تتواصل الاشتباكات بين أنصار حركتي «فتح» و «حماس» في قطاع غزة، على رغم جهود الوساطة السعودية والمصرية. وتفيد التقارير سقوط قتلى وجرحى من الطرفين وأكثر منهم من الأبرياء الذين لا ينتمون إلى أيٍّ من الفريقين، وجريمتهم الوحيدة أنهم فلسطينيون يعيشون على أرضهم.
الأمر الذي تتجاهله الحركتان هو الانهيار الاقتصادي المحدق ببلادهم في حال استمرار هذا الاقتتال العبثي، الذي قد تكون آثاره أكثر تدميرا من تلك التي تركها الحصار الذي فرضته «إسرائيل» على الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة «حماس» منذ تسلمها السلطة.
فقبل اندلاع الاقتتال، وعندما كان العدو الصهيوني يطوق أراضي السلطة، أعلن رئيس جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لؤي شبانة، أن آثار الحصار بدأت تظهر بشكل أساسي في الربع الثالث من العام 2006. واعتبر شبانة العام 2006 بمثابة عام نكسة إدارية تنموية للسلطة الوطنية كمؤسسة تميزت بحدوث تغييرات جوهرية في مستوى المعيشة والتعامل مع التنمية. وأشار إلى تراجع الخدمات الاقتصادية المقدمة إلى المواطنين؛ بسبب الحصار المفروض على الحكومة الحالية. ووصف شبانة العام 2006 بأنه عام بطالة للشباب، إذ بلغت نسبة البطالة بين الفئة العمرية من 20 إلى 24 عاما 39 في المئة من النسبة الإجمالية البالغة في العام الجاري 24 في المئة بزيادة نسبتها 7 في المئة على العام 2005.
وأدى عدم تمكن الحكومة من دفع الرواتب حينها لنحو 165 ألف موظف مدني وعسكري، إلى إضراب مفتوح لمعظم موظفي القطاع العام استمر في قطاعات التعليم والصحة نحو شهرين، بينما واصل حينها نحو 35 ألفا من العاملين في باقي مؤسسات السلطة إضرابهم عن العمل؛ بسبب عجز الحكومة عن دفع كامل رواتبهم.
انخفض الاقتصاد الفلسطيني بنحو 10 في المئة خلال الأشهر الستة بعد تولي حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السلطة وقطع الدول المتبرعة الكبرى المعونة المباشرة.
وقال تقرير صدر عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء إن «إجمالي الناتج المحلي في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة انخفض بنسبة 8.9 في المئة في الربع الثالث عما كان عليه في الربع الثاني الذي انخفض فيه بما يقدر بنسبة 1.3 في المئة».
حينها توقع اقتصاديون فلسطينيون وغربيون انخفاضا أكبرَ في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى زهاء 25 في المئة خلال العام نتيجة لتجميد المعونة الغربية. وقدر رئيس سلطة النقد الفلسطينية أن إجمالي الناتج المحلي انخفض بنسبة 15 إلى 18 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2006.
وأشار تقرير منفصل أصدرته - في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي - وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين إلى أن استهلاك الفرد انخفض 12 في المئة، كما زاد عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في «فقر مدقع» بنسبة 64 في المئة.
وبات من اللافت للنظر خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي أيضا تداول فكرة الرغبة في الهجرة بين شرائح متعددة من المجتمع الفلسطيني، كان من ضمنها خريجو الجامعات والحرفيون والعمال البسطاء؛ نتيجة انهيار الأوضاع الاقتصادية وتردي الأحوال المادية بفعل الحصار المشدد وظروف الحياة الصعبة التي تعيشها قطاعات سكانية واسعة في قطاع غزة.
ومن جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة رابطة الخريجين الجامعيين في غزة سالم أبوصلاح أن السنوات الخمس الماضية ضاعفت أعداد الخريجين العاطلين عن العمل في القطاع وحده إلى نحو 20 ألف خريج وخريجة، من بينهم نحو 100 خريج من حَمَلة ألقاب درجات علمية عليا. وأضاف «بحكم احتكاكي بالخريجين العاطلين عن العمل، لمست أن هناك رغبة جامحة لدى قطاعات واسعة من الخريجين في الهجرة؛ للبحث عن عمل إن توافر لهم ذلك».
وحذر أبوصلاح القيادة الفلسطينية من المخاطر المجتمعية التي ستنجم عن تكدس أعداد الخريجين الذين تقذف بهم الجامعات الفلسطينية سنويا في ظل تقلص وانعدام فرص تشغيلهم أو استيعابهم في أيٍّ من المؤسسات الفلسطينية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1608 - الثلثاء 30 يناير 2007م الموافق 11 محرم 1428هـ