تمر علينا ذكرى استشهاد سيد الأباة وملهم الثوار الإمام الحسين (عليه السلام) والأمة المسلمة تعيش مصيبة التشتت والتشرذم بحيث بلغ الأمر ببعض من يتظاهر بالتوجع للمسلمين والاهتمام بأمورهم أن يشهر السلاح في وجه أهل الدين والقبلة والتوحيد ويسم أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله (ص) بالإلحاد والشرك خدمة لأعداء الإسلام ،ولعمري إنه لأعظم ما أبتلي به المسلمون ؛لانه ينخر صرح الإسلام من داخله وينال من المسلمين باسم الدين. وكان هذا أبرز الأسباب التي أطمعت اليهود وغيرهم من طغاة العالم في دماء المسلمين، وخيراتهم. ولا يأتي على المسلمين يوم إلا وهو أسوأ من سابقه، فهناك فلسطين إذ يُسحق الموحدون الأبرياء، وهناك في كشمير تُمزق الرصاص أجساد أمة الرسول الأعظم (ص) ،وفي باكستان حيث شراذمة النفاق تعيث الفساد في الطول والعرض وتتفكه بدماء الأزكياء، والعراق حيث أطغى وأعتى قوة في العالم تسحق كل المقدسات وتستبيح الحرمات وتسمح لمن يقتل الموحّدين ويبيد الصالحين في الكاظمية، وكربلاء، وسامراء. أيها الإخوة ينبغي علينا أن نلتفت إلى أنفسنا ونحكّم عقولنا وننبذ الخلافات لعلّ الله يرحمنا، ويدفع عنا شر أعدائنا.
وأريد أن ألفت النظر بمناسبة شهر محرم الحرام إلى أمور يحتّم الدين أن نلتزم بها:
الأول: إنه لا يخفى على المؤمن الأجر والثواب الموعود على لسان الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) على إقامة العزاء على الإمام الحسين (ع) وعلى زيارته مطلقا ،ويوم عاشوراء ،ويوم الأربعين خصوصا فقد اعتبر الإمام العسكري (ع) زيارة الحسين (ع) يوم الأربعين من علامات المؤمن، كما أن الأجر والثواب الموعود على الانفاق على خدمة الحسين ،وزوار الحسين ما لا يعرف قدره إلا الله، وإن الله سبحانه يقضي حوائجه ويحفظ ماله وولده. واعلموا أن مَنْ يسعى في خدمة الحسين (ع) يشفع له سيّد الشهداء فهلّموا شيعة أهل البيت إلى رحاب سيّد الشهداء وتزودوا به وانصروه بإقامة مجالس العزاء وتنظيم المواكب وانتصروا به ،والله مولاكم ،وناصر كم في حلكم وترحالكم.
الثاني: يجب أن تكون المواكب ومجالس العزاء نزيهة وخالية عن المقاصد الدنيوية وعن الشعارات السياسية التي لا تتلاءم ونهضة الحسين (ع) وإن اتخاذ الدين وسيلة للاغراض الدنيوية أبشع عمل ،ويندرج في أعمال المنافقين.
الثالث: تعارف في العصر الحاضر رسم الصور للمعصومين ما جعلها سببا للسخرية والاستهانة بتلك الأنوار القدسية والوجوه النيّرة _سلام الله عليها_. واعلم أن رسم الصور لكل ذي روح إذا لم يكن عن طريق الكامرة محرم عندنا ثم نسبة هذه الصور إلى المعصومين زورا وبهتانا معصية كبيرة فيجب الاجتناب عن هذا العمل.
الرابع: يجب الاجتناب عن تشكيل التمثيليات التي يتظاهر أهلها بعرض واقعة الطف وتجسيد ما حدث يوم عاشوراء من المظالم والفجائع فإن القصد حسن إلا أن الذي يحدث هو أن هذه التمثيليات تسيئ إلى أبطال الطف مما يبعث على الاشمئزاز فمثلا يؤتى بممثلة معروفة بسلوكها... لتمثل زينب ابنت علي (ع) أو غيرها من شريفات البيت الطاهر، فإنا نرى في ذلك إساءة بالغة وطعنا في عمق قضية الحسين عليه السلام.
الخامس: التطبير واستخدام الزنجيل إنما أبحناه إذ لايستلزم تنفر الجهلة عن المبدأ الذي ضحا سيد الشهداء لأجله، ولم يكن هناك اطمئنان بالموت أو تعطل أي عضو من الأعضاء ،فيجب التقيد بهذه الملاحظات.
السادس: يجب ألا تؤدي المواكب الحسينية ومجالس العزاء إلى الاستهانة بالصلاة ،وغيرها من الواجبات الأساسية في الإسلام، كما يجب ألا يحصل الاختلاط والمزج بين الصنفين الرجال والنساء ؛فانه من مفاسد العصر، ومخزيات الزمان.
السابع: بلغنا أنه بدأ بعض من لا معرفة له بأحكام الدين أو لا حريجة له في الدين بصنع تماثيل لشهداء الطف أو فرس سيد الشهداء (ذي الجناح) أو فرس أبي الفضل العباس (سلام الله عليه) وينبغي أن يعلم إن صنع التمثال المجسم لأي ذي روح من الكبائر ،ولا تدخل الملائكة البيت الذي يوجد فيه تمثال ويجب على المؤمنين الامتناع عن هذا العمل وأن لا يتسببوا الإساءة إلى المذهب وإلى قضية سيد الشهداء (سلام الله عليه). وأخيرا أدعو الله سبحانه أن يمنّ علينا بالتوفيق والسداد وأوصي إخواني بتقوى الله في السر والعلانية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المرجع الديني بشير حسين النجفي
العدد 1606 - الأحد 28 يناير 2007م الموافق 09 محرم 1428هـ