العدد 1618 - الجمعة 09 فبراير 2007م الموافق 21 محرم 1428هـ

البدايات القوية

فوزية مطر comments [at] alwasatnews.com

أُشهر الاتحاد النسائي وأعقب ذلك مباشرة دخول البحرين حومة الانتخابات النيابية والبلدية.

اليوم يلتفت المجتمع للاتحاد منتظرا البدايات القوية التي ستمهد لأدوار ومهمات مستقبلية كبرى. حينما تحركت قطاعات المجتمع لتأطير نفسها في كيانات مؤسسية تميز المسعى لتوحيد العمل النسائي الأهلي ببذل جهود كبيرة استغرقت زمنا مديدا. فمنذ تأسيسها في الخمسينات الفائتة ضمّنت الجمعيات النسائية أهدافها هدف تأسيس اتحاد نسائي يجمعها. وفي السنوات الأخيرة مر إشهار الاتحاد بمخاض عسر ليخرج حديثا للنور ويغدو واقعا قائما. ما بُذل من مساع طوال العقود المنصرمة، وما بُذل من عمل دؤوب في السنوات الأخيرة، يؤكد ضرورة أن يكون الاتحاد النسائي واقعا قائما وفاعلا في الوقت ذاته. فاعل بمعنى موجود على الساحة المجتمعية البحرينية بشكل ملموس، يؤدي الدور المرتقب منه في المراحل الراهنة والمستقبلية، ساع لتحقيق الأهداف التي قام من أجلها، مؤثر ضمن الحراك المجتمعي على مختلف أوجهه. الاتحاد النسائي مؤسسة أهلية حديثة التأسيس، ولكي يكون فاعلا كما نرتجي حري به أن يضع أقدامه الثابتة على أرض صلبة ويبدأ بدايات قوية.

البدايات القوية دافع للاستمرار بالقوة ذاتها في الأداء والعطاء، وهي مؤشر على توقع حضور دائم ومؤثر على الساحة المجتمعية، والبدايات القوية تعني الروح المفعمة بالحيوية والمبادرات الخلاقة لمجلس إدارة الاتحاد وأجهزته ولجانه، كما تعني التحرك باتجاه وضع الاستراتيجيات وخطط البرامج التنفيذية.

كما أن البدايات القوية تعني ربط الجمعيات النسائية المنضوية في الاتحاد بخطط البرامج والمشروعات وتوزيع المسئوليات بينها، فمثلا تُكلف جمعية بمتابعة ملف الأحوال الشخصية وأخرى بملف التمييز والعنف ضد المرأة وثالثة بملف التمكين السياسي ورابعة بملف عمل المرأة أو تعليم المرأة وغير ذلك من قضايا حقوقية وفقا لموقعها على جدول الأولويات. وهكذا فالبدايات القوية تعني أيضا الإمساك بزمام الأولويات المرحلية وجدولتها وفقا لأهميتها في كل مرحلة. والبدايات القوية تعني عدم الانشغال - في مستهل عمر الاتحاد - بالمسائل الفرعية على حساب الأساسيات كالانشغال - مثلا - بالحضور الخارجي للاتحاد (مؤتمرات/ لقاءات) على حساب انجاز عمل داخلي حقيقي لصالح المرأة البحرينية.

وأخيرا فالبدايات القوية تعني تفعيل تغطية إعلامية كافية وافية لفعاليات الاتحاد وأنشطته المركزية العامة أو الفرعية في إطار الجمعيات النسائية.

ولكيلا نبدو كمن يحلق في فضاء الأحلام والأمنيات علينا الانطلاق من الواقع الموضوعي الذي وُلد الاتحاد النسائي في حضنه. وهو واقع مجتمعي عام وواقع ذاتي خاص بالجمعيات المكونة للاتحاد. أما الواقع المجتمعي فكونه اتحادا نوعيا لعدد من الجمعيات المنضوية في كنفه، فهو يقع تحت طائلة قانون الجمعيات الأهلية الصادر العام 1989 بكل ما يحمله القانون المذكور من عراقيل ومعيقات كفيلة بالحد من فاعلية الدور القيادي للاتحاد النسائي لعموم العمل النسائي الأهلي. كما أن المملكة لم تزل تفتقر لقوانين أساسية ذات علاقة بأوضاع المرأة البحرينية كقانون الأحوال الشخصية، ولم تزل تعمل بقوانين تحتاج بعض نصوصها لتنقيح وتعديل بما ينصف المرأة كقانون الجنسية وقانون العمل وقوانين وأنظمة التقاعد والإسكان والرعاية الاجتماعية وغيرها. هذا بالإضافة إلى ما تظهره عديد المؤشرات أن المزاج المجتمعي العام ذا السمة الذكورية لا يتجه بشكل فعلي وجاد نحو النهوض بالمرأة وتمكينها، ما يتطلب من الاتحاد النسائي الحفر في الصخر لبلوغ أهدافه. الاتحاد النسائي سيعمل في ظل واقع مجتمعي مليء بالأشواك.

أما على مستوى الواقع الذاتي الخاص فليس بخاف ما تواجهه الجمعيات النسائية الأعضاء في الاتحاد من صعوبات تعوق فاعلية دورها ودرجة تحقيقها لأهدافها. الجمعيات النسائية قديمها وجديدها - مثلها مثل كل المؤسسات الأهلية التطوعية - تعاني من قلة الإمكانات البشرية، فالأعضاء الناشطون فيها يعدون على أصابع اليد. ولم تنجح أي من هذه الجمعيات في وضع وتنفيذ برنامج محرز لاستقطاب أعضاء جدد. ذلك مما يطرح أهمية اعتماد آليات جديدة في إدارة العمل التطوعي تسمح بتوظيف عناصر تسهم في تسيير العمل وتنفيذ الخطط. وتعاني الجمعيات النسائية في عمومها من نقص في الإمكانات المادية اللازمة لتنفيذ البرامج وتحقيق الأهداف مما يتطلب اجتراح سبل للاستثمار الذاتي الضامن لضخ الأموال المطلوبة. وبوجود جهة رسمية مسئولة عن كل ما يتعلق بالمرأة البحرينية ممثلة في المجلس الأعلى للمرأة، يبدو من الأهمية بمكان تفعيل درجات متقدمة من الشراكة التكاملية بين الطرفين الرسمي والأهلي. كما تبرز ضرورة فتح قنوات التواصل بين الاتحاد النسائي والسلطة التشريعية خاصة اللوبي النسائي فيها.

ومن العوامل التي نحسبها جوهرية فيما يمكن أن يحققه الاتحاد من نجاحات ضرورة تحرر مجلس إدارته من أي عمل تطوعي آخر. ونظن أن تخفيف - إن لم نقل إنهاء - المهام المناطة بأعضاء المجلس الإداري في جمعياتهم شرط أساس لتوقع إنتاجية فاعلة للاتحاد. باختصار نطمح أن يتسنم الاتحاد دوره القيادي للعمل النسائي الأهلي متخطيا أي عثرات قد تهمّش دوره وتبعده عن دائرة الفعل. وأمامه بعض التجارب الحية كالتجربة العمالية ليستفيد من ايجابياتها ويتحاشى سلبياتها. وبظننا أن أهم المَحكات هنا هو قيادة الاتحاد للجمعيات النسائية باتجاه ردم الفجوة وتحقيق مزيد من الاقتراب بين مؤسسات العمل النسائي وعموم النساء.

إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"

العدد 1618 - الجمعة 09 فبراير 2007م الموافق 21 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً