العدد 2247 - الخميس 30 أكتوبر 2008م الموافق 29 شوال 1429هـ

لا مطاط ولا طماط!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من سنتين وآنه ما أصدّق أن «الداخلية» تستخدم مسيلات الدموع بشكل مفرط أو غير مفرط داخل الأحياء السكنية، لأننا تجاوزنا عقلية «قانون أمن الدولة» إلى الأبد.

من سنتين وآنه أقول مستحيل أن تستخدم رصاص مطاطي ضد الناس، فنحن في فترة سياسية هادئة وجميلة، فالكل مشارك في العملية السياسية ويهدف إلى الإصلاح.

في الأشهر السابقة، كان الكثيرون من أهالي السنابس وجدحفص والديه، يتصلون ويشكون من سياسة العقاب الجماعي، فمن أجل ملاحقة بضعة أفراد، يجري إمطار أحياء سكنية كاملة بمسيلات الدموع. ومع ذلك لم نكن نصدّقهم 100 في المئة، فيمكن يكون بعضهم يبالغ أو يتوهم، أو يضخم الأمور، أو عنده عقدة مظلومية تاريخية! بس بعد ما شفنا صور المحرق، نقول: الله يعين الجميع!

قبل أسبوعين، عندما طالبت بعض الجمعيات المفترية على «الداخلية»، بعدم استخدام العنف المفرط مع الجمهور ومنع استخدام الطلقات المطاطية أو مسيلات الدموع، ردّت عليهم «الداخلية» بأننا لا نستخدم الطلقات المطاطية أصلا، وأن «هذه الادعاءات لا تمت للحقيقة بصلة». حينها قلت في نفسي: الحمد لله! أكيد هالجمعيات ما عندها سالفة، امخليه راسها وراس «الداخلية» الله هداهم!

حتى يوم صار الضرب في سوق جدحفص قبل ثلاثة أشهر، وكنت حينها من بين المتسوقين الغافلين، ما صدقت انهم استخدموا الرصاص المطاطي، قلت هذا أكيد چم مسيل دموع عشان يفرقون المحتجين. واتذكر اني أخذت عبوة مسيل استقرت تحت بطن سيارتي، وكانت مازالت حارة تلظي، ولففتها بالجريدة لأحتفظ بها كذكرى تاريخية، ولكن ما أن دخلت السيارة حتى صاح طفلي الصغير: «بابا... عيوني تحرقني»!

أما ما حدث قبل يومين، في المحرق، فما كان متوقعا على الإطلاق. مسيل دموع ورصاص مطاطي في هذه الجزيرة الآمنة المستقرة، وعلشان چم علم أسود! هذا ما يدخل المخ.

بعض أصدقائي من المحرق يقولون إن آخر مظاهرة نزلت في شوارعها كانت في وفاة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، يعني قبل 38 سنة، ومن حينها لم يشمّوا رائحة مسيلات الدموع، ولا سمعوا صوت الرصاص المطاطي، فليش هالعركة؟ بسبب لافتة أو علم أسود... تخنقون الناس بمسيلات الدموع؟!

قبل سنتين من قالت «الداخلية» ان مسيلات الدموع ليست مواد كيماوية وإنما فلفل أسود مطحون، وأنا أصدّق ذلك، ولعن الله الشاك، ولكن للحين ما أدري شنو يطلع الرصاص المطاطي: طماط أحمر لو مطاط؟ وأكيد ما تعوّر إذا صابت في الجبهة أو الرأس، مجرد كدمة خفيفة، أو لمسة بسيطة، تدلدغ وتخلي الواحد يضحك مدة ربع ساعة، وهي أفضل طريقة عشان يخزي الشيطان ويرجع لبيته وما يسوي قرقر... قرقر!

على الجمعيات اللي ما عندها سالفة، أن تعرف أن استخدام القوة يتم وفق المعايير الدولية، ومقيّد بالضوابط القانونية. وعليها ألا تطالب مرة أخرى بإنصاف ضحايا الحقبة السابقة، أو المطالبة بالالتزام بالقوانين التي تكفل حرية التنظيم والتجمع والصحافة، أو إقامة ندوات سياسية، تعطل حركة المرور وتزيد الازدحام، ومن لديه اعتراض فليذهب إلى الصخير أو راس البر.

وأخيرا... على هذه الجمعيات أن تترك عنها الخرابيط مال أول، مثل المشاركة في صنع القرار، وتمثيل حقيقي للشعب، والتوزيع العادل للثروة، كأننا في بحر البلطيق وليس في الشرق الأوسط!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2247 - الخميس 30 أكتوبر 2008م الموافق 29 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً