العدد 2245 - الثلثاء 28 أكتوبر 2008م الموافق 27 شوال 1429هـ

لبنان... الصلح خير

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من أهم الأخبار السياسية أمس لقاء أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، ما اعتبر فرصة ثمينة لمراجعة المرحلة السابقة من أجل استيعاب تداعياتها في جو من الصراحة والانفتاح.

صحيفة «الحياة» اختارته خبرا للجزء الأعلى من الصفحة الأولى، بينما اختارته «الشرق الأوسط» للجزء الأسفل. أما صحفنا المحلية، فتباين اهتمامها به بين خبر أو إشارة أعلى وأسفل الصفحة الأولى، ورحّلتاه صحيفتان أخريان إلى الصفحات الدولية. والمأمول أن ينعكس اللقاء على لبنان استقرارا وتوحدا، وخصوصا مع ما سرّبه الإسرائيليون من تهديدات، بوضع خطة تدمير شاملة لكل لبنان في أية حرب مقبلة، كما حدث للضاحية الجنوبية.

البيان المشترك أشار إلى أن اللقاء «كان مناسبة لمراجعة مبدئية للمرحلة السابقة»، وهي صياغةٌ دبلوماسيةٌ للتعبير عن الرغبة في تجاوز مرحلة صعبة ملآى بالشكوك والآلام، في تاريخ العلاقات بين الطرفين. وأبرز إعلام الطرفين (المرئي والمقروء) تأكيد البيان على «الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، واستمرار التواصل الثنائي وتشجيع مناخات الحوار، والتمسك باتفاق الطائف وتطبيق اتفاق الدوحة». وكأشقاء عرب، ينزل مثل هذا الخبر على القلوب كالماء البارد في يومٍ صيفي خانق.

اللقاء يَعِدُ بفتح صفحةٍ جديدةٍ في العلاقات، ستنعكس إيجابا على الوضع اللبناني العام، من حيث الحفاظ على السلم الأهلي ومنع التوتر والتشنج الداخلي، وتعزيز مناخات الحوار عبر خطوات التهدئة في الشارع وفي وسائل الإعلام. ومع ذلك لم يرفع الطرفان سقف التوقعات، وحرصا على طمأنة حلفائهما، بعدم مساس اللقاء بتحالفاتهما استباقا للانتخابات المقبلة، فالأهم في هذه المرحلة، درء الفتنة بغض النظر عن الخلافات السياسية.

اللقاء لم يُولد بسهولةٍ ويسر، وإنما مرّ بمخاضٍ عسير، وتأخرت ولادته لأكثر من عامين، تصاعد خلالهما الخلاف السياسي ليعبّر عن نفسه بطرق مختلفة، من انسحاب وزراء المعارضة من الحكومة، والاعتصام في الشارع، إلى الاحتكاكات اليومية بين أنصار التيارات، انتهاء بالصدامات والاشتباكات. وهو ما عقّد الأزمة حتّى استعصت على أهل الدار، فاحتاجت إلى تدخل دول الجوار لتعطي الضوء الأخضر للحل في الدوحة.

أحد أخطر عناصر التأزيم، كان نقل الخلافات من مجالها السياسي وتحويلها إلى خلافات مذهبية، لتوريط الطوائف وإدخالها في نفق جديد من الصراعات الطائفية التي لا تنتهي. فمهما اشتدت الخلافات وتباينت الرؤى السياسية، من شأن السياسيين أن يجدوا حلولا، أما عندما يتم تحويلها إلى نار وأحقاد وضغائن، فيحتاج إطفاؤها إلى سنواتٍ لتندمل الجروح. وأهمية اللقاء الأخير أنه يوفّر الأرضية المطلوبة لحصر الخلافات في إطارها السياسي، وتجاوز مرحلة اللعب بنار الطوائف والعصبيات.

«السفير» عنونت أمس صفحتها الأولى بـ «التلاقي مجددا من أجل الغد»، ومع ذلك هناك أطرافٌ ستقف ضد الاتفاق، وستعمل على إسقاطه إن استطاعت، لأنه ببساطة يهدّد مصالحها الشخصية والفئوية الضيقة التي تكون دائما على حساب الوطن. هؤلاء يقفون في طوابير الفتن، ويتقدّمون الصفوف لإشعال الحرائق المذهبية؛ ولا يعجبهم تقارب الحريري ونصرالله، ولا التقاء الشيخ راشد المريخي والسيد عبدالله الغريفي؛ ولا توقيع اتفاق شرف بين الرجال، يحقن دماء المسلمين السنة والشيعة. استحوذ عليهم شيطان الفتنة فأنساهم مصلحة الأمة... ألا إن حزب الفتنة هم الخاسرون.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2245 - الثلثاء 28 أكتوبر 2008م الموافق 27 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً