العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ

إندونيسيا تواجه مشكلاتها الاقتصادية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

زرت جاكرتا في الفترة ما بين 18 و22 يناير/ كانون الثاني الجاري للمشاركة في المؤتمر التأسيسي للمنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين. حقيقة، هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها اندونيسيا التي تعد أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان. يقطن في إندونيسيا 238 مليون نسمة ويمثل المسلمون 87 في المئة من مجموع السكان.

لم أفوت الفرصة على رغم علمي بعرض السفر قبل يومين لا أكثر. وقطعت تذكرة السفر على حسابي، بيد أنه تولت جهات في إندونيسيا كلفة الضيافة داخل جاكرتا. وما زاد إصراري على السفر إلى جاكرتا هو وجود جالية اندونيسية في بلادنا، وبالتالي قررت انتهاز الفرصة بغرض معرفة جانب من الثقافة السائدة في إندونيسيا.

التحديات الاقتصادية

يواجه الاقتصاد الاندونيسي الكثير من التحديات مثل البطالة والفقر والمديونية، فضلا عن انتشار الفساد الإداري. تنتشر البطالة في أوساط 11 في المئة من القوى العاملة. ويكمن التحدي الثاني في صعوبة المعيشة بالنسبة إلى الكثيرين من السكان، إذ يقبع نحو 17 في المئة من الشعب الاندونيسي تحت خط الفقر, وربما هذا ما يفسر استعداد الكثير من الاندونيسيين للعمل خارج الوطن. أيضا، هناك مشكلة الديون الخارجية (131 مليار دولار)، إذ تمثل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي. ويتمثل التحدي الآخر في انتشار ظاهرة الفساد في المعاملات الرسمية. فبحسب آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية، وحلت إندونيسيا في المرتبة رقم 137 من بين 159 دولة على مؤشر مدركات الفساد.

من خلال الأحاديث مع بعض المسئولين تبين لي أن السلطات هناك لديها تصميم على استقطاب المزيد من الزوار من العالم الإسلامي مستفيدين من تجربة ماليزيا التي باتت وجهة معروفة لدى الأسر في فصل الصيف على رغم ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في منطقة جنوب شرق آسيا. وتستخدم السلطات عبارة «منتهى التنوع» في حملتها الدعائية للإشارة إلى وجود الكثير من الثقافات. بدورها تتميز ماليزيا بتبنيها العبارة الشهيرة «آسيا الحقيقة».

قبل السفر اتصلت بالقنصلية وعلمت أنه بمقدوري الحصول على تأشيرة من المطار بعد استيفاء الرسوم. وفعلا دفعت مبلغا قدره 10 دولارات (أقل من 4 دنانير) ليس أكثر بسبب قصر مدة الزيارة إلى أقل من أسبوع. حتى الماضي القريب كان رعايا دول مجلس التعاون يحتاجون إلى تأشيرات مسبقة، لكن تغير الأمر في العام 2006، إذ إن هناك تقديرا متزايدا لأهمية الزوار الذين بدورهم يجلبون العملات الصعبة وفي مقدمتها الدولار الأميركي. فإندونيسيا بحاجة ماسة إلى العملات الصعبة لمواجهة تداعيات المديونية. ثم إن الزوار يقومون بالصرف، الأمر الذي يساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية والمساهمة في إيجاد وظائف جديدة للمواطنين. أيضا تفرض السلطات رسم مغادرة قدره 100 ألف روبية (5 دنانير) تدفع نقدا وفي ذلك دخل إضافي للخزانة.

القناعة كنز

في أحاديث مع بعض الدبلوماسيين المعتمدين عرفت أن الشعب الاندونيسي صبور بطبعه. فكل الذي يريده في اليوم تناول طبق من الرز وشيء من الخضراوات أو قطعة لحم أو دجاج. فمفهوم «القناعة كنز» مطبق بالضرورة في إندونيسيا، لكن هناك جانبا سلبيا فيما يخص ثقافة الشعب الإندونيسي ألا وهو عدم الاكتراث كثيرا بمسألة الوقت. بمعنى آخر، فإن الوقت غير محسوب ولا يشتكي المواطن من طول فترة الانتقال من نقطة إلى أخرى (هناك أكثر من 13 ألف جزيرة من بينها جاوا التي بدورها تحتضن العاصمة جاكرتا). وتبين لي جليا أن الشعب الاندونيسي بارد بطبعه على رغم حرارة الجو على مدار السنة.

في زيارة لمقهى «ستاربكس» في العاصمة جاكرتا لاحظت شبه خلو المحل من الزبائن. ولم أحتج إلى فترة طويلة لمعرفة السبب، إذ إن الأمر يتعلق بالأسعار. فهناك شبه تقارب لأسعار القهوة في البحرين مع تلك السائدة في إندونيسيا, طبعا مع اختلاف مستوى الدخل. يزيد معدل دخل الفرد في البحرين نحو 10 مرات على ما يحصل عليه المواطن الإندونيسي. وعليه، لا توجد غرابة في استعداد الكثير من الاندونيسيين للعمل في البحرين في أية وظيفة بما في ذلك العمالة المنزلية. ختاما، تعمل السلطات الاندونيسية على حل مشكلاتها الاقتصادية وإن كانت في غير عجلة من أمرها نظرا إلى طبيعة ثقافة الشعب الاندونيسي.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً