العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ

تقرير «الرقابة المالية» مادة «دسمة» لاتزال تنتظر من يبحث فيها

كتل برلمانية بدأت خطواتها وأخرى مازالت في طور دراسته

مر أكثر من شهر منذ نشرت الصحافة المحلية تفاصيل تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2005، حوّل التقرير إلى الكتل البرلمانية كمادة «دسمة» للبحث والتقصي، باشتماله على كمٍّ كبير من التجاوزات والمخالفات في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة. حوّل التقرير على اللجنة المالية في مجلس النواب لدراسته وتقديم تقرير شامل بشأنه، واتجهت الأنظار إلى الكتل النيابية سائلة عما ستفعله كل منها بشأن هذا التقرير، وأي آلية ستتبعها في التعامل معه، ومتى ستبدأ استخدامها لهذه الآلية.

كتلة الوفاق التي تسيطر تقريبا على اللجنة المالية في مجلس النواب والتي حوّل إليها تقرير ديوان الرقابة المالية يبدو أنها تتبع استراتيجية من ثلاثة خطوات، أولها التأكد من المعلومات الواردة في التقرير وهي خطوة بدأتها فعلا، وثانيها التحقيق بشأنها، وثالثها استخدام أية أدوات مساءلة تحددها لاحقا بحسب مجريات التحقيق. كتلة المنبر بدأت عملها سريعة بتوجيه ستة أسئلة برلمانية استنبطتها من محتويات التقرير. وفي الوقت الذي لاتزال كتلة المستقبل تنتظر التقرير النهائي لخبيرها الاقتصادي، تسلمت كتلة الأصالة تقرير خبيرها وستعقد اجتماعا قريبا لبحث حقيقة الأرقام وتدارسها.

«الوفاق»... استراتيجية من ثلاث خطوات

أكد النائب الوفاقي عبدالجليل خليل أن الخطوة الأولى في استراتيجية كتلته في التعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية ستكون من خلال استكمال المعلومات بشأن التقرير، مؤكدا أن الهدف أولا هو التأكد من أن التقرير شامل ودقيق، وأنه اشتمل على معلومات خاصة بكل الجهات التي يحق لديوان الرقابة المالية مراقبتها من وزارت ومؤسسات حكومية، وشركات وطنية تزيد حصة الحكومة فيها على 50 في المئة. بالإضافة إلى التأكد من أن الديوان قام بدوره بشكل شامل لكل القضايا موضوع البحث.

واستكمالا لهذه الخطوة، قامت اللجنة المالية بحسب خليل بالاجتماع مع رئيس ديوان الرقابة المالية حسن الجلاهمة أخيرا للحديث عن هيكلية التقرير وما اشتمل عليه من نقاط، وكيفية أداء الجهات الرسمية من خلاله، بالإضافة إلى جمع المعلومات والتأكد من الوثائق المصاحبة للتقرير، والتأكد من عدة أمور أهمها أن المصروفات صرفت ضمن معايير قوانين الصرف، ولم يشبها فساد في ذلك، والتعرف على العقبات التي واجهها الديوان في جمعه المعلومات، وهل من مناطق لاتزال «سرية» فيه. وفي تعليقه على هذا الاجتماع قال خليل إنه كان مثمرا، وسادته روح التعاون، وأبدى الديوان رغبته في المساعدة في كل النقاط التي طرحها الوفد.

أما الخطوة الثانية في الاستراتيجية بعد التحقق من جميع المعلومات فهي بحسب خليل التحقيق في القضايا الحساسة والخطيرة التي يظهرها تقرير الديوان وبياناته التفصيلية، إذ ذكر خليل أن هذه الخطوة تقع على عاتق المجلس النيابي بعد أن تقوم اللجنة المالية بإعداد تقاريرها. فدور التقرير هو كشف مواطن الفساد، بينما دور المجلس هو التحقيق بشأنها. وفي هذا الشأن أكد خليل أن اللجنة لن تقوم بمناقشة كل القضايا الواردة في التقرير، وإنما ستركز أولاَ على القضايا الجوهرية الكبرى كتجاوزات بابكو، ألبا، حلبة البحرين الدولية، التأمينات والتقاعد، وعدد من الوزارات وتحديداَ الداخلية والدفاع.

