بينما يعتبر البعض في الغرب أن حقوق المرأة في العالم الإسلامي قضية خاسرة، يثبت المغرب عكس ذلك، ولو بطريقته الخاصة.
فقد قام ملك المغرب، محمد السادس، العام 2004 بتشريع قانون الأسرة الجديد في المغرب، والذي شمل عددا من الإصلاحات التي تؤمِّن عدة حقوق للمرأة، بما فيها الحق في حماية النفس وحق الطلاق والحق في حضانة الأطفال. وبالإضافة إلى ذلك، وضع قيودا جديدة على ممارسة تعدد الزوجات ورفع سن الزواج القانوني من خمسة عشر عاما إلى ثمانية عشر عاما وجعل من التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون.
رحّب الاتحاد الأوروبي وكذلك الولايات المتحدة بهذه الإصلاحات واعتبروها خطوة جريئة نحو تحقيق المساواة في حقوق للمرأة في بلد إسلامي تقليدي.
زادت حرية المرأة الشخصية في المغرب بشكل كبير، بما في ذلك الحق في اختيار ارتداء الحجاب أم لا. فأظهر الملك محمد شخصيا هذه الخطوة بتطبيقها على عائلته وجعلها مثالا لذلك؛ فهو أول ملك مغربي يسمح لزوجته بالظهور على العلن وسمح لها بالمشاركة في المناقشات في المسائل السياسية والاجتماعية في البلاد.
ومع ذلك، يرى الكثير من دعاة حقوق المرأة هذا الإصلاح مجرد خطوة أولى من خطوات كثيرة يتعين اتخاذها في رحلة طويلة لتحقيق المساواة.
وعلى رغم سَن القانون الجديد، فإن تغيير عقلية المحافظين كانت معركة شاقة بسبب الضغوط الاجتماعية والتقاليد القديمة. فمثلا، عندما يبلغ الطفل المغربي سن المراهقة، يحظى الأولاد بالمزيد من الحرية بينما تخسر الفتيات حريتهن خشية أن تجلب المراهقات العار لعائلاتهن من خلال ممارسة الجنس قبل الزواج أو بمجرد التفاعل المفرط مع الرجال. فلايزال متوقعا من النساء بمجرد أن يتزوجْن إطاعة أزواجهن وتسخير حياتهن لتربية أطفالهن ورعاية أزواجهن. إضافة إلى ذلك، لا يحمي القانون المرأة، الآن وقد سمح لها بالوراثة، من ضغوط أعضاء العائلة الذكور لإعطاء إرثها لأفراد عائلة زوجها. وعلى رغم أن قانون الاغتصاب يحمي المرأة، تمنعها عائلتها من توجيه الاتهام خوفا من الخزي والعار. وبينما يمنح قانون العائلات الجديد المرأة حقوقها والإسلام يدعو إلى المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء فلاتزال المرأة تعتبر أدنى مستوى من الرجل.
يكمن التوتر في صلب الموضوع بالمغرب بين الرغبة في الحفاظ على التقاليد والعادات القديمة والرغبة في الظهور كبلد حديث من خلال تحسين حقوق المرأة. فأوضح الملك عندما أعلن قانون الأسرة الجديد أن هذا التغيير «يهدف إلى التوفيق بين رفع الظلم المفروض على المرأة وحماية حقوق الطفل والحفاظ على كرامة الرجل».
يعكس هذا التعليق حاجة المجتمع المغربي إلى عدم التعرض «لكرامة الرجل» وفقا للشريعة. وهي تتضمن، مثلا، صيغة توفيقية ودقيقة تهدف إلى السماح للتقليديين بقبول التغييرات الجديدة من دون فقدان ماء الوجه (الكرامة) أو إجبارهم على الاعتراف بأن تقاليدهم خطأ.
وبالتأكيد فإن تأثير بعض العادات الإسلامية في المجتمع المغربي لا تتلاشى، الأمر الذي قد يفسر لماذا استغرق مجلس النواب المغربي وقتا طويلا حتى يصادق على القانون.
في الحقيقة، أن التغييرات الأخيرة في القانون المدني التي أعطت الطفل القدرة على الحصول على الجنسية عن طريق الأم، صدرت نتيجة لتدخل الملك محمد السادس المباشر ودعمه.
وفيما يستمر المغرب في التغير، يجب على من يرغب في رؤية المزيد من الإصلاحات قيد التنفيذ الأخذ في الاعتبار هذا التوتر بينما يعملون على تحقيق المساواة للمرأة. وقد يضر الناشطون الغربيون الذين يواصلون العمل من أجل إقرار حقوق المرأة في البلدان المسلمة أكثر مما قد يفيدون بسبب تعريفهم العرقي للحقوق والأعراف. فعندما ينتقد الغربيون الدول المسلمة، كثيرا ما يشيرون إلى اضطهاد المرأة كدليل على التخلف الذي يؤدي إلى المزيد من المعارضة من قبل المحافظين ويبعد الناس عن البلد المعني.
وهناك حقوق معينة يمكن لكل من المنظمات الغربية والإسلامية المنادية بالمساواة الدفاع عنها، مثل التحرر من العنف. فينبغي على المنظمات الغربية الحرص على عدم فرض ما تراه ضروريا على حقوق المرأة المسلمة. فمثلا، يمكن اتباع منهج معقول لتحسين حقوق المرأة في غالبية البلدان المسلمة وهو تقييم تفسيرات الشريعة (الإسلام) والتكيف معها بدلا من وضع قوانين مدنيّة جديدة.
وفي النهاية، يجب أن يأتي التغيير من الداخل. فلا يعارض الإسلام «المساواة» بين الجنسين، والوسيلة لتجنب النزاع بينهما تكمن في فهم دقيق للمجتمع والثقافة الإسلامية. وقد دعم الغرب هذه الجهود، ولكن في النهاية يعود النهج المتخذ لتحسين وضع المرأة في المغرب وفي غالبية البلدان المسلمة الأخرى، إلى رجال ونساء تلك المجتمعات.
* موراي يوسكو وكاثلين مارتينز ومريم بوليكبود
ثلاثة كتّاب تشاركوا في كتابة هذا المقال كجزء من برنامج سوليا للاتصال الذي يجمع الطلاب من الدول الغربية والدول ذات الغالبية المسلمة في حوار مباشر. والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1606 - الأحد 28 يناير 2007م الموافق 09 محرم 1428هـ