كل التيارات السياسية العراقية باركت الخطة الأمنية الجديدة التي طرحها الرئيس الأميركي، بدءا من التيار الصدري الذي كان يفترض أن يكون المستهدف الأول من الخطة وانتهاء بالأحزاب السنية التي لم تعترض حتى الآن على تفاصيلها.
أمام موقف الرئيس الأميركي المتأزم محليا ودوليا كان لابد لكل التيارات العراقية أن توافق على الخطة الأمنية، لأسباب قد يكون في مقدمتها أن التغير في ميزان القوى في الكونغرس الأميركي وما رافقه من مواقف معارضة للديمقراطيين وتراجع الجمهوريين يؤكد للعراقيين أن الرئيس الأميركي لم تعد أمامه خيارات واسعة لإحلال الأمن، وأن الخطة الجديدة يمكن أن تكون الأخيرة أو قبل الأخيرة بالنسبة إلى خيارات بوش في العراق، ما حتم على التيارات العراقية المتورطة حاليا في المأزق الذي دخلت فيه وغير قادرة على الخروج منه أمام جماهيرها التي تطالبها بالكثير الموافقة على تلك الخطة دون حتى معرفة تفاصيلها الحقيقية لا الاعلامية.
يحاول البعض حاليا تصوير الخطة الأمنية على أنها ناجحة، وخصوصا أن وزير الدفاع الأميركي الجديد يتبع تكتيكات حربية جديدة في العراق تختلف بشكل كبير عن تكتيكات سابقه (رامسفيلد). فروبرت غيتس القادم من خلفية استخباراتية بدأ يمهد للخطة بعمليات اعتقال لرموز تراها واشنطن تقف وراء التدهور الأمني في العراق، إذ بدأت هذه العمليات باغتيال ممثل التيار الصدري في الكوفة صاحب العامري واستمرت باعتقال مسئول اللجنة الإعلامية للتيار نفسه الشيخ عبدالهادي الدراجي في بغداد، اضيف لهما الكشف عن وثيقة وقعها الرئيس الأميركي تجيز للجيش الأميركي اعتقال أو قتل «عملاء إيران» في العراق، وهو توصيف واسع قد يدخل تحت طائلته مسئولون عراقيون قد يكون من بينهم رئيس الوزراء أو بعض مساعديه أو حتى رموز سياسية في الجانب الشيعي وربما السني.
بالمقابل تستمر عمليات الجيش الأميركي في ضرب تجمعات المسلحين في عدد من المناطق السنية. وهي في مجملها تعد احد أساليب محاربة القوات غير النظامية ومجهولة القيادة.
حتى الآن مازالت الخطة الأمنية التي أعلنها بوش بداية الشهر الجاري لا تثير أطراف النزاع في الساحة العراقية، لأسباب قد تبدو ايجابية عند العرب السنة بعد أن دعمها عدد مهم من الدول العربية، ومبهمة عند التيار الصدري الذي بدأت ملامح الخطة الأمنية تنفذ في قياداته المهمة على رغم محاولات رئيس الوزراء العراقي طمأنة الشارع الشيعي من أن قيادة هذه الخطة ستكون عراقية وسيقتصر الدعم الأميركي فيها على الاسناد لا أكثر، وهو كلام لم تؤكده القيادات العسكرية الأميركية حتى الآن.
إن ملامح الخطة الأميركية تبدو أنها ستثير ردود فعل كل الأطراف حال الخوض في تنفيذها، لأنها لن تمثل مستقبل العراق هذه المرة بل هي خطة لإنقاذالرئيس الإميركي بوش دوليا ومحليا، وعندما يرى العراقيون خطوطها الحقيقية المختلفة بالتأكيد عما يقوله الآن الساسة الاميركيون والعراقيون، سنسمع حينها اصواتا قد تختلف هذه المرة عما سمعناه في المرات السابقة.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1606 - الأحد 28 يناير 2007م الموافق 09 محرم 1428هـ