العدد 2245 - الثلثاء 28 أكتوبر 2008م الموافق 27 شوال 1429هـ

«التمييز» تنظر الطعن بقضية «قاتل المحرق» في ديسمبر المقبل

تنظر محكمة التمييز في مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل الطعن في قضية قاتل المحرق، وذلك بعد أن قضت محكمة الاستئناف العليا الجنائية في تاريخ 9 ديسمبر/ كانون الأول للعام 2007 بتخفيف العقوبة المقررة بحق المتهم بقتل مهدي عبدالرحمن محمد من السجن المؤبد إلى السجن 15عاما، إذ تقدم المتهم سابقا باستئناف الحكم ضد النيابة العامة، طالبا من المحكمة الرأفة وتخفيف عقوبته.

ومن جانبها طلبت النيابة العامة في استئنافها من المحكمة تصحيح الحكم المستأنف والقضاء بعقوبة الإعدام، إذ تنعى المستأنفة على الحكم المتقدم بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق، قولا منها بتوافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهم باستفزازه المجني عليه لإخراجه من المنطقة، ومن بين ذويه وهو ما حدث فعلا، إذ تبعه المجني عليه وسار بعيدا حتى انفرد به المتهم وسبقه بسيارته، وإذ نزل المجني عليه من سيارته واتجه صوب المتهم، أطلق عليه الأخير عيارا ناريا في صدره قاصدا قتله فأرداه قتيلا، بما يتوافر معه ظرف سبق الإصرار، ولاسيما أن الفترة الزمنية التي انقضت بين المشادة الكلامية وبين وصولهما إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة كانت كافية تماما لأن يهدأ المتهم نفسيا ويفكر في الأمر بتروٍ، وهو ما فعله المتهم الأمر الذي خلصت معه النيابة العامة إلى طلب القضاء بما سبق بيانه.

وفي المقابل من ذلك، طعن المحكوم عليه في الحكم المتقدم بالاستئناف، وقدمت وكيلته مذكرة خلصت فيها إلى إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه، وتعديل القيد والوصف إلى جعله ضربا أفضى إلى موت، واحتياطيا استعمال الرأفة مع المتهم، قولا منها أنه كان تحت تأثير المخدر، وهو ما تقطع به الأوراق ومن ثم ينتفي القصد الخاص اللازم توافره في جريمة القتل العمد، وهو نية إزهاق الروح ومن ثم يكون القدر المتيقن في حق المتهم هو أنه ارتكب جريمة ضرب أفضى إلى موت، فضلا عن مكان إطلاق الرصاصة الذي لم يكن مكانا قاتلاَ، بما تنتفي معه نية القتل. كما دفعت بعدم توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهم، لأنه كان في حالٍ من الغضب الشديد بسبب ما وقع من شجار بينه وبين المجني عليه، بالإضافة إلى توافر عنصر الاستفزاز الذي جاء من جانب المجني عليه، ما أفقد المتهم سيطرته على أعصابه وهو عذر يخفف العقوبة، الأمر الذي خلص معه المتهم إلى طلب القضاء بما سبق بيانه.

وردّت المحكمة على الدفوع القانونية المبداة، بالقول: «لا مسئولية على الشخص إذا كان قد فقد الإدراك وقت اقتراف الفعل راجعا إلى حال سكر أو تخدير ناتجة عن مواد مسكرة أعطيت له قهرا عنه، أو أخذها على غير علم منه، فإن كان ذلك باختياره وعلمه عوقب كما لو كان الفعل قد وقع منه بغير سكر أو تخدير، لما كان ذلك وكان المتهم هو من تناول المخدر بإرادته، ومن ثم فإن جريمة القتل التي ارتكبها تتحقق بها مسئوليته، كما لو كانت قد ارتكبت بغير سكر أو تخدير، ومن ثم يكون النص على الحكم في هذا المنحى غير سديد، وإذ كان ما تقدم و خلص الحكم المستأنف صائبا إلى إدانة المتهم وأقام قضاءه على أسباب سائغة تأخذ بها هذه المحكمة مع هذه الأسباب، وإذ خلت أسباب الاستئناف في ضوء ما تقدم مما ينال من الحكم المستأنف الأمر الذي تقتضي معه المحكمة برفض الاستئناف، وإذ إنه في مجال تقدير العقوبة فإن المحكمة تقضي بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتهمة الأولى والثانية والثالثة بجعل العقوبة السجن لمدة 15عاما بدلا من السجن المؤبد عن التهم الثلاث السالفة البيان، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك على النحو المبين بمنطوق الحكم.

