لو تسنّى للبعض منّا التجول في المنامة القديمة ولاسيما عند باب البحرين وشارع الشيخ عبدالله وصولا إلى النعيم, فإننا بلا شك سنشعر غرباء في وطننا المكتظ بكم بشري هائل من شبه القارة الهندية والدول المجاورة لها.
وبالتالي فإن مسألة تنظيف شوارع وأزقة المنامة مع سوقها القديم هي مهمة ليست سهلة؛ لأن كل من يقطن في عاصمتنا أجانب, غرباء, مختلفون عنّا في كل شيء, وأغلبهم من خلفيات اجتماعية وتعليمية متدنية، وهو ما يعني أن موضوع النظافة والحفاظ على البيئة هو موضوع نسبي لهذه الفئة من الآسيويين التي واقعا تشكل الغالبية العظمى من سكان المنامة... والنظافة (مع الاعتذار) لا تأتي ضمن ثقافتهم أو عاداتهم.
وللعلم فإن عاصمتنا يقطنها 250 ألف شخص, يشكل منها المواطنن ثلاثين ألفا فقط أما الباقي هم من الأجانب من مختلف الجنسيات.
في حين ينقسم الأجانب القاطنون فيها إلى مجموعتين هما العمالة السائبة (فيري فيزا) وعمال المقاولات. هؤلاء وبحسب ملاحظات مفتشي البلدية وحتى الزائرين لشوارع سوق المنامة القديمة ترى منهم مَنْ هو جالس يبيع دجاجا مسروقا وآخر يعمل مسبكا ونجارا وحدادا وأيّ مهنة تريدها تجدها داخل هذه الشوارع, وداخل البيوت القديمة ترى العجب العجاب... منهم مَنْ أوجد له مصنعا للخمور وآخر فتح بابه للدعارة وآخر صنع له تماثيل لإقامة الصلاة في معبده رغم وجود معبد هندوسي كبير يتوسط المنامة منذ القدم، هذا إضافة إلى عناوينهم المختلفة... إلخ.
للأسف لا سوق المنامة ولا أزقتها أصبحت تستهوي البحريني الأصيل كما كان في السابق وذلك بسبب الطفرة في أسلوب الحياة, فهجر المنامة أهلها الأصليون وبقي القليل منهم، كما هي المباني القديمة الآيل بعضها للسقوط لتكون مرتعا للآسيويين من كل شكل.
كل ذلك يدفعنا إلى القول بأن حجم المسئولية الملقاة على بلدية المنامة التي نعلم مدى جديتها في تطبيق القانون مقارنة بالبلديات الأخرى في المحافظات الخمس, هي مسئولية كبيرة؛ لأن عملية ضبط المخالفين تحتاج إلى مترجم وإلى وضع لافتات باللغات الآسيوية المختلفة داخل المنامة وحتى ضواحيها مثل القضيبية والحورة والسلمانية, رغم أنه حتى ذلك قد لا ينفع بسبب أن الغالب منهم أمّي لا يعرف القراءة!
كما ان عدد المفتشين العاملين في ضبط المخالفات المعنية برمي القمامة ومخلفات البناء بشكل عام غير كافٍ وهو بحاجة إلى زيادة في هذا الجانب، إضافة إلى مد جسور تعاون مع وزارات أخرى ذات علاقة مثل الصحة والداخلية والتجارة لأنها جميعا تستطيع أن تساهم في عملية الضبط الذي قد يحد من تفاقم المخالفات المختلفة التي كثير منها أضرّ ومازال يضرُّ بالمنامة، هذه المدينة التي تمثل واجهة البحرين التاريخية.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2245 - الثلثاء 28 أكتوبر 2008م الموافق 27 شوال 1429هـ