العدد 1606 - الأحد 28 يناير 2007م الموافق 09 محرم 1428هـ

خطاب عاشوراء كمؤسس للعدالة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعل واحدة من أهم رسائل خطاب عاشوراء إلى الأمة الإسلامية هي مقاومة الظلم من أي مصدر كان، وبأي شكل كان... فالإمام علي (ع) يقول: «الظلم يدمر الديار»، ويقول أيضا: «آفة العمران جور الظالم»، والعمران هو الحضارة والتمدن ومعالم التقدم الإنساني... وآفة التحضر والتمدن هو السماح للظلم بالانتشار. وعن علي (ع) أيضا قوله: «إن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق». نعم، إن من يرى أن تسيير الأمور من خلال أساليب العدل أمر صعب، فإن الإمام يخبره بأن أساليب الجور والظلم تصعب عليه الأمور أكثر، وتكلفه أكثر وتهلك العمران وتهلكه أيضا. وعلي قال «أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم»... وعلي أوصى ابنيه الحسن والحسين «كونا للظالم خصما وللمظلوم عونا».

وقد نفذ الإمام الحسين (ع) وصية أبيه الإمام علي (ع)، وانطلق في حركته من أجل إصلاح أمة جده في عاشوراء، ونقل عن رسول الله محمد (ص) قوله: «من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغير بقول ولا بفعل كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله»... وعليه فإن الواجب حتم عليه النهوض من أجل تأسيس خطاب مقاوم للظلم، وعندما قل أنصاره أعلن «ألا اني زاحف بهذه الأسرة على قلة العتاد وخذلة الأصحاب».

العدل في أحد تعريفاته هو المعاملة بالمثل في جانب الخير... الإحسان مقابل الإحسان، المبادلة التجارية التي تنفع الطرفين... كما أن العدل يعني التوزيع العادل للثروات المشتركة بين الأمة، والعدل يعني معاقبة المسيئين للصالح العام من أجل المحافظة على العمران والحضارة.

الظلم يحدث عندما يحاول شخص ما الاستحواذ على شيء ليس من حقه، أو اجتزاء أكثر مما يستحق على حساب الآخرين... والظالم هو الذي يرفض الاحتكام إلى ما هو متفق عليه بين البشر، أو إلى ما سنته الشرائع السماوية وأصبح ناموسا للبشر... وثورة الإمام الحسين تتحدث عن كل هذه المفاهيم، وحوارات الإمام الحسين مع الذين كانوا يستعدون لقتله تدور حول اختراقهم لما هو معمول به من أعراف، واختراقهم للعهود والوعود، واختراق ما سنته شريعة الإسلام من العدل بين الناس واستخدام وسائل القهر في الحكم... ولذلك تم تخيير الحسين بين «السلة = سل السيوف»، أو «الذلة = الخضوع والإذلال»... ولكن الحسين قال لهم: «هيهات منا الذلة».

تاريخنا الإسلامي يحكي عن انتصار المسلمين ونشر حضارتهم عندما تنفسوا جوانب من العدل في أساليب حكمهم وحياتهم، ولكنهم اضمحلوا عندما سادت أساليب الظلم والتعسف والجور فيما بينهم. وواقعنا المعاصر يتحدث عن مستويات متدنية من العدالة في مجتمعاتنا الإسلامية أدت إلى تدني مستويات التنمية، وهو ما تكرره التقارير الدولية الخاصة بموضوعات التنمية... فلا تنمية إلا من خلال عدالة تستقيم بها الأمور، وذلك هي أحد مفاهيم عاشوراء.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1606 - الأحد 28 يناير 2007م الموافق 09 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً