على الصعيد الاقتصادي يصبح المجال واسعا للحديث هنا عما هو مشترك بين القطرين الشقيقين (البحرين والكويت)، على أنه في البدء لابد من التنويه إلى أنهما لا يقفان، على قدم المساواة من حيث الإمكانات الاقتصادية على مستويي الدولة وكذلك القطاع الخاص. فالدخل النفطي الكويتي يبلغ أضعاف شقيقه البحريني، كما أن القدرة المالية والاستثمارية التي بحوزة القطاع الخاص الكويتي تفوق كثيرا تلك التي يمتلكها القطاع الخاص البحريني، لكن هناك في تجربة التعاون الاقتصادي القطري البحريني الكثير مما يمكن أن يستفاد منه في مسيرة التعاون الاقتصادي بين البحرين والكويت.
والخطوة الأولى على هذا الطريق هي المساعدات الاقتصادية التي يمكن أن تقدمها الكويت للبحرين، والتي يمكن أن تتم عبر مؤسسات القطاع العام مثل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي قدم قروضا سخية للبحرين كان آخرها ذاك الذي تم بشأن مشروع ميناء خليفة بن سلمان والذي بمقتضاه سيتم تقديم 17.5 مليون دينار كويتي الى حكومة البحرين، مع العلم أن جملة القروض التي حصلت عليها البحرين من الصندوق تبلغ الآن أكثر من 1700 مليون دولار. لكن، ومن وجهة نظرنا، نعتقد أن هذا المبلغ زهيد إذا ما قورن بالقروض التي تقدمها الكويت، عبر الصندوق ذاته، لدول عربية (غير خليجية) أخرى مثل المغرب وبشروط ميسرة، إذ أبرم صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربي في مارس/ آذار الماضي اتفاقا يقرض بموجبه المغرب 106 ملايين دولار لتمويل مشروع لبناء طريق سيار يربط بين مراكش وأغادير، وجاء في بيان الاتفاق الصادر يوم الثلثاء 14 مارس أن القرض يهدف إلى تحسين خدمات النقل في النقاط الرئيسية في شبكة الطرق الرئيسية لاستيعاب تزايد حركة المرور. وأضاف أن القرض منح بفائدة 4.5 في المئة سنويا وسيسدد على مدى 22 عاما مع السماح بمهلة سداد من دون فوائد من خمس سنوات.
والمطلوب من البحرين هنا البحث عن فرص استثمارية مغرية بوسعها أن تجذب الصندوق نحو المنامة، وخصوصا أن استثماراته واستثمارات صناديق كويتية أخرى وبمئات الملايين من الدولارات لا تقف عند حدود الدول العربية. تكفي الإشارة هنا إلى الدعم المالي الكويتي لبلغاريا من خلال القرض الممنوح من صندوق التنمية الكويتي لانشاء مطار صوفيا الجديد الذي كان جزءا من خطة متكاملة لدعم الصندوق الكويتي مشروعات بلغارية اخرى ترتبط بالبنية التحتية البلغارية.
لكن هناك أيضا صناديق الاستثمار التي تعود ملكيتها أو جزء من ملكيتها إلى القطاع الخاص الكويتي والتي للبعض منها تمثيل تجاري في البحرين مثل بيت التمويل الكويتي وبيت التمويل الخليجي والتي لاتزال بعض المشروعات التي وعدوا بها أسيرة عراقيل البيروقراطية الإدارية التي لا تملك ما يبررها.
وفي سياق الحديث عن دور القطاع الخاص، يذكر أن الدور الذي ينبغي أن يناط بغرفة تجارة وصناعة البحرين التي قادت عملية التعاون الناجحة بين قطر والبحرين، نلمس غيابه عن خريطة العمل الكويتي البحريني المشترك.
إن أمام البحرين فرصة تاريخية اليوم كي تضع امام مؤسسات الاستثمار الكويتية مجموعة من المشروعات الاستثمارية الناجحة التي بوسعها، وينبغي، أن تعود بالخير على الطرفين: الكويت من حيث العائد المالي الذي يتحقق من الاستثمار، والبحرين التي هي في أمس الحاجة إلى سيولة مالية وبشروط ميسرة تعينها على الخروج من عنق الزجاجة الذي يحيط بالكثير من المشروعات الاستراتيجية التي تملكها أو تملك جزءا منها الدولة.
ليس المقصود هنا سرد مجموعة من تلك المشروعات، فمثل هذا العمل بحاجة إلى دراسات علمية متأنية قادرة، بفضل جدواها، على جذب رأس المال الكويتي للبحث عن فرص استثمار ليست بالضرورة ذات دورة قصيرة ومردود ربحي سريع. فالمطلوب هنا علاقة استثمارية طويلة المدى تتولد عنها مشروعات اقتصادية ناجحة ومثمرة تعود بالفائدة على الاقتصاد البحريني ورأس المال الكويتي على حد سواء.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1615 - الثلثاء 06 فبراير 2007م الموافق 18 محرم 1428هـ