موضوعان اثيرا في البحرين قبل ايام احدهما ما نقل عن كاتبة بحرينية عن وجود أسلحة في المآتم، وأما الثاني فهي قضية خطيب إيراني جاء إلى البحرين للمشاركة في إحياء المآتم ولست أدري - بهذه المناسبة - لماذا لا يكتفي البحرينيون بخطبائهم فهم في اعتقادي جيدون وقادرون على القيام بمهماتهم - هذا اعتقادي والله أعلم -.
أما لماذا أصبحنا نرى القضيتين في منظار واحد فلأنهما وقعا في دائرة الاتهام الطائفي في الأسبوع الماضي فأصبح ذلك الخطيب أخا للكاتبة في هذه التهمة التي لاقت نفيا أو محاولة تبرير من كلا الأخوين...
الكاتبة البحرينية قيل إنها اتهمت المآتم الشيعية في البحرين بأنها تقوم بتخزين الأسلحة في تلك المآتم، ولأن هذا الاتهام يؤجج الطائفية في البحرين ويهدد الوحدة الوطنية - كما يقول أصحاب هذه المآتم - فإنهم اجتمعوا ووحدوا صفوفهم وهددوا القائلة باللجوء إلى القضاء إذا لم تعتذر صراحة عن تلك الاتهامات أو تنفيها جملة واحدة...
الكاتبة نفت ما نسب إليها كما قال أصحاب المآتم وقالت إنها ذكرت أن هناك أقوالا تنسب وجود أسلحة في بعض المآتم في دول الخليج وليس في البحرين تحديدا... وكما فهمت - حتى تاريخ كتابة هذا المقال - أن أصحاب المآتم استمروا على إصرارهم وتهديدهم غير أبهين بحقوق «الجنس اللطيف».
أما ذلك الخطيب الإيراني فقد اتهم بأنه أساء لخليفة المسلمين أبي بكر وقيل انه اتهمه بما يسيء إليه في خطبة ألقاها في أحد المآتم البحرينية... النائب محمد المزعل نفى هذه التهمة عن ذلك الخطيب، واتهم الترجمة الخاطئة، فالخطيب - بحسب المزعل - أورد اسم الصحابي «أبو ذر» وليس «أبو بكر» وأورد هذا الاسم في معرض تأكيده أن المذهب الشيعي ليس صفويا - كما يقال هذه الأيام - وإنما هو مذهب ذو جذور عربية تمتد لمئات السنين...
الأخبار تقول إن النائب استطاع تسوية الخلاف مع وزير الداخلية، ولكن هذه الأخبار لم تتحدث عن الشيء الأهم وهو هل يستطيع النائب تسوية هذه المسألة مع عامة السنة في البحرين اذا صح ما نقل عن الخطيب؟.
أترك الأخوين مع تمنياتي أن يصلح الله حالهما وحال الأمة كلها، هذه الأمة التي تنهال عليها الضربات من كل ناحية، وأعظم هذه الضربات تأتيها من أبنائها ومن مختلف طبقاتهم ومستوياتهم... أترك الأخوين وما قيل عنهما لأتحدث - باختصار - عن جوهر المشكلة لأن ما قيل لم يفاجئني لا قليلا ولا كثيرا فقد سمعت مثله كثيرا هنا وهناك... ما قالته الكاتبة سمعته، فقد ترددت أقاويل كثيرة عن وجود أسلحة مهربة لشيعة السعودية وصيغت هذه الأقاويل على صور متنوعة، وقبل هذا القول ذكر عن شيعة الكويت وربما قيل عن وجوده في أماكن أخرى، وبطبيعة الحال إذا قيل هذا الكلام فمن البديهي أن يعرف الجميع لماذا يقال هذا الكلام وعن الهدف من وجود تلك الأسلحة التي يتم الحديث عن وجودها... وما ينسب عن بعض الشيعة من إساءتهم لأبي بكر وسواه ليس جديدا أيضا فهذه المسألة تتردد بين أوساط معظم السنة، ولكن يبقى السؤال أيضا، لماذا تثار الآن تحديدا ؟ ولماذا هذه الحساسية ؟ ولماذا تشتد هذه الأيام ؟
كل الذين يعرفونني في السعودية أو البحرين يعرفون مدى اهتمامي بكل ما يقرب بين السنة والشيعة ويعرفون - أيضا - حجم الأعمال التي أقوم بها في هذا السبيل ومنذ سنوات طويلة إيمانا مني بأن هذا التقارب يصب في مصلحة الطائفتين بل ويصب في مصلحة المسلمين عموما، ويقوي مواقفهم أمام العالم كله لأن بعض قوى هذا العالم تحاربهم جميعا وتريد إضعافهم - بل موتهم - جميعا. أقول هذا القول - لمن لا يعرفني - كيلا يكون في الذهن أنني منحاز فيما أقول لطرف من الأطراف...
لابد من القول إن الحوادث في العراق أوجدت تباعدا هائلا بين الطائفتين السنية والشيعية، وإن الإبادة الواقعة هناك وعلى الهوية غيرت كثيرا من المفاهيم التي كانت تسود عند قطاع كبير من أهل السنة عن الشيعة وبالتالي فكل ما يقال هذه الأيام من طائفة عن الأخرى يأخذ أبعادا قد لا تكون حقيقية لأن سوء الظن هو المقدم دائما في تفسير كل - أو معظم - ما يقال ولعل ما قيل عن الكاتبة البحرينية والخطيب الإيراني يقع ضمن هذه الدائرة...
ليس المهم أن نثبت أن الشيعة عربا أو غير عرب، فمعروف أن المذهب الشيعي نشأ في أحضان العرب ثم أصبح له أتباع من العرب وسواهم، أما وصف أتباعه - أو بعضهم - في العراق بأنهم «صفويون» فلأن ما يردد هو ان هذه الدولة أساءت للسنة كثيرا عند قيامها وما قيل عن إساءة الحكومة العراقية للسنة هو الذي جعل البعض يصفونهم بـ «الصفويين» كما جعل تلك المعاملة تباعد بين الطائفتين...
المهم هنا ليس تبادل التهم فهذه لا تخدم أحدا ولكن المهم بحث كل سبل التقارب الحقة بين الطائفتين وبإخلاص وتجرد وبعيدا عن الكلام العام الذي لا يحقق أي هدف مما تحدثنا عنه، أما مجرد القول بالتقارب وعدم وجود خلاف حقيقي بين الطائفتين والحديث عن الوطنية فهذا كله لم يعد كافيا ولن يكون قادرا عن تحقيق التقارب الحقيقي بين الطائفتين...
العلماء عليهم المسئولية الأولى وكذلك الساسة أما العامة فهم تبع لعلمائهم وهم وقود هذه الخلافات... كل العقلاء ينتظرون عملا إيجابيا وسريعا وحقيقيا فهل نراه قريبا؟ أرجو ذلك.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 1608 - الثلثاء 30 يناير 2007م الموافق 11 محرم 1428هـ