الأشهر والأيام التي سبقت سقوط نظام صدّام حفلت بشخصية استطاعت أن تسرق الأضواء وتشد الكثيرين، ألا وهو وزير الإعلام السابق محمد الصحاف الذي كثرت تصريحاته وحربه الكلامية ضد أميركا وحلفائها حيث إن عباراته الشهيرة مازالت ترن في الأذن مثل «سنقتل جميع العلوج» و»لن يدخلوا بغداد أبدا» و»إننا سننتصر».
وبعد دخول الدبابات الأميركية بغداد واقتحامها لمبنى وزارة الإعلام، يتفاجأ الجميع بأن صاحبنا ولى «الدبر» وخلف ورائه ملابسه العسكرية، واعتقد البعض حينها أن أميركا لن تغفر له تطاوله عليها وستسعى جاهدة للنيل منه، لكن نفاجأ أن صاحبنا لم يكن ضمن المطلوبين الاثنين والخمسين والمرسومين على ورق اللعب «البته»، بل إن الأعجب من ذلك إعلان الصحاف نفسه بعد خروجه من العراق أنه قام بتسليم نفسه للقوات الأميركية طواعية، وأنه جرى إطلاق سراحه سريعا بعد استجواب قصير.
بهذه البساطة، تكرر المشهد مع نسخة جديدة في القرن الإفريقي إذ وصل الرجل الثاني في «المحاكم» الشيخ شريف شيخ أحمد إلى اليمن لاجئا، بعد تسليم نفسه طواعية للسفارة الأميركية في كينيا، في حين أنه كان قبل سقوط «المحاكم» على أيدي القوات الإثيوبية والحكومية بدعم أميركي يكيل التهديد لكل أولئك الأطراف ويتوعدهم بالويل والثبور. مثل هذه الشخصيات تعاملت أميركا معهم على أنهم مجرد «ظاهرة صوتية» لا تغير من الحال شيئا، مما يستدعي مراجعة للخطاب الإعلامي العربي بالابتعاد عن الثرثرة الفارغة ،والتعامل مع الحقائق بواقعية.
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1620 - الأحد 11 فبراير 2007م الموافق 23 محرم 1428هـ