يقول مثل شعبي: «إذا قال ثلاثة للمرء إن رأسك غير موجود فليتحسسه»... ينطبق هذا على الرئيس بوش وزمرته. فمنظمات وهيئات وشخصيات بارزة ودول معتبرة كثيرة رأت أن أي هجوم على إيران سيكون كارثة حقيقية، الخاسر الأكبر فيها المعتدي نفسه والأبرياء في المنطقة. الزعيم العراقي البارز عبدالعزيز الحكيم أطلق نداء محايدا من طهران دعا فيه إلى محادثات بين إيران والولايات المتحدة من أجل تهدئة التوترات وهو يعلم الحساسية المفرطة بين البلدين. وبالتزامن مع ذلك حذرت منظمات خيرية وإنسانية وإسلامية ومعاهد أبحاث ونقابات عمالية بريطانية من مضاعفات الحرب على طهران، وحثت المجتمع الدولي على فعل أي شيء يمكن أن يمنع وقوع مواجهة عسكرية في ضوء تصريحات راديكالية أطلقها نائب بوش، ديك تشيني لم يستبعد فيها مثل هذا الهجوم واختطاف الدبلوماسي الإيراني في بغداد. وهكذا تسعى واشنطن إلى إحداث وقيعة بين الجمهورية الإسلامية وجيرانها. بيد أن أميركا مجبرة وليست مخيرة على اتخاذ هذا الموقف العدائي. فأمن «إسرائيل» فوق كل مصلحة إذ إنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالوصول إلى البيت الأبيض عبر الانتخابات، وكذلك تأمين مصادر الطاقة.

ومع ذلك لن تستطيع واشنطن بدء العدوان فهي مهيضة الجناح الآن جراء جرحها النازف في العراق وأفغانستان وماليتها المتدهورة (الحرب تتطلب 239 مليارا دولار العام الجاري). ولذلك فإن أي تهديد بالقوة لا يعدو كونه زوبعة في فنجان، فالدولة العظمى «مكرهة وليست بطلة» تجاه استراتيجيتها هذه والجمهورية الإسلامية متيقنة من ذلك وبالتالي فلن يضير السحاب نباح الكلاب.