العدد 1621 - الإثنين 12 فبراير 2007م الموافق 24 محرم 1428هـ

الأعمال المصرفية الإسلامية... فرصة أم ماذا؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تحوّلت الأعمال المصرفية الإسلامية، التي تستلزم تفادي الفائدة، إلى نشاط واسع خلال الأربعين سنة الماضية. يُطرح سؤال واضح في هذا السياق عما إذا كان بروز تلك الأعمال يفصل أكثر وأكثر المسلمين عن القيم والمبادئ الغربية مُنشئة بذلك قطاعا ماليا منعزلا. ويتمثل الرأي البديل في الآتي: مع تزايد عدد الغربيين الساخطين أو المرتابين من الخدمات المصرفية التي يلقونها، ويعتبرونها غير منصفة أو حتى منافية للمبادئ الأخلاقية، يؤدّي بروز الأعمال المصرفية الإسلامية ذات المبادئ الأخلاقية الخاصة بها في إظهار ناحية أكثر إيجابية للإسلام.

ينظر الكثير من أصحاب المصارف الغربيين إلى الإدارة المالية الإسلامية كظاهرة غريبة أو ربما كفرصة تجارية، ولكن نادرا ما يعتبرونها تهديدا مماثلا للذي يشكّله تطرّف بعض المسلمين.

في الواقع، يمكن اعتبار الأعمال المصرفية والمالية الإسلامية ناحية معتدلة للإسلام تساهم بحدّ ذاتها في إجراء الحوار بين الغربيين والمسلمين.

إنّ المؤسسات المالية التجارية الإسلامية، بما فيها بنك بريطانيا الإسلامي وبنك الاستثمار الإسلامي الأوروبي وبنك لاريبا في كاليفورنيا، تعتبر مؤسسات جيدة في عدد من البلاد الغربية، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المصارف الدولية الرائدة بما فيها سيتي بنك و «HSBC» أمانة والبنك الألماني و «USBC» في سويسرا، كلها تقدّم ودائع إسلامية وتسهيلات مالية تتناسب مع الشريعة.

لقد جرت الكثير من الحوارات بين المصرفيين الغربيين العاملين في تلك المؤسسات وعلماء الشريعة الذين يعظون بما هو مباح وما هو غير مباح. يمتد هذا الحوار ليشمل التأمين، إذ أصبحت المؤسسات الإسلامية ناشطة بشكل كبير، وتتمثّل ميزتها الخاصة في عدم الالتزام بقيود تقليدية خاضعة للفائدة وأنّه لا يمكن مزج أموال وأرباح صاحب الأسهم التي يدفعها حاملو وثيقة التأمين، الأمر الذي قد يؤدّي إلى استغلال الأوّل لمصيبة الأخيرين.

كون الشريعة تختص بالكون، بالمبادئ المُلهمة إلهيا بدلا من القوانين الوطنية، أصبحت المؤسسات القانونية الدولية البارزة بدورها منخرطة في الأعمال المصرفية والمالية الإسلامية، إذ إنّه على العقود أن تُصاغ وفقا للقانون الإنجليزي أو الأميركي بما يتوافق مع الشريعة.

في الواقع، تتمثّل المهمة الرئيسية لأعضاء لجنة الشريعة الذين يعملون في مجالس إدارات المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية التي تقدّم المنتجات الإسلامية، في التأكّد من توافق العقود الجديدة مع مبادئ الشريعة، وفي حال لم تتناسب معها، يجب إجراء حوار مع المحامين فيما يتعلّق بالتعديلات وإعادة الصوغ.

يطمح الكثير من الإسلاميين إلى استبدال القوانين التي وضعها الإنسان بالشريعة. إنّ هكذا طموح، وكالعادة، غير مقبول بالنسبة إلى غالبية غير المسلمين وفي الواقع للكثير من المسلمين أيضا كونه لاغي الخيار.

يمكن للأعمال المصرفية والمالية الإسلامية أن تحدّد السبيل للمضي قدما: يتعلّق الأمر بتوسيع الخيارات وليس بالحدّ منها. وكون كل مؤسسة تتمتّع بمجلسها الخاص بالشريعة، فقد تم تخصيص الخضوع للشريعة في الواقع، بدلا من كونها مسألة قانون دولي. في الواقع، يقوم كل مجلس للشريعة بإصدار الفتاوى الخاصة به أو الأحكام الدينية، الأمر الذي يوسّع الخيار في معرض الأفكار الدينية. إنّ الدين، بكل تأكيد، يزدهر في ظل ظروف تنافسية وينطبق ذلك على الإسلام.

يمكن اعتبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية مثالا على عدم وجوب تشجيع تنمية الأعمال المصرفية والمالية الإسلامية. فهناك، خضعت جميع الأعمال المصرفية إلى الشريعة ابتداء من قانون الفائدة. لقد تم إصدار الأعمال المصرفية الحرّة العام 1983. وبالتالي، ليس أمام زبائن المصارف خيار غير استخدام نظام الشريعة. ومع ذلك، فإنّ المصارف حكومية وتتمتّع بالقليل من الاستقلالية حتى في تحديد ما يجب أن تقدّمه من ودائع ومنتجات مموّلة. كما أنه ليست لديها لجان للشريعة بحجّة أنّ ذلك غير ضروري كون القانون يضمن الخضوع للشريعة في جميع الأحوال.

نتج عن ذلك نمو بطيء في تطوّر الأعمال المصرفية والقليل من الابتكار المالي، كما أنّ غالبية الإيرانيين لا يملكون حسابات مصرفية.

في المقابل، من ناحية الخليج العربي وماليزيا، حيث تتنافس المصارف الإسلامية والتقليدية، تقدم المصارف الإسلامية خدمات مميزة، بالإضافة إلى قاعدة متزايدة من الزبائن.

إن أعمال المصارف الإسلامية مستمرة، وهي فرصة وليست تهديدا، كما تتمتّع بمستقبل مزدهر، ولكن هناك ثغرات معيّنة مثل عدم وجود مصرف إسلامي في «إسرائيل» لكي يقدّم الخدمات للشعب المسلم هناك. ولكن إذا ما وافق «بنك إسرائيل المركزي» على إنشاء هكذا وحدة، فقد يبرهن عن نية حسنة. كما قد يشجّع الشعب اليهودي هناك على التساؤل عما إذا كانت أعمال مصارفهم الخاصة متوافقة مع التعليمات الدينية المنصوص عليها في التوراة.

أخيرا، تتعلّق الأعمال المصرفية والمالية ببروز شكل إسلامي خاص من الرأسمالية التي قد تتماشى وتتواصل مع الرأسمالية الغربية والصينية والروسية أو أي رأسمالية أخرى. يجب الترحيب وتسهيل هكذا نمو وليس إعاقته أو قمعه.

*مدير دراسات ما بعد التخرّج في معهد الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية التابع لجامعة درهام. مشارك في تحرير «السياسات المالية الإسلامية» وكاتب مساعد في الاقتصاد الإسلامي، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1621 - الإثنين 12 فبراير 2007م الموافق 24 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً