أعلنت شركة غلوبل كونكشن لتنظيم المعارض حديثا أن أكثر من 30 شركة متخصصة ستشارك في معرض المباني الذكية الذي سيقام في 12 مارس/ آذار المقبل ويستمر لثلاثة ايام. وقال مدير المعرض ربيع بوشاهين ان المعرض يجمع كبرى الشركات تحت سقف واحد لعرض احدث الخدمات وطرح آخر الافكار في مجال الابنية الذكية وفي نظم ادارة المباني والشركات المتخصصة في استخدام هذه النظم في قطاعات الطاقة والتكييف وانظمة المراقبة اضافة الى المكاتب الاستشارية والاستثمارية والهندسية. وذكر بوشاهين ان المباني الذكية قد دخلت في عالم الحفاظ على أمن المنشات الحيوية والممتلكات الخاصة سواء الاستثمارية منها او التجارية.
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أنه سيشارك في معرض المباني الذكية خبراء ومهنسون ومستثمرون ومطورو المشروعات ومديرو العقارات والمتخصصون من مختلف القطاعات الاقتصادية كالمصارف والمصانع والمراكز التجارية والمستشفيات والفنادق ورجال الاعمال والافراد واصحاب القرار في وزارات الدولة والشركات الخاصة والمؤسسات اضافة إلى قطاعي الامن والسلامة وامن المنشات الحيوية.
ويبدو أن هناك اتجاها متزايدا نحو الأخذ بهندسة المباني الذكية يسود الأوساط الكويتية ذات العلاقة. ففي مطلع الشهر الماضي إقترح عضو المجلس البلدي المهندس عادل الخرافي الاخذ بنظام المدن والمباني الذكية (SAMART CITY & BUILDING)، وقال في هذا الصدد: تشهد الكويت تطورا عمرانيا تأخر كثيرا حتى بدأ ينهض ونلمس نموه وحركته المتنامية، ولقد لمست بحكم رئاستي لجمعية المهندسين الكويتية روح الشباب واماله واحلامه التي يعبر عنها قطاع عريض من زملائي اعضاء الجمعية حتى تصبو امالهم الى ابداع عمراني يساهم في انشاء مدن حديثة يطبق من خلالها نظام المدن والمباني الذكية يستخدم فيها احدث التكنولوجيا التقنية والرقمية في التصميم والتعمير.
واضاف الخرافي ان هذا هو التوقيت المناسب إذ تشهد الكويت حاليا انشاء مدن حضرية حديثة مثل مدن جابر وسعد وصباح والحرير والصبية وغيرها من المدن مستقبلا، مشيرا الى ان فكرة نظام المدن والمباني الذكية من قبل المهندس مزيد عبدالله المطيري رئيس رابطة المعماريين بجمعية المهندسين الكويتية. ودعا الخرافي الى الاخذ في الاعتبار تطبيق واستخدام نظام المدن والمباني الذكية في التصميمات الهندسية على ان يوضح نظام يساهم في تخطيط تلك المدن ويساعد على تحقيقه من خلال وضع دراسة شاملة للموضوع.
وبدأت تقنية الإتصالات والمعلومات العاملة في المنطقة تدرك تنامي هذا الإتجاه وتهيء نفسها له. ففي منتصف العام 2005 أعلنت شركة سيسكو سيستمز ( Cisco Systems) عن تنظيمها لسلسلة ندوات في المملكة العربية السعودية، خاصة بأنظمة ربط العقارات، وذلك ضمن مبادرتها الجديدة تحت عنوان «المباني الذكية».
وتقوم فكرة المباني الذكية على بناء نظام إلكتروني متكامل تتتجمع فيه كافة أنظمة إدارة المباني ضمن بنية تحتية موحدة متعددة الخدمات التي تقدم ليس فقط الاتصالات الهاتفية والفيديو والمعلومات وإنما تتيح أيضا ربط كافة أنظمة الإدارة في المباني في شبكة واحدة، ويعتمد هذا النظام في الأبنية الحديثة كحاجة ضرورية مثل التجهيزات الخاصة بالماء والكهرباء والغاز.
وأوضحت «سيسكو سيستمز» خلال تلك الندوات التي أقامتها حينها لمالكي الأبنية والشركات المتخصصة بتطويرها بالحصول على نماذج أنظمة جديدة خاصة بإدارة الأبنية، وتوفر هذه الأنظمة خدمات عديدة للسكان تتضمن السرعة العالية في الوصول إلى الإنترنت والاتصالات الموحدة عبر بروتوكول الإنترنت والحلول اللاسلكية وأنظمة الحماية الشبكية والمادية وأنظمة المراقبة الخاصة بالمكاتب بالإضافة إلى أجهزة الاتصال النقالة وتعزيز وسائل الصحة والحماية والأمان للمقيمين في المباني ما يوفر فرصا مغرية لزيادة قيم المباني والدخل الناتج منها.
وتهدف أنظمة «المباني الذكية» إلى توفير أنظمة حماية دائمة، إذ أظهر تحليل خاص بمدة صلاحية الأبنية أنه أول ثلاثة أقسام من عمر المبنى تتطلب 25 في المئة من حجم الإنفاق على أنظمة الحماية بينما يتطلب القسم الأخير(التشغيل والصيانة) 75 في المئة من الكلفة الإجمالية.
وتنامت فلسفة الأخذ بهندسة المباني الذكية على الصعيد العالمي بعد احداث 11 سبتمبر/ ايلول، إذ أثارت تلك الأحداث ومن قبلها أحداث المركز التجاري في أوكلاهومو مدى أهمية، بل وضرورة توفر أنظمة حماية متطورة قادرة على إستكشاف كل ما يدور في المبني المقام على هندسة المباني الذكية من تحركات بما فيها تلك التي يقوم بها سكانه، ناهيك عن الزوار الذين يرتادونه. حينها، وبينما كان الكثير من من المهندسين المعماريين يتفحص الحطام، كان بعضهم يقر انهم لو تدارسوا التكنولوجيات النامية للتأقلم مع الخطر والتهديد الجديدين، لكان في وسعهم تجنب مثل تلك الكوارث قبل وقوعها، وربما تصبح لديهم القدرة والوقت الكافي لدرئها. ولكن هل من الممكن ان فن العمارة سيتعرض لتغير جذري بعد احداث سبتمبر؟ يعتقد اريك اورن وهو معماري في كاليفورنيا ان على المباني الجديدة ان تبين تواضعا وحذرا أكثر وان تكون ذات ادراكية اجتماعية واقل تعجرفا.
وبالنسبة للكثير من المعماريين، فإن حوادث اوكلاهما 19 ابريل/ نيسان 1995 عندما انفجرت قنبلة في سيارة متوقفة امام البناية الفيدرالية في ولاية اوكلاهما مؤدية لمقتل 168 شخصا غطت على كل شيء وكانت هذه المأساة مؤشرا على ان على المباني الحكومية ان تكون أقل عرضة للخطر دون التضحية بسهولة دخولها ومنظرها. وسيظهر البناء الجديد الذي سيحل مكان القديم انه يمكن للمباني الحكومية ان تكون محمية دون ان تكون مثل الحصن، وانيقة دون ان تكون فاخرة. وحول هذا الموضوع بالذات يمكن العودة إلى رؤية بول دورتي لفن العمارة الأميركي والتي كانت شبيهة بالخيال العلمي. ولكن افكاره حول المباني الذكية التي تديرها كومبيوترات اخذت تفوز برضا العديد من المعماريين والشركات التجارية الضخمة.
ومع ان الكثير من المعماريين مكتئبون فهو يصر على ان النظم الامنية المدمجة مع تكنولوجيا المعلومات يمكن ان تكون الجزء الخفي من تصميم جميل. وبصرفه لكاشفات المعادن والحواجز الاسمنتية وكاميرات الرقابة فهو يتصور مباني ذكية تستخدم ماسحات متطورة للكشف عن المجرمين وانظمة الكترونية توجه الموظفين لمناطق آمنة للسلامة في المباني المرتفعة في حالة الحريق وغيرها من الطوارئ.
وكأداة لجعل المباني اكثر امنا، فتكنولوجيا المعلومات توفر الوعد والخطر بنفس الوقت، اذ يراها البعض على انها اهانة لمجتمع حر ولتقاليد المعماري الانسانية، بينما يفضلها اخرون على الكلاب التي تشم بحثا عن المتفجرات والحرس المدججين بالاسلحة.
وستمكن تكنولوجيا المعلومات المباني المتطورة من القيام بمهام كان يقوم بها الناس سابقا. وكما اصبح زبائن المصارف يفضلون استخدام آلة النقد الآلية عوضا عن التعامل مع موظف، سيتفوق الأمن التكنولوجي على الاتصال الانساني في بعض البيئات في القرن الواحد والعشرين.
والبناء بذكاء سيعني ايضا تخفيف الدمار والتآكل على هذا الكوكب. ومن المحتمل ان تدفع الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون بالإضافة للتقلبات في الشرق الأوسط الى إنتاج التكنولوجيات السليمة بيئيا مثل انظمة التهوية الطبيعية واللوحات الشمسية والماء المكرر.
ومنذ حدوث الهجمات تبين ان هناك نوعين من المباني هي عرضة للظروف الجديدة: وهي ناطحات السحاب والمجمعات التي انتشرت في الآونة الاخيرة. وخلال ساعات بعد الحدث ادعى بعض المعلقين ان ابراج مركز التجارة العالمي المرتفعة هي التي جعلته هدفا لتنظيم القاعدة. وبالإضافة الى ذلك فقد اعاق ارتفاع الابراج عمليات الانقاذ.
لكن هذه الادعاءات كلها كانت سابقة لآوانها، اذ ان خطة دونالد ترمب لبناء مبنى مرتفع في وسط شيكاغو آخذة بالتقدم، مع انه تم خفض الارتفاع الاصلي من مائة طابق الى 78 طابقا. وفي الصين يستمر بناء مركز العالم المالي الذي سيرتفع 94 طابقا. والآن في الكثير من المدن الاوروبية والأميركية فإن فن العمارة ليس المباني التجارية الضخمة مثل ابراج مركز التجارة العالمي، وانما متاحف فنية جديدة وقاعات حفلات وغيرها من المعالم الحضارية التي اعتبرت مرارا حافزا اقتصاديا للمراكز المدنية. لكن الأهم من ذلك أنها تقوم على نظام ذكي قادر على رصد ومتابعة كل ما يدور فيها من انشطة وعلى وجه الخصوص منها أنشطة زوارها غير المقيمين فيها على نحو دائم.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1611 - الجمعة 02 فبراير 2007م الموافق 14 محرم 1428هـ