العدد 1623 - الأربعاء 14 فبراير 2007م الموافق 26 محرم 1428هـ

الثقافة العلمية العربية 2 /3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن هناك موجة اهتمام عربية بالثقافة العلمية - نأمل أن لا تجتاحها موجة مضادة تدعونا إلى الاستمرار في الإغراق في الجهل تحت تسميات مغلفة - تمتد من مشرق البلاد العربية إلى مغربها. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي احتضنت مدينة العلوم بتونس العاصمة ندوة دولية عن الثقافة العلمية أخذت عنوان: «نشر الثقافة العلمية: المقاربات والاستراتيجيات ومساهمة التكنولوجيات الحديثة».

وقد تزامنت تلك الندوة مع احتفال تونس بالذكرى العاشرة للقبة الفلكية التي شيّدت في العام 1996 ومثلت المرحلة الأولى في بناء مدينة العلوم. وشكلت تلك التظاهرة فرصة لتبادل المعلومات والتجارب بين باحثين وجامعيين وخبراء يمثلون 17 مركزا علميا إلى جانب ممثلين عن عدة بلدان منها فرنسا وايطاليا واسبانيا وألمانيا والسويد ومصر والمغرب والجزائر والكويت. وتمحورت مداخلات الندوة في خمسة محاور هي: تكامل الأدوار بين المدرسة ومؤسسات التثقيف العلمي، و تقنيات التنشيط العلمي داخل مراكز مدن العلوم وعبر الجهات من خلال المعارض المتنقلة، وتقييم الأنشطة الثقافية كيف يمكن الاستجابة إلى تطلعات الجمهور، وتأثير تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة على الوسائل التقليدية المعتمدة للتثقيف العلمي، والاسترتيجية المعتمدة لتجديد وإثراء المعارض العلمية. وفي العام الماضي وبمناسبة إطفاء «مجلّة الطفولة العربيّة» شمعتها السابعة، ضمنت المجلة عددها الخامس والعشرين مجموعة من المقالات والأبحاث تناولت مسألة عامة هي موقع المجلات المتخصصة في شئون الأسرة، ودورها الإعلامي والتثقيفي والتربوي من منطلقات تعميق الثقافة العلمية.

وطرحت المجلة في ذلك العدد سؤالا مركزيا حول وجود كاتب مهتمّ بشئون الأسرة من موقع الأطباء والاختصاصيين الذين تعتزّ «مجلّة الطفولة العربيّة» بكونها أتاحت أمامهم الفرصة لنشر أفكارهم وأبحاثهم ودراساتهم، بهدف «خلق ثقافة علميّة خلاقة» في حياة الأسرة العربيّة بشكل عام. وألمحت المجلة إلى أهمية وجود كتابة عمليّة مبسطة تقترب من متطلبات الإعلام العام من دون أن تبتعد عن قواعد العلم ومراجعه وأبحاثه. مثل هذا المدخل هو الوحيد القادر على التأسيس - من وجهة نظر المجلة - لثقافة علمية رصينة.

أما الكاتب العلمي أحمد عوف فنراه، في نطاق دعوته لإرساء قواعد راسخة لثقافة علمية رصينة، يوجه النقد إلى «المؤسسات الصحافية الحالية التي لا تقوم بالدور المنوط بها في مجال الإصدارات العلمية وذلك لأنها ليس لها أي رصيد من الثقافة العلمية وهذا راجع إلي عدم استيعاب هذه المؤسسات للثقافة العلمية. «ويضيف قائلا في هذا إنه بدلا من» محاولات الاهتمام بالبحث العلمي وبالنهضة العلمية فهناك التركيز علي الإعلام الرياضي والفني وخلافه من الأخبار التي تؤدي إلي مزيد من التوزيع وبالتالي مزيد من التربح وهذه هي المشكلة ولابدّ من تحمل قيادات هذه المؤسسات المسئولية في هذا المجال لأننا بحاجة إلي ثقافة علمية تقودنا إلي نهضة علمية حقيقية».

أما رئيس تحرير مجلة «العربي» سليمان العسكري فيرى: «أنه ينبغي النظر إلى الثقافة العلمية العربية على أنها «هدف من أهداف النهضة العربية المأمولة، لكنها ينبغي ألا تكون الشكل الوحيد من أشكال الثقافة التي ينبغي الإعلاء من شأنها، فالثقافة طيف واسع من الألوان ينبغي أن يبدأ بالرقي والجمال، ويظل يطمح إلى المعرفة والجِدَّة، ومن ثم ينبغي عدم إهمال الإنسانيات، فهي ليست فقط شرطا من شروط حدوث النهضة العلمية وغير العلمية، بل هي صمام أمان ليظل لأية نهضة وجهها الإنساني، وبالتالي جدارة استمرارها في الحياة الفاعلة لمصلحة البشرية، ولأطول وأفضل وقت ممكن. وعودة للحديث عن كتاب مجلة (العربي)، نجد أن سليمان العسكري مرة أخرى يضع إصبعه على جرح الثقافة العلمية العربية حين يفصح - في المقدمة التي وضعها للكتاب- عن الأسباب التي دفعت مجلة العربي لتخصيص واحدة من الندوات التي درجت على تنظيمها طيلة السنوات الماضية، للبحث عن الثقافة العلمية الغائبة في العالم العربي. ويضيف العسكري في كلمته التي تصدرت الكتاب قائلا: «لا سبيل إلى الهروب، من الاعتراف بأن المواطن العربي يعاني من حالة متراكمة من الجهالة العلمية، فلا مناخ محفز، ولا ثقافة علمية حاضنة. وفي ظل تقهقر غير مسبوق، سوف يؤدي إذا ما استمر على الوتيرة نفسها، إلى إرجاعنا للحياة في كهوف الماضي».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1623 - الأربعاء 14 فبراير 2007م الموافق 26 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً