في هذا المجال المهم قمت بزيارة في 20 يناير/ كانون الثاني 1977 للمدير العام لوزارة الإعلام اللبنانية رضوان مولوي وقد حل محل الصديق رامز الخازن والذي عرفته بدءا من العام 1968 وحتى تركي الإعلام في العام 1976 وسأعود إلى الحديث عن الزميل رامز بعد ذلك وهو رجل الرئيس سليمان فرنجية ورامز يقيم في جونية وقد زرته في منزله عدة مرات والتقيت عنده شيخا مارونيا جليلا طاعنا في السن اسمه كمال حبشي وقال إن عائلته هاجرت من اليمن إلى لبنان ضمن قبائل يمنية منذ عصر بعيد وقد أفدت كثيرا من الزميل رامز في استجلاء كثير من الأمور السياسية والإعلامية بحكم منصبه الحساس والمهم في بلاد تسوده طوائف وجبهات وأحزاب.
رضوان أخبرني أنه ربطته علاقة وطيدة بالمرحوم الأديب إبراهيم العريض والذي ألقى عدة محاضرات في الجامعة الأميركية في بيروت خلال حقبة الخمسينات والستينات بل والسبعينات وكان المؤرخ اللبناني المرحوم نقولا زيادة قد أشاد إلى ذلك في مناسبة تأبين المرحوم إبراهيم العريض في البحرين كما ربطته علاقات أيضا قوية بابنه جليل العريض وأنه على صلة وتواصل معه. ثم بادرته بحقيقة النشرة الإعلامية الموحدة والتي تعبر وتنطق باسم الدولة اللبنانية انها حقيقة اتفق عليها الطرفان المسلم والمسيحي إلا أن المفاجأة أن إذاعة عشميت التابعة للجبهة اللبنانية قد أذاعت نشرة إعلامية مختلفة للنشرة الرسمية بوزارة الإعلام وهذا أدى إلى زيادة الخلافات بين الجانبين المسلم والمسيحي مع أن الزعماء المسلمين قد قيدوا تحركاتهم السياسية على الساحة اللبنانية وكانوا أكثر التزاما بالاتفاق الإعلامي من الزعماء المسيحيين. ومن الأمور التي كانت محل خلاف بين الجانبين التجديد لقوات الردع في لبنان كل ستة شهور الجانب المسيحي رأى عدم ضرورة ذلك على عكس الجانب المسلم الذي يرى أنه في مصلحة لبنان. وأحرى بالمسيحيين تأييد بقاء قوات الردع وهي في معظمها قوات سورية فلولا تدخلها العسكري لتعرض المسيحيين وقواتهم لهزيمة منكرة على أيدي قوات الأحزاب الإسلامية اليسارية وتحدثنا عن اللجنة الرباعية المتعلقة بوجود قوات الردع في لبنان. والمسيحيون على وجه الخصوص قلقون جدا من التواجد الإعلامي الفلسطيني على الساحة اللبنانية لأنه يأخذ طابعا سياسيا متطرفا بعيدا عن الموضوعية لذلك لابد من الحد منه أو تقييده والفلسطينيون يتمسكون بممارسة هذا النشاط لأنه يخدم القضية الفلسطينية وهم يدعمون مطالبهم الإعلامية هذه استنادا إلى مؤتمرات الأقطاب العربية والتي سمحت لهم بممارسة نشاط إعلامي محدود وفي أضيق الحدود وهو محصور في تقديم البرامج الإذاعية الفلسطينية طبعا من خلال البث الإذاعي في الإذاعات العربية ووجهة النظر الفلسطينية الرسمية تقول إنه من الصعب الفصل بين السياسة والإعلام والقضية الفلسطينية في جوهرها سياسية وهم حريصون على مراقبة النشرات والمجلات الفلسطينية المهم هم ضد تحويل هذه المكاتب إلى دكاكين إعلامية غير مسئولة كما يقول الجانب الإعلامي الرسمي وفي هذا الإطار تحضرني في تلك الفترة دعوة رياض طه نقيب الصحفيين اللبنانيين للسفراء العرب ورؤساء البعثات العربية لحضور اجتماع مهم في دار النقابة وقد أثار استهجان الجسم الدبلوماسي العربي في لبنان. وللخروج من هذا الإشكال وسوء الفهم ولزيادة التفاهم مع الجسم الصحافي في لبنان وهو أمر هام وحساس. إلا أن السفير المصري قد دعانا في 27 يناير 1977 إلى اجتماع في سفارته وأذكر أن رياض طه قد سعد بلقائنا لأن الأمر يتعلق بأمر خطير يتعلق بسيادة لبنان واستقلاله وقال إن لدى نقابته معلومات أكيدة بوجود أكثر من مائتي خبير إسرائيلي في مختلف الميادين بما فيها الميدان العسكري وهؤلاء الخبراء بطبيعة الحال يقيمون في المنطقة الشرقية المسيحية وزياراتهم تتم دائما في مدينة جونية المسيحية الساحلية وقد تملك أخيرا فيها الكثير من البحرينيين الكثير من الشقق في ساحل علما. وقلنا له إن كثيرا من الصحف الغربية قد تطرقت منذ مدة إلى تنامي التعاون الأمني والعسكري بين «إسرائيل» والقوات اللبنانية المسيحية وطلبنا من نقيب الصحافة اللبنانية على أن يبحث هذا الأمر مع إلياس سركيس رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك وسليم الحص رئيس الوزراء وكمال الأسعد رئيس مجلس النواب وأن هذه أمور سياسية تمس أمن وسيادة لبنان وأفاد بعض السفراء العرب في هذا اللقاء أن حنا سعيد وهو عسكري من الجبهة اللبنانية المسيحية له اتصالات قوية مريبة مع «إسرائيل» كما أنه يمنع الضباط المسلمين من تولي مناصب هامة في وزارة الدفاع اللبنانية. وأذكر انه في صباح 26 يناير 1977 وهو يوم مهم وحاسم حيث قامت قوات الردع السورية بفرض حالة استنفار عسكرية بصورة كاملة وتم إغلاق الطريق البحري وأقامت على منافذ معظم الطرق المؤدية إليه الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش كما أن الطرق المؤدية إلى منطقة بيتي في الرملة البيضاء غير سالكة كما يقول الصحفي اللبناني المرحوم شريف الأخوي وهو الطريق الذي أسلكه صباحا وظهرا خلال توجهي إلى عملي في مقرها في بئر حسن إذا تغير طريق مسارنا ليصبح التفافا إلى منطقة صابرا وشاتيلا ومدينة الرئيس كميل شمعون الرياضية وهكذا وصلت إلى سفارتي متأخرا ساعة كاملة وقد واجه هذا الإشكال كل رؤساء البعثات في إيابهم ومآبهم إلى سفاراتهم أو مقر إقامتهم وكان الدكتور سليم الحص رئيس وزراء لبنان آنذاك قد منع موكبه الرسمي من المرور في تلك المنطقة خلال تلك الفترة الصباحية وعاد أدراجه من حيث أتى. في هذا اليوم كما ذكرت المصادر الأمنية المتوافرة قد تم في صباحه ومسائه احتلال الثكنات العسكرية في المنطقة الغربية والتي كانت محتلة من عناصر المتمردين ومنها ثكنة فخر الدين التي تطل عليها البناية التي أقطنها، وكذلك ثكنة فردان وثكنة الحلو ومع المداهمات العسكرية تلك فقد تم الاستيلاء على كثير من الأسلحة وبعضها ثقيل كما أن الملازم أحمد الخطيب قائد الجيش العربي كما يطلق على نفسه قد تم اعتقاله من قبل قوات الردع السورية ورحل إلى سوريا وهو موقوف هناك كما أن القائد المسيحي بركات قائد القوات المسيحية قد اقتيد أيضا إلى سوريا إلا أن المصادر الرسمية لم تؤكد أو تنفي ذلك.
إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"العدد 1612 - السبت 03 فبراير 2007م الموافق 15 محرم 1428هـ