عقد على مدى عشرة أيام من مطلع فبراير/ شباط منتديات بيئية عالمية في العاصمة الكينية (نيروبي) حيث المقر الرئيسي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي تحتضن مملكة البحرين أحد مكاتبه الإقليمية وهو مكتب غرب آسيا أو ما يعرف بين المختصين باسم «يونب روا».
المنتدى الذي يعنينا بالدرجة الأولى هو منتدى المجتمع المدني العالمي والذي جاء مسبوقا باجتماع اللجنة التنسيقية أو اللجنة المحركة ومتبوعا بالمنتدى البيئي الوزاري العالمي والذي أتيحت هذه المرة للمجتمع المدني فرصة حضوره والمشاركة في فعالياته وإيصال بيانهم وتوصياتهم ووجهات نظرهم لممثلي الحكومات في مناطقهم بالذات وحول العالم عموما.
المنتدى البيئي الوزاري العالمي الذي عقد هذا العام هو الرابع والعشرون بينما يعقد المجتمع المدني منتداه الثامن، إذ بدأ الأول العام 2000 في العام ذاته الذي أعلن فيه برنامج الأمم المتحدة للبيئة شعار «الألفية الجديدة... حان وقت العمل» واستجابت له آنذاك شابة بحرينية، استطاعت إقناع شابين بحرينيين وبدعم من عدد كبير من الشبان والشابات البحرينيين وعدد قليل من الموظفين والمختصين البيئيين ومن بعدهم بضعة موظفين من «اليونب» نفسها تم تدشين أول موقع بيئي على الإنترنت للتوعية البيئية باللغتين العربية والإنجليزية معا. وتأسست في العام ذاته جمعيات ومبادرات شبابية عدة حول العالم.
حضور المنتدى البيئي العالمي للمجتمع المدني هم ممثلون منتخبون عن الإقليم الستة للعالم (بحسب تقسيم الأمم المتحدة) وهي:
أولا: إقليم غرب آسيا، وهو إقليمنا نحن والذي يشمل دول مجلس التعاون الخليجي واليمن والعراق ودول الشام الأربع.
ثانيا: إقليم إفريقيا ويشمل الدول الإفريقية جميعا في إقليم واحد يضم بقية الدول العربية الواقعة في القارة الإفريقية والتي غالبا ما تشكو من التهميش بسبب اختلافها الكبير في ثقافتها ووضعها عن بقية الدول الإفريقية، وتتمنى لو كانت مع شقيقاتها من الدول العربية في إقليم غرب آسيا.
ثالثا: إقليم أوروبا.
رابعا: إقليم أميركا الشمالية .
خامسا: إقليم أميركا اللاتينية والدول الكاريببية.
سادسا: إقليم آسيا والمحيط الهادي.
انتخاب هؤلاء الممثلين تم من خلال منتديات إقليمية للمجتمع المدني كل في إقليمه وبتنظيم وإشراف من المكاتب الإقليمية لبرنامج الأمم المتحدة كل في إقليمه.
في إقليمنا نحن عقد المنتدى في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2006 وامتد ليوم آخر إلى الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الذي نشر فيه مقالي الأسبوعي حوله وفي اليوم نفسه جرت الانتخابات وتم انتخابي ضمن أربعة لتمثيل الإقليم، وراجعنا نص بياننا الإقليمي كمجتمع مدني وكان حينها يحوي ست قضايا جوهرية إحداها الحروب والبيئة. وكنا جميعا راضين أنه أخيرا اعترفت اليونب - كأحد برامج الأمم المتحدة - بالحروب كمصطلح وكواقع وكقضية جوهرية تؤثر على البيئة؛ فكان «الحروب والبيئة» واحدا من أهم المواضيع التي ناقشناها واعتمدناها ضمن بياننا الختامي الذي أرسل الى مقر الأمم المتحدة للبيئة باسم إقليمنا، والذي نوقش ضمن البيانات الستة من خلال اللجنة التنسيقية التي أعدت البيان العالمي للمجتمع المدني من خلال كل تلك البيانات، ولكن للأسف قررت أن تتخلى عن الحروب والبيئة وتستبدلها بعنوان شمل ثلاثة مواضيع معا (أو هكذا حاول) وهو العولمة وخدمات النظام الإيكولوجي ورفاه الإنسان، وليختفي بذلك أيضا محور «الحياة البحرية والبيئة». اختفى بذلك الموضوعان الرئيسيان إلى جانب «المياه والبيئة» الذين أشعرونا جميعا في منتدانا الإقليمي بأهميتهم لإقليمنا وقضايانا لاسيما نحن في الخليج العربي.
