توالت أمس ردود واتصالات القرّاء الكثيرة على مقال « المنامة...وبيئة مزرية» مما يدفعنا إلى معاودة الكتابة مرة أخرى عن حال عاصمتنا المنامة لكن من زاوية أخرى وهي إنّ المنامة ليست الوحيدة من العواصم الخليجية التي تعاني من طوفان اسمه « عمالة الوافدين الأسيويين»غير أننا ونحن أهل البلد لا نريد استنساخ نسخة إمارة دبي في هذا الجانب الذي يمسح هويتنا ويلغيها بحجّة الطفرة العمرانية التي حلّت علينا مثل اللعنة, وجعلت من الغني أكثر ثراء وقضت على الطبقة المتوسطة التي أصبحت تصارع البقاء بينما الفقير ازداد فقرا.
هذا هو واقع مجتمعنا اليوم في البحرين، وواقع المجتمعات الخليجية الأخرى إلاّ أنّ حكومات تلك الدول عالجت الموضوع بزيادة رواتب مواطنيها وأخرى حلولا قصيرة المدى وبالتالي لا يشعر مثلا المواطن الإماراتي بأيّ فرق في ظل الطفرة وموجة الغلاء مقارنة بالمواطن البحريني الذي يفكّر ألف مرة قبل أنْ يصرف ما في جيبه إنْ كان لغير احتياجاته اليومية.
إنّ الخلل في جلب هذه الأعداد البشرية، وتفاقم أعدادها بشكل مخيف في السنوات الأخيرة تعلله بعض الجهات المسئولة بالبحرين، وعلى لسان مسئوليها بأنه يعود إلى الطفرة العمرانية التي تشهدها البلاد حاليا حالها حال دول الخليج الأخرى, وبالتالي فإنّ إكمال المشروعات الاستثمارية المختلفة ملزم بتوقيت زمني معيّن مما يقتضي إلى زيادة عدد العمالة لإنجاز هذه الأبراج والمدن بمختلف أنواعها وهي التي في الغالب لا تأتي لصالح المواطن بل لصالح أفراد طبقة غنية ومتنفذة.
أيضا إطلاق مثل هذه التصريحات ينذر بوجود مشكلة حقيقية داخل مجتمعنا الصغير الذي انتقلت إليه عدوى إمارة مثل دبي والأخيرة أصبحت اليوم بلا هوية, مجرد أبراج ومدن إسمنتية, لكن ولد البلد في هذه الإمارة أصبح غير معروف؛ لأنه وللأسف لا يتعدّى « خرم إبرة» وبالتالي فهويته باتت في مهب الريح؛ لانّ كل ما يشيّد حوله هو لصالح مَنْ يقطن هذه المدينة من الأجانب ولاسيما الآسيويين ( الغالبية) الذين هم أيضا من سيستخدمون قطارات التنقل المنتظرة داخل هذه المدينة لا المواطن (الأقلية) الذي سيصرّ على استخدام السيارة بدلا من أنْ يجلس قرب عامل يُعاني من مشكلة روائح العرق وزيت جوز الهند (مع الاعتذار)...
لذا فإننا نأمل من الجهات المعنية بالدولة إعادة النظر في أعداد العمالة الأجنبية وتحديد أماكن وجودها, لأن وجودها بكلّ تأكيد لن يسهل العملية على مفتشي بلدية المنامة، وهي لن تكون الوحيدة المختصة في هذا الجانب بل ضرورة أنْ يزيد العدد من خلال إدراج مفتشي الصحة وشرطة المجتمع في عملية الضبط وحتى نجعل جميعا من بيئة المنامة أكثر نظافة وأكثر جمالا.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2246 - الأربعاء 29 أكتوبر 2008م الموافق 28 شوال 1429هـ