، أطلت علينا الجمعية مساء يوم الأحد الموافق 18 فبراير/ شباط الجاري بمحاضرة ألقاها علي حرب حملت عنوانا «المسألة الطائفية وقضية العيش معا».
المحاضر وعنوان المحاضرة يحملان سوية بعض التحدّي الفكري والسياسي في آن. ولربما أصبحت تلك من السمات الإيجابية التي تميزت بها الجمعية عن سواها من جمعيات المجتمع المدني الأخرى. فمنذ تأسيسها ، الذي كان استجابة منطقية للتحولات التي شهدتها البحرين خلال الأعوام 1999 - 2001، نفذت عددا من الفعاليات المهمة خلال السنوات الست من عمرها. ولعل هذه يضع على عاتقها مسئولية الاستمرار في هذا الخط المتميز الذي قررت السير عليه.
فخلال فترة مجلس الإدارة الأول الذي ترأسه رشيد المعراج احتضنت مجموعة من النشاطات الثقافية من أبرزها المحاضرة الموسومة «التحديات السياسية والدبلوماسية التي تواجه العلاقات الأميركية الخليجية في أعقاب حوادث 11 سبتمبر/ أيلول».
( Political and Diplomatic Challenges Facing US-GCC Relations In the Aftermath of September 11) التي ألقاها المستشار الاستراتيجي في قضايا النفط والعلاقات الدولية زانيان فاهان
(Vahan Zanoyan, President & CEO of The Petroleum Finance Company)، ومحاضرة ثوماس فريدمان (Thomas Friedman) كاتب العمود الشهير في صحيفة نيويرك تايمز، المعنونة «المشهد السياسي في أعقاب حرب أفغانستان».
أما فترة مجلس الإدارة الثاني الذي ترأسه عادل فخرو، فقد كانت الموضوعات المحلية أكثر حضورا في النشاطات، فكان من أبرزها ندوتا: تجربة رجال الأعمال في العمل السياسي في الكويت التي تحدث فيها من الكويت شملان العيسى وعلي الطراح، والأخرى عن الدور السياسي لرجال الأعمال البحرينيين وكان من بين المتحدثين فاروق المؤيد. وأثارت الندوتان نقاشات عميقة في أوساط مجتمع الأعمال البحريني، تركت بصماتها الواضحة على الكثير من المبادرات السياسية التي طرحها بعض مؤسسات ذلك المجتمع.
بعد هذه النبذة القصيرة عن المنتدى نعود للحديث عن الندوة، ولابدّ هنا من التعريف بعلي حرب. فهو من مواليد العام 1939 وأنهى دراساته العليا في الجامعة اللبنانية، وزاول تدريس الفلسفة شطرا من حياته المهنية، وهو حاليا متفرغ الآن للبحث والكتابة، ونال جائزة باشراحيل التقديرية للإبداع الثقافي (2006)، على أعماله الفكرية.
مهد حرب لمحاضرته بمقدّمة فلسفية تناولت الأزمة الفكرية العامة التي تلم بالعالم. لم يستثن حرب أي مجتمع منها بما فيها العالم العربي، موضحا أن أحد أسباب هذا الانتشار هو ثورة الاتصالات والمعلومات التي تعم العالم والتي حولت الكرة الأرضية إلى مجتمع صغير تتبادل كتله السكانية تأثيرات متبادلة قوية وعميقة، سلبية كانت أم إيجابية.
ينتقل بعدها حرب من الجانب النظري الفلسفي إلى السياسي المباشر المعاش، فيسلط الضوء على الأزمة السياسية في بلدان عربية مثل: العراق ولبنان، ويرجعها إلى أصولها الفكرية النابعة من افتقاد الذهنية العربية للقبول بالآخر وافتقاد القدرة على التعايش معه. ويخلص من ذلك كله بدعوة إلى ممارسة سلوك وجودي متسامح تحكمه منطلقات إنسانية راقية تتراجع أمامها كل العصبيات الدينية القبلية، ناهيك عن النزعات الإثنية المتعالية.
بعدها فتح باب النقاش وأثير الكثير من القضايا التي تمحورت حول البحث عن بديل للخروج من تلك الأزمة، أو بالأحرى إيجاد الحل الذي يخرج العرب من الأزمة الطاحنة التي تعصف بهم. وتراوحت الإجابات من دعوة إلى ضرورة بروز مذهب فقهي معاصر يعالج المشكلات من مدخل فكري منفتح، إلى أخرى تنادي بثورة معرفية علمانية شبيهة بتلك التي عرفتها المجتمعات الأوروبية المتقدمة.
وكانت إجابات المحاضر في غاية التواضع المتوقع من شخصية علمية مثله: «لا أملك وصفات طبية جاهزة، وليست لديّ إجابات معدة سلفا... أنا مثلي مثل الآخرين أجتهد باحثا عن الحل الصحيح المناسب».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1628 - الإثنين 19 فبراير 2007م الموافق 01 صفر 1428هـ