مؤشرات كثيرة تبين لنا أن موضوع قانون أحكام الأسرة سيطرح مرة أخرى وبقوة في القريب العاجل، هذه المرة من أعلى سلطة تشريعية في البلاد «البرلمان». أول هذه المؤشرات هو إصرار «نسائي» من شوريات يسعين لتشكيل لجنة للمرأة والطفل تابعة لمجلس الشورى، واضعات هذا القانون على رأس قائمة طويلة عريضة من الموضوعات اللاتي قررن التحرك بشأنها. ولا أظن أن هذا الأمر غريب ، وخصوصا إذا علمنا أن عضوتين على الأقل من العشر عضوات في المجلس عملن في المحاماة، على اتصال مباشر بمشكلات القضاء الشرعي في المحاكم.
المؤشر الثاني، ولعله الأهم، هو سؤال برلماني تقدم به أحد أعضاء كتلة «المستقبل» البرلمانية أخيرا بسؤال لوزير العدل والشئون الإسلامية عن خطة الوزارة في تطوير إجراءات التقاضي في المحاكم الشرعية؟ وهل تتضمن هذه الخطة آليات لتطوير العنصر البشري لتطوير المحاكم؟ وهل هناك قسم خاص للتفتيش القضائي؟ وما هي مهماته بالضبط؟ قانون أحكام الأسرة، بكل الجدل الذي صاحبه، يجعلنا نتوقع أن جدلا آخر، من العيار «الثقيل»، سيطرح مرة أخرى بين القوى السياسية المتصارعة. وربما تقع فيه « الوفاق»، الكتلة الأكثر جدلا في المجلس النيابي، في مأزق بشأن موقفها الذي لا يزال، على رغم كل ما قيل، غير واضح في شأن هذا القانون. في إجابة له على سؤال طرحته عليه في خيمته الانتخابية منذ أشهر قال الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية ( النائب الحالي) الشيخ علي سلمان إن مشكلة القضاء الشرعي لا تكمن فقط في غياب القانون، فوجوده يحل 20 في المئة من المشكلة برأيه، فيما تبقى 80 في المئة من المشكلات عالقة بسبب النظام القضائي نفسه، ممارسات القضاة، كفاءتهم، طرق تعيينهم، وما أسماه سلمان بـ «الفساد القضائي». أيضا، على الرغم من تأكيده على سعي «الوفاق» لصيانة حقوق المرأة باعتبارها جزءا من هذا المجتمع، لم يجب سلمان عن السؤال، هل ستدعم «الوفاق» مقترحا بقانون أحكام الأسرة في البحرين؟ وبعد أن أصبح هو و16 من أعضاء الوفاق - عدد كبير منهم من شيوخ الدين - نوابا في البرلمان، فهل سيسعون لتحريك هذا الملف الشائك، أم الهروب منه إلى ملفات أقل جدلا بالنسبة لجماهير الوفاق على الأقل. إذ ان مواقف من نوع محاربة الفساد وبحث تقرير الديوان الرقابة المالية، والوقوف إلى جانب المواطن المطحون لتحصيل حقوقه بكل جوانبها، كلها ملفات متفق عليها ولا جدل كبير في شأن مبادئها، على الأقل من جانب المواطنين، الخير والشر فيها واضح. أما ملف كقضية قانون أحكام الأسرة، الذي شهد كل ذلك الأخذ والرد، والمواقف الضبابية المتضاربة غير الواضحة، والذي تم تسييسه بشكل واضح من قبل المعارضين والمؤيدين له معا. ملف من هذا النوع، الذي قاد المجلس الإسلامي العلمائي الحملة المناهضة ضده يوما بمسيرة نسائية حاشدة، والذي أعلن في وقت لاحق في موقف توحدت مع «الوفاق» أنه يؤيد صدور هذا القانون ولكن «بضمانة دستورية». ملف علمنا أن السعي لتطبيقه كان أحد البنود المقترحة من إحدى عضوات « الوفاق» لتتضمن في برنامج الجمعية الانتخابي، ثم سحب من هذا البرنامج لسبب «مجهول» وبيد «مجهولة». ملف يحمل كل هذه الإشكالات المريبة والخطيرة والمتداخلة معا، يجعلنا نتساءل بجدية عن الموقف الذي ستبديه كتلة « الوفاق» البرلمانية من طرح هذا السؤال على وزير العدل في مجلس النواب، وعن الموقف الذي ستبديه أيضا لو تحركت الكتلة «النسائية» - إن جاز التعبير - في مجلس الشورى.
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1604 - الجمعة 26 يناير 2007م الموافق 07 محرم 1428هـ