العدد 1616 - الأربعاء 07 فبراير 2007م الموافق 19 محرم 1428هـ

قضايا غير رسمية أمام القمة الكويتية البحرينية (3/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وأخيرا نصل إلى ثالثة الأثافي، وهي الآفاق المفتوحة على الصعيد الإجتماعي: هنا يمكننا الحديث عن ثلاث قضايا أساسية، الأولى هي واقع الطبقة المتوسطة في البلدين. إذ تحتل الطبقة المتوسطة في الكويت والبحرين مساحة واسعة من تركيبة الهرم الإجتماعي تنامت على الصعيدين الكمي والكيفي بفضل الثروة النفطية التي عرفها البلدان - وإن كانت بشكل متفاوت - والطفرات المالية التي رافقتها منذ منتصف الستينات في الكويت وأوائل الثمانينات في البلدين على حد سواء. ثاني تلك القضايا، ان هذه الطبقة تميزت بنيلها القسط الأوفر من التعليم، مقارنة مع سائر القوى الإجتماعية الأخرى في المجتمعين، خلال النصف القرن الأخير من القرن الماضي، الأمر الذي أتاح لها فرصة ذهبية للإحتكاك بالتيارات السياسية التي هبت على المنطقة العربية خلال تلك الفترة والتحولات الإجتماعية التي عصفت بها، وأهلها كل ذلك لممارسة دور قيادي سياسي في الحركات والأحزاب التي انتشرت في المنطقة العربية أثناءها، وخصوصا في تلك الأحزاب التي تأثرت بالحركة التنويرية العالمية بما فيها مختلف التيارات اليسارية. ثالث تلك القضايا وأكثرها أهمية الدور الريادي الذي مارسته هذه الطبقة في صفوف السلطة والمعارضة على حد سواء، إذ خرجت من بين صفوف تلك الطبقة قيادات سياسية أثرت وما تزال تؤثر بشكل ريادي في التحولات السياسية التي عاشتها المنطقة خلال العقود الستة الماضية من حياتها السياسية.

هذه الطبقة وفي كلا البلدين بدأت تتعرض، ومنذ منتصف التسعينات، لعمليات إقصاء وإضمحلال، وإن يكن بوتيرة بطيئة، إلى درجة باتت تهدد بتجاوز الخطوط الحمراء التي كانت تشكل صمامات أمان إستقرارها كطبقة، الأمر الذي يهز أركان الإستقرار الإجتماعي، ومن ثم التعايش الإجتماعي الذي كان يعم البلدين، بغض النظر عن بعض الهزات السياسية التي قادتها تلك الطبقة في البلدين، والتي لم تهدد في أي يوم من الأيام التناغم الإجتماعي الذي كان يسودهما. ينعكس هذا الإقصاء والإضمحلال على تلك الطبقة في هيئة إحباطات مصدرها شعور هذه الطبقة بضربات متلاحقة حرمتها من الإستمتاع بالحد الأدنى من حقوقها ومكاسبها على الصعد كافة: إجتماعية كانت أم إقتصادية أم سياسية.

يزداد الأمر سوءا عندما يترافق ذلك مع حال تشظ تنتشر بوتيرة سريعة في شرائح تلك الطبقة فتدفع بالعليا منها نحو الطبقات الأعلى من سلم الهرم الإجتماعي وتقذف بالسفلى نحو تلك العتبات التي تقبع قي قعر البناء الإجتماعي. يتم ذلك على نحو تعسفي يتنافى مع التحولات المنطقية التي عادة ما تقوم بإعادة بناء تركيبة الطبقة الوسطى من دون أي تهديد لمتطلبات الإستقرار الإجتماعي المطلوب لأية عمليات تطوير ونمو تحتاجها التحولات الإجتماعية التي عادة ما تمارس دورها الإيجابي في الحفاظ على التناسق المطلوب بين القوى الإجتماعية المؤثرة في مجتمعي البلدين، ومن ثم التعايش السلمي بين قواه الإجتماعية المختلفة.

ولابد من التنويه هنا إلى أن أخطر الهزات التي يمكن أن تهشم أركان البناء الإجتماعي، وعلى نحو عشوائي قد يصل إلى مستوى العبثية، هي التحولات الإجتماعية غير المؤطرة والتي تحدث بشكل فجائي ناجمة عن أسباب، خارجية أو داخلية، لاتسير وفقا للخط البياني التطوري الذي يفترض أن يسلكه أي مجتمع يبحث عن تطور تدريجي يتناغم مع منطق التاريخ وقوانينه.

وإلى أن ياتي ذلك اليوم الذي تحظى فيه الطبقة الوسطى بالاهتمام الذي تستحقه، تبقى هذه الطبقة برميل بارود قابلا للإنفجار في أية لحظة تمتد نحوه أي يد، خارجية أم داخلية، لتشعل فتيلة، أو بالأحرى بركان خامد قابل للإنفجار والثورة بشكل تلقائي عند أي اهتزاز يتعرض له.

تلك كانت القضايا غير الرسمية التي نأمل أن تكون قد وضعت على قائمة المحاور غير الرسمية في جدول أعمال القمة البحرينية الكويتية، والتي لايمكن فصلها عن بعضها البعض بحيث تجري مناقشتها على نحو متتابع. فهي متداخلة إلى درجة عميقة ترغم من يتناولها على معالجتها بشكل متواز ولكن متزاوج في آن.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1616 - الأربعاء 07 فبراير 2007م الموافق 19 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً