موضوع مكافحة التدخين لا يطرح لمجرد الاستهلاك الإعلامي، بل إنه اليوم أصبح ظاهرة عالمية ومحلية عامة يجب الحد من تفاقمها في مجتمعنا.
ولا ندري كم منا يعلم حقيقة التدخين الذي يحارب في السنوات الأخيرة وبقوة داخل المجتمعات الغربية، بينما نحن هنا في البحرين ودول عربية أخرى نرحب به، بل ونسعى إلى الحفاظ عليه على أساس أنه جزء من «التراث والتقاليد» عبر فتح مقاهٍ تحيي تراثا قاتلا.
لا تعد محاولات الحظر وتوعوية المجتمع بمضار التدخين وليدة السنوات الأخيرة بل هي محاولات ممتدة لقرون ماضية يرجعها البعض إلى النظرة العنصرية للهنود التي سادت بعد اكتشاف الرحالة كريستوفر كولمبوس للتبغ في العام 1492، وطبقا للروايات التاريخية فقد كان هنود جزر الهند الغربية التي تعرف حاليا بجزيرتي كوبا وسانت دومينغو يعتقدون أن للتبغ فوائد طبية وقد مورس التدخين في طقوسهم الدينية ولهذا الغرض نقله الأوروبيون إلى أوروبا.
لكن في العام 1608 طالب جيمس الأول بعد توليه العرش البريطاني في خطاب بوقف التدخين قائلا «أيها الناس ما الذي يدعونا إلى تقليد أولئك الهنود المتوحشين الذين لا يعبدون إلها، في عاداتهم القذرة، تلك العادة المؤذية للعين، المزعجة للأنف، المضرة للمخ، الخطرة على الرئة، وكأن ذلك الدخان المرعب برائحته السيئة ينبع من حفرة لا قعر لها».
التبغ الآن يباع ومتوافر في كل مكان للصغير قبل الكبير، وعلى رغم أن مسألة الحد من نشر عادة التدخين هي ليست بالمسألة السهلة، فإن البحرين ملزمة اليوم مع دول مجلس التعاون الخليجي بالعمل على توعية الناس بمضار التدخين ومحاولة حظره في الأماكن العامة على الأقل، ولن يكون عذرا على الجهات المعنية بالدولة من متابعة الأمر وخصوصا أن جميع هذه الدول موقعة على الاتفاق الإطاري العالمي لمكافحة التدخين.
نحن هنا لا نريد كلاما إنشائيا وحملات صغيرة تدوم أسبوعا أو أسبوعين بل نريد حملات طويلة المدى تتماشى مع الخطة التي بدأت في تطبيقها وزارة الصحة منذ العام 2005 والتي أثرها مازال محدودا بين الناس وربما يستدعي الأمر تكثيف الحملات الدعائية بالتعاون مع أكثر من وسيلة إعلامية بما فيها الصحف وإعلانات الشوارع من خلال توجيه رسالة إلى المجتمع عن مدى إضرار هذه العادة وكيف هي تشكل عبئا على جيب متناوليها، وعلى خزينة الدولة في حال إصابة أي من مواطنيها بمرض مسرطن.
قد لا يعرف المدخنون أن الإدمان لا يقاس على كمية السجائر والتبغ المستهلك، فمهما كانت درجة التدخين خفيفة، متوسطة، أو عالية فالمدخن هو مدمن بكل الأحوال على مادة النيكوتين على رغم شيوع اعتقاد أن تدخين السجائر هو عبارة عن عادة يعتادها المرء ويمكنه التخلص منها متى شاء، وبكل سهولة متى توافرت الإرادة. لكن الحقيقة الثابتة علميا تقول: «إن مادة النيكوتين في السجائر عبارة عن مادة شديدة الإدمان» (بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية) وهي لا تقل في شدتها عن إدمان مادة الهيروين.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1614 - الإثنين 05 فبراير 2007م الموافق 17 محرم 1428هـ