بعد مقال «ما قصة وزارة الإسكان؟» تلقيت الكثير من الرسائل والاتصالات بهذا الشأن ربما أبرزها اتصال من أحد الأخوات المتضررات والمستحقات لمكرمة بدل السكن، حدثتني بداية عن موضوعها الشخصي ولفتت نظري إلى فئة من فئات المجتمع بشكل عام وفئة من فئات القطاع النسائي المستحقات بشكل خاص والتي غابت عن بالنا وغابت عنها معايير وزارة الإسكان الجهنمية كما لم يلتفت لها نواب الشعب.
الفئة التي سأتكلم عنها هي عوائل المحكومين والمعتقلين، استمعت لظروفها التي عبرت عنها بلغة تقطع القلب وتدميه، والتي سأرويها لكم علها تجد آذانا صاغية.
المتحدثة زوجة لأحد المحكومين في قضية جنائية حكم فيها بالسجن سبع سنوات بعد عامين من الزواج ليخلف على عاتقها طفلة بعمر سنة واحدة ربما كانت الشاهدة الوحيدة على صبر ومحنة والدتها، وكتب الله للمتحدثة أن تتحمل المصاعب واللوعة لوحدها.
ابنتها حاليا لا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات تسأل كثيرا عن والدها والأم لا تملك إلا صورا له تريها لابنتها وتحدثه عنه، والطفلة تزداد لوعة وحاجة إلى حنان ابوي فقدته وهي ما زالت رضيعة.
الزوجة موظفة في أحدى مؤسسات القطاع الخاص وتتقاضى راتبا شهريا لا يتجاوز الـ 295 دينارا، وتعيش حالا من الفقر والبؤس والحرمان نظرا لظروفها الاجتماعية والمادية الصعبة، فهي تسكن مع ابنتها بمفردها في شقة إيجار بـ 100 دينار، أي أن إيجار الشقة يكلفها نصف الراتب تقريبا غير القرض الشخصي الذي يقتطع من راتبها 130 دينارا، غير المصاريف الشهرية الثابتة كفاتورة الكهرباء والماء والهاتف وبانزين السيارة وبالتالي لا يتبقى لديها سوى دنانير محدودة تعيش بها مع ابنتها، طبعا لا يمكن لها أن تعيش في بيت والدها لأنه هو الآخر في غاية الحاجة فهومتقاعد عن العمل، والراتب التقاعدي الذي يصرف له200 دينار وبيتهم آيل للسقوط ووضعهم مزر، اما بيت أهل زوجها فلا يختلف كثيرا عن بيت أهلها.
لديهم طلب في الإسكان منذ العام 2004 ، ووفق معايير الإسكان فإنه لا يمكن لها الاستفادة من المكرمة الملكية بصرف بدل سكن لها ولابنتها، إذ إن طلبهم لم يمر عليه خمس سنوات، على رغم الظروف الاستثنائية التي لم توضع في الحسبان عند وضع صوغ المعايير، كانت تأمل أن يتم النظر إليهم كفئات خاصة من المواطنين لهم ظروفهم وأوضاعهم الصعبة، فكل عائلة من عوائل المحكومين تعيش حالا من المأساة والبؤس، عندما حاولت أن تتابع إمكان استثنائهم من المعايير، عرفت انه تم تجاهلهم وكأن عائلة المسجون هي المذنبة، ويجب الاقتصاص منها.
لسان حالها يقول إذا كان زوجها مذنبا أومتهما في أحد القضايا على سبيل المثال ما ذنبها هي التي لم يتجاوز عمرها العقد الثاني وابنتها الصغيرة أن تعيشا حالا من البؤس والشقاء؟، فالقانون الآن يقتص من زوجها، وهو موجود ضمن مؤسسات تأهيل تسمح له أن يعيد تنظيم حياته، ولكن من الذي يؤهلها هي للحياة؟، فكل الذي تعرفه وهي التي ما زالت شابة وقليلة الخبرة بالحياة أن عليها واجبات للوطن ولها منه حقوق تؤدي ما عليها بكل إخلاص وامتنان وتنتظر بدورها لتحصل على حقها، ومع ذلك تجد أن حقها يضيع منها لكونها تتعرض حاليا لظروف صعبة، وهي بدورها تطالب المسئولين بالنظر إلى وضعها وأوضاع العوائل الأخرى التي لها الظروف نفسها التي تعيشها أو ربما أسوأ.
تشعر بأنها الآن في مسئولية الدولة التي يجب أن تأخذ بيدها إلى بر الأمان لا أن تتخلى عنها وعن ابنتها، فهي بنت الوطن والوطن للجميع، لديها أحلام وطموح وقد صودرت مع محاكمة زوجها ودخوله السجن، وهي تعيش الآن على الآمال التي يبدو أنها تبددت مع المعايير التي توضع من أجل تقليل أعداد المستفيدين من المكرمة.
هي الآن تأمل في الحصول على بدل سكن والمحدد بـ 100 دينار لتحسين وضعها المادي، وترغب في أن تأخذ ابنتها إلى رياض الأطفال مع حاجتها الماسة إلى التمسك بوظيفتها.
ألا قد بلغت اللهم فاشهد... أظن أن دوري قد انتهى وبدأت معه أدوار آخرين الذين يجب أن يساهموا في حل القضية المطروحة والالتفات إلى الفئة التي أشرت إليها من ناحية إنسانية واجتماعية واقتصادية وقانونية أيضا.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1628 - الإثنين 19 فبراير 2007م الموافق 01 صفر 1428هـ