عندما يأتي الحديث عن الحقوق الثقافية في المجتمعات المتقدمة فهي لا تقل أهمية عن السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية. فنحن اليوم نعيش في عالم متغير يفرض علينا مواكبة ومسايرة ما يدور على الساحة الدولية، لاسيما فيما يتعلق بتفعيل القوانين المتعلقة بالجانب الحقوقي عموما لمختلف الإثنيات والفئات التي تشكل نسيج المجتمعات في الدول.
الحقوق الثقافية تعني التنوع وتعني إفساح المجال لهذا التنوع بأن ينطلق في جميع وسائل الإعلام وأن يكون محور البحث والنقاش في الجامعات والمؤسسات المعنية، سواء كان ذلك على مستوى الأعمال الدرامية في التلفزيون والمسرح، أو كان ذلك عبر تقارير رسمية تنشرها الدولة عبر قنواتها المختلفة.
ما يحصل في البحرين عكس ذلك... فهناك محاولة لفرض ثقافة واحدة ولون واحد ولهجة واحدة ولباس واحد ونمط واحد لا يفسح المجال للغنى المشهود له في ثقافة وتراث الفئات المكونة لمجتمع البحرين. فلدينا مثلا الهولة، والبحارنة، وعرب القبائل، وعجم، وأنواع أخرى، ولكن ثقافات معظم هذه الفئات تعتبر من الممنوعات الرسمية، وهذا يخالف الحقوق التي تقرها العهود الدولية التي يتوجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بها.
ولو قارنا الأمر بالصين التي يتهمها الكثيرون بأنها غير ديمقراطية، وهذا صحيح من ناحية عدم السماح بالتعددية الحزبية السياسية، ولكنه غير صحيح من ناحية الحقوق الثقافية، فالصين تعترف بالإثنيات كلها، وحتى العملة الرسمية يكتب عليها بعدة لغات، من بينها لغة تشبه اللغة العربية، وهي لغة المسلمين. والصين أيضا تحترم التراث الامبراطوري الذي سبق العهد الشيوعي، وهناك متاحف تحكي تاريخ الصين القديم، وهذا جزء من الحق الثقافي للشعب الصيني أن يعرف تاريخه وأن يعترف ببعضه بعضا.
ولو تحدثنا عن سنغافورة، فسنجد أن الثقافة محترمة، والفئات المكونة للمجتمع لها احترامها، والحكومة تدرج المعبد والكنيسة والمسجد ضمن قائمة المباني التي تفتخر بها، كما تطلق أسماء صينية وهندية وملاوية وعربية على شوارعها وذلك اعتراف رسمي بالجذور الاساسية للمجتمع المؤسس لسنغافورة. فلماذا نحرم من التنوع الغني لمجتمعنا البحريني؟ ولما لاتكون لدينا استراتيجية ثقافية تعترف بتاريخ البحرين من مختلف الجوانب وتعترف ايضا بمكونات المجتمع البحريني كلها؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1628 - الإثنين 19 فبراير 2007م الموافق 01 صفر 1428هـ