وفي حال الانتهاء من الخطوة الثانية والتحقق من وجود فساد ما في جهة معينة فستقوم اللجنة المالية بحسب خليل باستخدام أدوات المسائلة والتحقيق، مؤكدا أن اللجنة لن تخشى استخدام أي من الأدوات البرلمانية في حال ثبت وجود تلاعب ما، كما لن تتردد اللجنة في تحويل المفسدين إلى المحاكمة إذ ستتخذ قراراتها «بحزم وشدة» بحسب وصفه.

وعن موقف كتلة الوفاق قال خليل إن الهدف الرئيسي للكتلة هو تحقيق برنامجها الانتخابي، الذي كان من أولوياته على الصعيد الاقتصادي محاربة الفساد والمحافظة على المال العام. مشيرا إلى أن خطة «الوفاق» في التعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية ستتوسع لاحقا وستبدأ اللقاءات بلقاء مع وزير المالية الأربعاء المقبل، بعد اجتماع تعقده اللجنة المالية، تعقبه عملية جمع المعلومات في موضوع تقرير ديوان الرقابة المالية في الأسبوع التالي لاكتشاف قضايا ربما تشكل أولوية للجمعية في المرحلة المقبلة، واختتم حديثه بقوله: «المهم ألا نستعجل الأمور وفي الوقت نفسه نكون حازمين في مواقفنا».

«المنبر» وخطة بدأت بستة أسئلة برلمانية

من جانبه، قال عضو كتلة المنبر الإسلامي في مجلس النواب النائب علي أحمد إن الكتلة شكلت لجنة لدراسة التقرير تمخضت عن ستة أسئلة توجهت بها الكتلة بخصوص الموضوعات والملفات التي تراها مهمة، وعلى رأسها ملفا بابكو وألبا. مضيفا أن الكتلة تقوم من خلال ممثلها في اللجنة المالية بإبداء الملاحظات التي تبين توجه اللجنة وأبرز النقاط التي يمكن أن تركز عليها، إلى جانب الأدوات البرلمانية التي يمكن استخدامها فيها. وبعد أن تقوم اللجنة المالية بدراسة الموضوع وتقدم تقريرها سيتم تحديد الآليات التي يمكن من خلالها المحاسبة من خلال التنسيق مع باقي الكتل البرلمانية.

«المستقبل» لم تسلم ملاحظات الخبير الاقتصادي

أما عضو كتلة المستقبل النائب حسن الدوسري فأوضح أن كتلته انتهت من القراءة الأولية لتقرير ديوان الرقابة المالية، غير أنها بصدد تسلم الملاحظات الاقتصادية النهائية من الخبير الاقتصادي الذي عرضت عليه التقرير. وعلى رغم ذلك أكد الدوسري أن كثيرا من ملفات التقرير تحتاج إلى معلومات أكثر للبحث فيها، كما تحتاج أيضا إلى طرح قوي إذا ثبت وجود قصور أو فساد في أي منها.

وذكر الدوسري أن أعضاء الكتلة لم يناقشوا بعد كيفية التعامل مع تقرير الديوان بعد القراءة المبدئية له، غير أن ممثلة الكتلة في اللجنة المالية النائبة لطيفة القعود تقوم بالاتصال بالتنسيق مع الكتلة واللجنة لتحديد الأولويات.

وفي خصوص التعاون مع باقي الكتل في هذا الموضوع قال الدوسري إن المؤشرات الأولية تبين وجود تعاون وانسجام بين الكتل في الموضوعات كافة، واتفاق في كثير من الأمور التي من بينها تقرير ديوان الرقابة المالية.

«الأصالة» ستعقد اجتماعات لبحث الأرقام

من جانبه، قال عضو كتلة الأصالة النائب إبراهيم بوصندل إن أعضاء كتلته قرأوا التقرير كل على حدة وكونوا رؤية أولية بشأنه، كما استعانت الكتلة باستشاري مالي كلفته بقراءة التقرير بعمق للتزويد بتقرير مفصل عن ما وجده فيه. وانتهى هذا الخبير بحسب بوصندل من إعداد تقريره وتنوي الكتلة عقد اجتماعات مكثفة لمعرفة حقيقة الأرقام وما وراءها، إذ ليس شرطا أن ترتبط المخالفة برقم الخسائر برأيه، وهو الأمر الذي يستوجب تحقيقا في كل المعلومات الواردة.

وذكر بوصندل أن الكتلة تنتظر نتائج اجتماعها الذي ستقوم فيه بتحديد الوسائل التي ستتعامل فيها مع الملفات والموضوعات التي وردت في تقرير الخبير المالي. ويمكن أن تبدأ باختيار الوسائل بدءا من توجيه الأسئلة أو طرح الاقتراحات برغبة أو غيرها.

وأكد بوصندل أيضا أن كتلته ستركز على المخالفات التي وردت في بابكو وألبا وحلبة البحرين الدولية، التي كان من الواضح أن ردود مسئوليها «ضعيفة» بحسب وصفه.

أما عن توجه كتلة الأصالة في كيفية التعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية فقال بوصندل إن موضوع التقرير لم يطرح لدى الكتلة بعد ليتم اتخاذ قرار بشأنه، ولم يتم توجيه أي من عضوي «الأصالة» في اللجنة المالية بأي توجه. وكل هذه الأمور تعتمد بحسب قوله على النتيجة التي ستتوصل إليها اللجنة المالية. وهناك اتفاق مبدئي - كما قال - على التعاون مع باقي الكتل النيابية في التعامل مع الموضوعات كافة وخصوصا لو ثبت من خلال عمل اللجنة فساد ما، غير أن هذا في النهاية «قرار تتخذه الكتلة بالاتفاق مع جمعية الأصالة الإسلامية» بحسب وصفه، وأضاف «نحن مسئولون أمام الناس عن محاسبة ومراقبة المخالفين، ولذلك فإن من تثبت عليه مخالفة ما فسنتعامل معه بحزم شديد».

«المالية» تركز على آليات لتحاشي المخالفات

رئيس اللجنة المالية النائب عزيز أبل من جانبه قال إن اللجنة بدأت للتو عملها، بقضايا كبيرة ومهمة على رأسها تقرير ديوان الرقابة المالية. مضيفا أن التقرير موضوع على جدول أعمال اجتماع اللجنة المقبل، تسبقه ضرورة التعرف على الظروف المحيطة بالتقرير وكيفية قيامه بالتحقيق.

وأضاف أبل أن أعضاء اللجنة من جميع الكتل يبدون تعاونا كبيرا بينهم ولا توجد حتى الآن مشكلة بين الأعضاء تشير إلى خلاف محتمل. فيما توقع أن يكون هناك اتفاق على اتخاذ القرارات بشأن التقرير وغيره إذ إن مواقف كل الكتل بشأن القضايا المعيشية والفساد «واحدة».

أما عن أولويات اللجنة المالية في دراسة التقرير فقال أبل إنه تقرير واسع ويشتمل على القضايا المتعلقة بالعام 2005، وسيكون تركيز اللجنة على المحاور والوزارات الرئيسية التي تتصل بأموال المواطنين والمخالفات التي تهدر المال العام، متبعة أسلوب السعي إلى عدم تكرار هذه المخالفات مثلما تكررت في التقرير السابق والحالي. مضيفا أن أبرز أساليب اللجنة المالية ستكون الاستفادة من الدروس وتبيان مواضع الخلل كمؤشرات تدفع لعدم تكرار المخالفات في التقرير القادم.

وقال: «لا أرى هناك جدوى من تضييع الوقت في المخالفات السابقة والمكررة ومناقشتها، المهم هو الإشارة إليها وتداركها وضمان عدم حصولها مرة أخرى، ويجب التركيز على ما سيحصل في العام 2007 والتعرف على الآليات التي تضمن تحاشي تكرار ما يقع من أخطاء».

واعتبر أبل أن من السابق لأوانه القول باستخدام الاستجواب كوسيلة سياسية لمواجهة المخالفات، إذ إنه ما لم تكن هناك أسس واضحة لإقامة الاتهام لا يمكن استخدام هذه الأداة، لأن الاستجواب هو «اتهام سياسي» بحسب تعبيره، يجب إثبات أدلته أولا قبل التلويح باستخدامه.

العدد 1607 - الإثنين 29 يناير 2007م الموافق 10 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً