في كل دورة أو بطولة تكون الدروس كثيرة، ترجو من يستوعبها من أجل الاستفادة الكاملة أو البسيطة منها، وذلك في سبيل الوصول إلى مرحلة جيدة من التطور والتقدم الرياضي الذي سيكون في النهاية لمصلحة البلد، بيد أن الواقع هو المختلف في بلدنا ورياضتنا في هذه الجغرافية الضيقة.
وكما هي فوائد دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة في قطر، ها هي دورة كأس الخليج تبرز أكثر فأكثر، وخصوصا في ظل النطاق الضيق الذي يجمعنا ببلدان مجلس التعاون، ولاسيما ونحن نشهد إقامة مسابقات أبرز ألعاب جماعية لدينا، هي: كرة القدم، السلة، الطائرة واليد.
لن نطيل في هذه المقدمة، التي تبرز مدى حاجتنا إلى مسئولين قادرين على الاستفادة والأخذ بعين الناظر إلى المستقبل بهذه الفوائد والإيجابيات وتلافي السلبيات، غير أن أرض الواقع كما أكدنا سالفا غير ذلك، فها هي نتائج المسابقات في خليجي (18) تؤكد ذلك، ولعل أولها في كرة القدم وما يحصل لمنتخبنا الوطني من نتائج غير مرضية بتاتا وعدم قدرة على تحقيق هذه البطولة التي على ما يبدو أننا سنبقى إلى جانب الوافد الجديد اليمن الوحيدين الذين لن يحققوها، إلا إذا كان لليمن كلام آخر.
ما حدث من إقالة للمدرب الألماني بريغل كان آخر الدروس التي من الممكن أن يستفيد منها المعنيون في القفز بهذه السلبيات إلى تحقيق ما يصبو إليه أبناء هذا الشعب، من حقيقة البحث الجيد والصرف الواعي لكل دينار يمكن أن نتعاقد من خلاله مع أحد المدربين القادرين على انتشال الكرة البحرينية من الفشل الذي تعيشه طوال عقود طويلة، لم تحقق ما يذكر، ولعل أفعال وأقوال بريغل كانت الدليل على عدم قدرته على إحداث هذا النجاح، خصوصا في ظل السيرة الذاتية التي كان يملكها، والتي لم تكن لتحتوي على شيء يمكن من خلاله التفكير أصلا في التوقيع مع أمثال هذا المدرب الذي في الحقيقة أعادنا إلى أيام الإحباط السابقة التي كان فيها التعادل واللعب من دون قدرة حقيقية على فعل شيء ولا هدف هو السائدة في كل مشاركاتنا.
إذا نحن بحاجة ماسة إلى من يعرف كيف تؤكل الكتف ويصطاد المدرب القادر على توظيف إمكانات اللاعبين، لا أن نكرر ما فشلنا فيه سابقا، وخصوصا أن الاتحاد طوال التعاقدات الثلاثة الأخيرة أكد فشله وعدم قدرته على جلب الأفضل وإنما الأفشل، والنتائج هي الدليل.
العمانيون أبرز الدروس
فائدة أخرى في هذه الدورة، هي المستوى المتطور الذي يقدمه المنتخب العماني على رغم احتراف جلّ لاعبيه في الدوري القطري والكويتي، فبينما يؤكد رئيس الاتحاد العماني للكرة أن الاحتراف أفاد المنتخب، يأتي رئيس اتحادنا ؛ليضع كل فشل يحدث للمنتخب بسبب الاحتراف، فهل يا ترى يختلف احترافنا عن احترافهم؟!، فكلانا نلعب في قطر والكويت، وكلانا يلعب بغالبية الأساسيين خارج بلدانهم، حتى أن عمان يتفوق علينا باحتراف حارسه علي الحبسي في الدوري الإنجليزي، وكل العالم يلعب بلاعبين غالبيتهم محترفون.
إذا أين الخلل؟! الخلل هو في عدم احتراف مسئولينا، إذ نحتاج إلى أن يحترف المعنيون كيف يسيرون أمور الاتحاد ووضعها في الطريق الصحيح، بدءا من تسيير المسابقات المختلفة التي يحتضنها، والعمل على توفير الملاعب الجيدة ؛لإخراج نواة لأفضل اللاعبين، وتوفير المكافآت التي تصب في خدمة الرقي بمستوى الدوري العام، والظفر بمدرب كبير يقود أحلامنا بمنتخب يحقق البطولات أو على الأقل ينافس بشراسة، لا أن نجعل الأمور تسير (على بركة الله).
إذا نحتاج إلى أن يدرس مسئولو الاتحاد كيفية تسيير كل ذلك باحترافية، لا أن نضع كل الأخطاء على احتراف لاعبينا أو على المدرب، فنحن بحاجة ماسة إلى الاستفادة من عمل الأخوة العمانيين الاحترافي الذي يترك الأمور الفنية للمدرب المختص، واختيار اللاعبين للمدرب لا إجباره على أحد، ومناقشة المدرب باحترافية عن كل أمور المنتخب، وفي الأساس التعاقد باحترافية مع المدرب الجيد لمنتخبنا، لا أن يكون التعاقد مع مدربين يعرفون كيف يحتالون على عقودنا الفاشلة هي أيضا!
لا نريد أن نقول: إن على الاتحاد أن يستقيل بعد كل هذه الإخفاقات، بل عليهم أن يبدأوا الاستفاقة والعمل باحترافية واضحة قادرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 1601 - الثلثاء 23 يناير 2007م الموافق 04 محرم 1428هـ