وعلّقت محكمة الاستئناف في أسباب حكمها على استئناف النيابة العامة موضحة «أن جريمة القتل التي ارتكبها المتهم كانت وليدة الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج المتهم عن طوره، فأطلق عياره الناري قبل الخلود إلى التروي والتفكير المطمئن فيما هو مقدم عليه، وهو ما تخلص معه هذه المحكمة إلى تأييد الحكم المستأنف فيما خلص إليه في هذا الشأن من عدم توافر ظرف سبق الإصرار وهو ما استنتجته المحكمة معها هذا الاستئناف في غير محله، إذ إن الأمر في النهاية مرجعه إلى قاضي الموضوع، ومن ثم أضحى هذا الاستئناف خليقا بالرفض».

وانتهت المحكمة في فصلها القضية بالقول: «كانت الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها تتحصل في أنه بتاريخ 19 أغسطس/ آب للعام 2006، وأثناء مرور المتهم بالقرب من خباز 24 ساعة الكائن بالمحرق خرج المجني عليه بسيارته على مساره، ما سبب غضبه فحدثت مشادة بينهما تجمّع على إثرها أشخاص، ولما ذكر لهم المتهم أنهم جميعا قد تجمعوا له للتعدي عليه حال كونه بمفرده قرر له المجني عليه أنه على استعداد للذهاب معه حيثما كان، ثم استقل المتهم السيارة وقرّر لمرافقيه بأنه سيريهما ماذا يفعل بالمجني عليه وتبعه الأخير بسيارته، ثم تجاوزه وأخذ باستعمال الكابح لاستفزاز المتهم، وإذ تمكّن المتهم من تجاوز المجني عليه ووقف بصورة مفاجأة أمامه، ما أجبر المجني عليه على التوقف وقام بفتح نافذة سيارته وسبّ المجني عليه فنزل الأخير من سيارته ومشى بسرعة في اتجاه المتهم الذي كان يجلس على مقعد القيادة، وما أن أصبحت المسافة نحو نصف متر قام المتهم بإخراج سلاح ناري غير مرخص له بحمله وأطلق منه عيارا ناريا على المجني عليه، بقصد قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته».

وأضافت «إن الواقعة على النحو السالف بيانه قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم أخذا باعترافه في التحقيقات، ومن شهادة كل من الشهود بالتحقيقات، وما ثبت به كل من تقرير الصفة التشريحية وتقرير مختبر البحث الجنائي، وذلك على النحو المبين بأسباب الحكم المستأنف».

وكانت النيابة العامة أسندت إلى المتهم المستأنف أنه في يوم 19 أغسطس/ آب للعام 2006 بدائرة أمن منطقة المحرق قتل عمدا مع سبق الإصرار مهدي عبدالرحمن محمد رمضان، بأن بيت النية وعقد العزم على قتله واستدرجه إلى مكان الواقعة، وجهّز سلاحا غير مرخص له به، وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته، بالإضافة إلى أنه حاز وأحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا (مسدس) كما أنه حاز وأحرز بقصد التعاطي مواد مخدرة (مورفين وحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا.

أما محكمة أول درجة فقضت في جلستها المنعقدة بتاريخ 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد عما أسند إليه في التهمة الأولى والثانية والثالثة، وبمعاقبته بالحبس مدة سنة واحدة وتغريمه ألف دينار عما أسند إليه في تهمة حيازة السلاح، وأمرت بمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة، فيما انتهت محكمة الاستئناف إلى تخفيف العقوبة إلى السجن المؤقت مدة 15 عاما.

العدد 2245 - الثلثاء 28 أكتوبر 2008م الموافق 27 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً