بعضهم يعمل منظفا للأسماك (مسفّط) وبعضهم يعرض خدماته لمساعدة الزبائن في حمل ما يشترون في الأسواق (حمالي) وبعضهم يجلي الأرض، ويلمع السيرميك والرخام (خمّام)، وبعضهم يقدم الشاي للموظفين وينظف المكاتب (فراش) وبعضهم يحرس المباني والمنشآت (ناطور) وبعضهم يساعد في البناء (كولي)، وبعضهم يطلي الجدران (صباغ) وبعضهم يطبخ في المطاعم الصغيرة والكبيرة (طباخ) وبعضهم يبيع اللحوم (قصاب) وبعضهم يجوب الشوارع مستغرقا كل يومه في بيع السمك (جزاف) وبعضهم «دريول» و «قرصون» و «مطراش» وغير ذلك، كل أولئك هم بحرينيون وُلدوا من طينة هذه الأرض الطيبة، ولايزال البعض يصف البحرينيين بـ «غير الراغبين في العمل» وينعتهم بـ «غير المبالين» وما إلى ذلك من التوصيفات والنعوتات التي لا تنطبق على واقع البحرينيين.

كل تلك المهن الشريفة التي تندي الجباه بحبات العرق الطاهر النقي أقبل عليها البحرينيون برحابة صدر وهم يعلمون أن جيرانهم الخليجيين لا يحبذون وظيفة واحدة من تلك الوظائف، فقفزوا على هذه العقدة ومارسوا كل الوظائف والمهن في بلد يسبح على بحر من النفط، وعلى محيط من الاستثمارات، مارسوا تلك المهن وهم يعلمون جيدا أن فائض موازنة بلادهم وصل في العام 2005 إلى 382 مليون دينار، وقد يصل في العام 2006 إلى 400 مليون دينار، وعلى رغم كل ذلك فهؤلاء في نظر البعض لا يحبون العمل، ولا يكترثون بأرزاقهم، ويتكبرون على الوظائف الدنيا، وبدلا من توجيه النداء إلى الدولة بالاعتناء بهذه الطبقة ومكافأتهم لانخراطهم في هذه الوظائف، لا يجد البعض مهنة إلا توجيه النقد اللاذع إلى هذه الطبقة الكادحة والمكافحة.