عندما حضرنا المنتدى العالمي للمجتمع المدني لم تكن الحرب مدرجة ضمن البيان العالمي للمجتمع المدني، وخلال يومين من العمل المنظم المؤيد من قبل ممثلي «المدني» من أقاليم أخرى من العالم، لاسيما المسحوقة منها والتي تعاني من التسلط الأجنبي أو الآثار السيئة للعولمة، استطعنا معا أن نكتب ورقة خاصة عن الحروب والتسليح والبيئة أضيفت إلى أهم أوراق المنتدى ووزعت في المنتدى البيئي الوزاري العالمي ونوقشت في بعض طاولاته المستديرة.
في افتتاح المنتدى الوزاري حظيت بفرصة نادرة للتحدث كأول متحدث من المجتمع المدني ومن خلال تلك الفرصة قدمت باللغة العربية ملخصا لأهم ما ورد في ورقتنا تلك أشرككم معي فيه لأختتم بخاتمته المقال:
يشدد المجتمع المدني على أهمية التفات الحكومات لقضية الحروب والتسليح أيام الحرب وأيام ما يسمى بالسلم وآثارها الوخيمة على البيئة والإنسان. عولمة الحروب والتسليح تناقض مبادئ كثيرة منها إعلان ريو والأجندة 21 والمعاهدة البديلة للمجتمع المدني 45 في التسليح والتنمية المستدامة التي تم تبنيها في المنتدى العالمي للمجتمع في اجتماع قمة الأرض يناير/ كانون الثاني 1992.
النفقات الهائلة التي تخصص للتسليح تسرق من موازنات الأساسيات الثلاثة للتنمية المستدامة: الأساسيات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن تسبب الحروب في التقويض الكامل لتلك الأساسيات وخلق اللاجئين البيئيين وتدهور مقومات الحياة.
الحروب والاحتلال فرضت على بعض المناطق في العالم أساسا للسيطرة على الموارد الطبيعية وأهمها الأرض والماء والطاقة، إذ يتم إعفاء الأنشطة العسكرية من الالتزام بالقوانين البيئية. إن استخدام اليورانيوم المنضب والأسلحة الخطرة يتسبب بتشوهات وإصابات سرطانية خطيرة لدى أطفال العراق والأجنة قبل أن تولد والأثر مستمر. ولايزال أطفال فلسطين محرومين من حقهم التاريخي الموروث عن أجدادهم في ماء كاف نظيف صحي، فالماء القليل المتوافر لشربهم أقل بكثير من أدنى المعايير الصحية لمنظمة الصحة العالمية، ومنع وزير البيئة الفلسطيني من الحضور معنا اليوم.
يطالب المجتمع المدني الحكومات ان يتم الالتزام بالقوانين البيئية أثناء الحروب وأن يتم وقف استعمال أسلحة الدمار الشامل وأن يحاسب كل من يقوم بذلك بصفته مجرم حرب.
وختاما فإن الصناعات المستدامة يمكن بدؤها ودعمها باستخدام نسبة ضئيلة جدا من موزانات الحروب التي تدمر التربة والماء والهواء والإنسان والحياة عموما.
إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"العدد 1622 - الثلثاء 13 فبراير 2007م الموافق 25 محرم 1428هـ