في الحلقة الرابعة من قراءتنا لتقرير «الحرية الاقتصادية» للعام 2007 نركز على أداء البحرين فيما يخص بعض المتغيرات.
للتذكير يعتمد تقرير الحرية الاقتصادية الصادر من قبل مؤسسة «هيريتج فاونديشن» وصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركيتين ذات التوجهات المحافظة على عشر متغيرات وهي: 1) حرية الأعمال 2) حرية التجارة الدولية 3) الحرية المالية 4) الحرية من الحكومة 5) الحرية النقدية 6) الحرية الاستثمارية 7) الحرية المصرفية 8) حقوق الملكية 9) الحرية من الفساد 10) الحرية في توظيف وتسريح العمال. حتى الآن ناقشنا المتغيرات الأربعة الأولى.
خامسا: الحرية النقدية
حسب التقرير, لا يعاني الاقتصاد البحريني من أزمة تضخم إذ تم تحديد نسبة الغلاء عند 2.5 في المئة. يشار إلى أن الجهات الرسمية غالبا ما تعتمد على إحصاءات مصدرها الحكومة. المؤكد بأنه ليس بمقدور أحد الزعم بأن اقتصادنا لا يعاني من أزمة غلاء الأسعار في الوقت الحاضر.
من جهة أخرى, لاحظ التقرير أن هناك تدخلا من الدولة في تحديد أسعار بعض السلع والخدمات مثل النفط والكهرباء والماء. بمعنى آخر فإن أسعار هذه السلع الاستراتيجية غير خاضعة لقوانين العرض والطلب. المعروف بأن الفقير والغني والمواطن والأجنبي جميعهم يستفيدون من السلع المدعومة. يذكر أن تقرير الحرية الاقتصادية يرى أن أي تدخل من جانب السلطات (بما في ذلك تقديم دعم لبعض السلع) أمر سلبي لأن من شأن ذلك تقويض نظام السوق. في المحصلة حصلت البحرين على نسبة 80 في المئة من الحرية في السياسة النقدية.
سادسا: الحرية الاستثمارية
لاحظ التقرير بأن الحكومة البحرينية ترحب بالاستثمارات الأجنبية بشكل عام. كما أشاد بسياسة عدم فرض قيود على تحويل الأرباح للخارج. بالمقابل انتقد التقرير بعض النواقص مثل عدم السماح للشركات الأجنبية بمنافسة المؤسسات التابعة للحكومة بطريقة أو أخرى. كما انتقد التقرير الإجراءات المطولة عند تسجيل الشركات الأجنبية. أيضا انتقد التقرير وجود بعض القيود على الملكية فيما يخص المستثمرين من خارج دول مجلس التعاون الخليجي. أيضا نبه التقرير إلى سياسة تحديد ملكية المستثمرين غير الخليجيين بنسبة 49 في المئة فيما يخص الأسهم المدرجة في بورصة البحرين. وتسببت هذه السلبيات في حصول البحرين على نسبة 50 في المئة فقط من الحرية الاستثمارية.
سابعا: الحرية المصرفية
يعتبر القطاع المصرفي إحدى نقاط القوة الرئيسية في أداء البحرين إذ حصلت على 90 في المئة من الحرية المصرفية. حسب إحصاءات العام 2005 شكل قطاع الخدمات المالية نحو 28 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة أي الأكثر أهمية من بين كل القطاعات الأخرى بما في ذلك النفط والغاز ربما لا يختلف اثنان على أن البحرين تعد مركزا ماليا مهما في المنطقة بالنظر لاحتضانها عددا كبيرا من المصارف. ولفت التقرير الانتباه إلى أن 15 من أصل 25 مصرفا تجاريا عاملا في البحرين هي مصارف أجنبية. حقيقة القول يمثل القطاع المالي والمصرفي المثال الناجح لسياسة الباب المفتوح حيث أدى تواجد المصارف الدولية إلى تأصيل مبدأ المنافسة الأمر الذي ساهم ولايزال في تطور الصناعة المصرفية في البحرين. تاريخيا تمكنت البحرين من فرض نفسها كواجهة مصرفية أولى في المنطقة بسبب النهج الاقتصادي المتمثل بجلب المصارف والاستثمارات الأجنبية. فقد نجحت البحرين في استقطاب المصارف العاملة في بيروت وذلك بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في العام 1975.
لكن يكمن تحدي في الحفاظ على مكانة البحرين كأفضل واجهة للعمل المصرفي في المنطقة وذلك في ظل تنامي المنافسة الإقليمية. فهناك مشروع مركز دبي المالي العالمي بكلفة قدرها مليارا دولار (أي أكثر من مشروع مرفأ البحرين المالي والذي يبلغ مليارا و300 مليون دولار). كما تعمل السلطات المالية في الدوحة على استقطاب المؤسسات المالية إلى مشروع مركز قطر المالي. أيضا من المنتظر أن يبدأ العمل في العام الجاري لإنشاء مشروع مركز الملك عبدالله المالي في الرياض.
ننهي تغطيتنا لتقرير الحرية الاقتصادية يوم غد (الخميس).
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1601 - الثلثاء 23 يناير 2007م الموافق 04 محرم 1428هـ