برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة نظم ندوة ضمن سلسلة من الندوات عن «حوار الحضارات» مساء الاثنين الماضي (27 اكتوبر/ تشرين الأول 2008)، وكنت مع المفكر فهمي هويدي قد شاركت في الندوة التي حملت عنوان «الإعلام والتواصل الحضاري بين الشعوب العربية والإسلامية». ولأنني نشرت مداخلتي التي ألقيتها في الندوة، وجدت من المناسب أن أنشر بعضا مما جاء في مداخلة هويدي.

فقد تناول هويدي جوانب عدة مشيرا إلى أن دور الإعلام تغير في وقتنا الحالي. ففي الماضي كان للإعلام دوره في نشر الأخبار، والترويح، والتعليم، ولكن ثورة الاتصالات جعلت من كل شخص منبرا إعلاميا بحاله، وبالتالي فإن دور الإعلام تغير. فبعد ثورة الاتصالات أصبح بإمكان المنابر الإعلامية (كل شخص يمكن أن يكون منبرا إعلاميا) أن تحشد الناس، وأن تقول الكثير من الصحيح أو الخطأ، وهذه المنابر زحفت على دور الأحزاب السياسية التقليدية وأضعفتها.

وقال هويدي إن الاستبداد يدفع الناس إلى التسفّل (النزول الى الدرجات السفلى)، بينما الحرية تدفع الناس إلى الرشد، والإعلام الذي يتحرك في مجتمع متسامح يختلف عن الإعلام الذي ينشط في مجتمع استبدادي، وفي عالمنا العربي فإن الإعلام بصورة عامة جزء من السلطة السياسية وليس سلطة رابعة مستقلة، وأما وزراء الإعلام في بلداننا العربية فإنهم يعملون كموظفين لدى وزارات الداخلية، ووزراء الداخلية العرب هم الوحيدون الذين يجتمعون على شيء ويخرجون باتفاق مشترك منذ تأسيس الجامعة العربية حتى الآن.

وبالنسبة إلى طبيعة المعارضة في عالمنا العربي، قال هويدي إن كل نظام يخلق المعارضة التي يستحقها. وعقّب على تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي بشأن «الخطر الشيعي على المجتمعات السنية»، قائلا إن هذا يوضح كيف أن الإعلام أدى إلى سوء الفهم بين الناس بدلا من التواصل، إذ إن المقابلة التي أجراها القرضاوي في سبتمبر/ أيلول الماضي (مع صحيفة «المصري اليوم») كانت طويلة جدا، ولكن الإعلام نسي كل شيء وركز على ستة أسطر من المقابلة وأخرجها بشكل يناسب الذين يحاولون إشغال شعوبنا العربية عن قضاياهم المصيرية المتمثلة في فلسطين والتنمية والاستبداد. وعتب هويدي على الإعلام العربي الذي لم يوفر فرصة للحوار والتعامل مع الموضوع بشكل عقلاني، وذلك لأن الإعلام يتأثر بدرجة النضج الديمقراطي.