البحرين دولة عربية مسلمة - لاشك في ذلك - والبحرين دولة خليجية لها طابع خاص في الحفاظ على أخلاق أبنائها وكذلك في القوانين التي يجب أن تنظم هذه الأمور - هكذا يجب أن يكون. والبحرين - حاليا - يكثر الإسلاميون في مراكز صنع القرار فيها وخصوصا بعد الانتخابات الأخيرة. ومع هذا كله، ومع كل المعطيات التي تفرض أن يكون هذا البلد خاليا/ أو شبه خالٍ من الفساد المعلن والمقزز أحيانا فإن ما كان يجب أن يكون مفروضا وأمرا مفروغا منه ليس موجودا - بكل أسف - في مملكة البحرين الإسلامية الخليجية!
كنت سعيدا وأنا أقرأ في إحدى الصحف البحرينية الثلثاء 13 ذوالحجة 1427هـ أن وزارة الإعلام ستتخذ قرارات تسمى «تنظيم السياحة» هدفها التقليل قدر الإمكان من ظواهر الفساد الأخلاقي في الفنادق ذات السمعة السيئة في هذا المجال وهي الفنادق ذات النجوم الثلاث وما في حكمها.
ما يجري في هذه الفنادق أصبح مضرب المثل في السوء؛ السوء ليس لهذه الفنادق وحدها بل لمملكة البحرين كلها، فعلى ذمة الصحيفة البحرينية فإن هناك شبكات هدفها استيراد «العاهرات» من تايلند إلى البحرين وقد تكون هناك شبكات - أو شبهها - تقوم بالعمل ذاته ومنذ مدة طويلة.
أصحاب الفنادق - بطبيعة الحال - لن يسرهم هذا الإجراء، ومن المرجح أن يقفوا بكل قواهم ضد تحقيقه، ومعروف أن هؤلاء وأمثالهم لا تهمهم مصلحة بلادهم ولا سمعتها بل تهمهم مصالحهم المادية ولا شيء أكثر من ذلك.
يتعلل بعض أصحاب الفنادق ذات السمعة السيئة بأن إغلاق تلك الفنادق سيتسبب في فقد مجموعة كبيرة من أبناء البحرين وظائفهم وبالتالي فهم يرون استمرار أعمالهم - كما يدعون - حفاظا على مصلحة أبناء البحرين!
أقول لهؤلاء: من العيب أن تمارسوا في فنادقكم أعمالا تسيء إلى بلادكم من كل الوجوه استنادا إلى حجج واهية، أنتم أبعد ما تكونون عن الصدقية وأنتم تقولونها.
دولة البحرين يفترض بها أن تساعد جميع مواطنيها على إيجاد أعمال شريفة تخدمهم وتخدم بلادهم في الوقت نفسه، ويجب على هذه الدولة ألا تدفع أي مواطن ليقوم بأي عمل مخالف للقانون العام أو لدين الدولة تحت وطأة الحاجة... وعندما تقوم الدولة بهذا الدور الذي يصب في مصلحتها كما يصب في مصلحة مواطنيها يومها لن يكون هناك عاطل ويومها لن يدعي أصحاب الأهواء والنفوس الضعيفة أن ممارساتهم لبعض الرذائل تصب في مصلحة المواطنين...
لقد كنت أقرأ الخبر الذي نشرته صحيفة بحرينية أخرى يوم الثلثاء 13 ذوالحجة 1427هـ وأنا لا أكاد أصدق عيني من بشاعة ما أقرأ.
بحسب روايتها فقد كان سائح خليجي في أحد المطاعم في فندق - يبدو أنه من إياها - فشاهد رجلين يرتديان ملابس غريبة معظمها نسائية كما شاهد أيضا مجموعة من الرجال يقومون بتصرفات جنسية وبعضهم يتبادلون القبل!
لم تنتهٍ الرواية - على سوئها - فالرجل يقول: إنه أبدى استياءه من هذا الفعل الشاذ الذي يقع في محل عام، هذا الاستياء جعل موظفي المطعم يوسعونه ضربا وركلا وشتما وكأنه أتى بجريمة لا قبل لهم باحتمالها... جريمة هذا السائح أنه أزعج العاشقين المحترمين فكان لابد من معاقبته بالضرب والركل.
لست أدري، ماذا فعلت جهات الاختصاص في البحرين؟ وإن كنت آمل أن تكون اتخذت إجراء يتكافأ مع الهلوسات التي ارتكبها صاحب المطعم وزبائنه.
على أية حال، آمل أن يدرك أصحاب هذه الأماكن الفاسدة وأن تدرك الجهات المسئولة عن السياحة في البحرين أنه من أسوأ الأمور أن تسمح هذه الجهات بالمتاجرة الرخيصة بالنساء - أيا كانت جنسياتهن - فالمرأة لها مكانتها وكرامتها ولا ينبغي معاملتها كالإماء واستغلال حاجاتها ورميها للذئاب البشرية سعيا وراء ربح مادي لن يعود على صاحبه إلا بالدمار.
وفي هذا السياق، لا ينبغي تجاهل أهالي البحرين الطيبين الذين أجزم أنهم يعانون من هذه الظاهرة السيئة التي لا تليق بهم وببلادهم، فمن حقهم على بلادهم أن تعمل للمحافظة على أخلاقهم وأخلاق أولادهم وبناتهم؛ فما يجري في تلك الأماكن يسيء لهم من دون شك، وما يكسبه أصحاب تلك الأماكن - مهما كانت كثرته - لا يوازي بأي حال أي ضرر أخلاقي يعود على أهالي البحرين سواء أكان هذا الضرر ماديا أم معنويا.
البحرين تستطيع الاستفادة من السياحة لكننا - ولأننا نحبها - نريدها أن تحقق المكسب من سياحة لا تسيء لسمعتها وسمعة أبنائها وهي قادرة على ذلك، فهل تفعل؟
وأخيرا... هل تستطيع جمعيات المرأة في البحرين أو المهتمون بقضايا المرأة - أيا كانت توجهاتهم - أن يقوموا بدور فاعل للتخفيف - على أقل تقدير - من امتهان المرأة وتعرضها لأبشع أنواع الاستغلال تحت وطأة الحاجة أحيانا والاستهتار أحيانا أخرى؟
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 1601 - الثلثاء 23 يناير 2007م الموافق 04 محرم 1428هـ