العدد 1623 - الأربعاء 14 فبراير 2007م الموافق 26 محرم 1428هـ

الظلم ساعة

معاذ المشاري muath.almishari [at] alwasatnews.com

من عجائب القدر أن ملاحقة الفساد والكشف عن اللصوص وإرشاد الدولة وتبليغ السلطات المعنية يؤدي ذلك كله إلى دخول السجون ودفع الغرامات، وأما من يجاهر بسرقة المال العام ويتحدى جميع القوانين فيستحق التكريم والحماية، ويستحق استنفار جميع القوى اللئيمة لأظهاره بصورة الحمل الوديع والضحية البائسة، فيجب عليك «عزيزي القارئ» أن تسبح بحمد جميع السياسات المنحرفة، وتقدس جميع الشخوص في كل صلاة، وتجعل لهم نصيبا في كل قنوت صادق، بل وتقدمهم على والديك في كل مناجاة، عندها فقط تكون مواطنا صالحا، ذكيا ساذجا لا يهم، فالمهم أن تكون عبدا خاضعا لإرادة السياط وفتنة الدينار.

ولا عليك من هؤلاء عندما يشيعون بدعم الحق والكلمة الحرة، فهؤلاء كما يقول عنهم القرآن الكريم «يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك»، ويضللون الناس خلافا للواقع، ويصورون البحرين بمشروع إصلاحي عصي على النقد البناء والكلمة النقية، ويلبسون الحق بالباطل، ويسخّرون الفتنة لقمع الوحدة، ويجلدون الصراحة بسلاسل القهر، وبعد ذلك يظهرون أنفسهم بالحماة الحقيقيين للوطن، بينما هم ليسوا كذلك، فالحماية للمصلحة الذاتية والقسوة على المصلحة العامة.

ولو حاول الإنسان أن يرفع مجدا لبلاده، فهناك أقطاب تغتصب ذلك المجد، وتبتعد بأنانيتها عن المراد الصالح للدولة، وتجهر بألسنة حداد ضد مصالح الناس، بل ويتحدّون كل من يخالف أهواء الظلم، ويخترعون من الأساليب ما يكفي لثني عزيمة الصلابة، وردع قسوة القلم، والقضاء على منابع الجرأة، فإذا ما رافقت الخيبة خطواتهم، وبدت علامات الفشل تحيط بآمالهم، وانتزع الخير بعضا من ملامح الشر، عندها تكون لهم وثبة لا يجاريها أحد، واستئساد لا يقوى الا على رقاب الضعاف، وجور يفترس ضلاع الشعب، حماية لعصمة سياسية، واستفراد لامتلاك الحقيقة، وطغيان يلتهم حق الكلام.

لقد خلق الله الناس في دنياهم أحرارا، ولا يحق لمخلوق منازعة الخالق في مشيئته، الا إذا ادّعوا أن لهم شركا مع الله، أو قسمة ظالمة لتحديد آجال الناس وأرزاقهم، فعندها تكون بين طريقين، فإما أن تكون حرا بأمر الله، أو تكون عبدا يساير عبدا آخر، ولك الخيار في ذلك، فحياتك وحياة أولادك تعتمد على منهجك في الحياة، ومستقبل أجيال قادمة يحدده تاريخ تكتبه بيدك، ولا تنتظر غفران يمحو خطيئة الحاضر، فهناك زلات عظيمة لا تحتويها صدور الأحفاد، لتكون وشما قبيحا في جبين الواقع، عندها لا ينفع الكلام، ولن يكون له أعراب في عبارات المستقبل، الا إذا حنّ الفطام، وغُرس في قلب اليأس أغصان الأمل.

إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"

العدد 1623 - الأربعاء 14 فبراير 2007م الموافق 26 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً