دفع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية الوقود الحيوي من لاعب صغير في سوق متخصصة إلى التيار السائد في سوق السلع الأولية البالغة قيمتها مليارات الدولارات ليطلق معه سيلا من المشروعات الجديدة واهتمام المستثمرين الأمر الذي أشعل فتيل أسواق السلع الزراعية العالمية.
ومن زراعات قصب السكر في البرازيل إلى حقول اللفت في فرنسا ومن حزام الذرة الأميركي إلى غابات النخيل في ماليزيا، فالبحث جارٍ على قدم وساق عما أطلق عليه «الذهب الأخضر» الجديد. أو ما أصبح يعرف بالوقود الحيوي.
وبينما يحصر البعض الوقود الحيوي في ذلك الوقود المستخرج من النباتات ويتخذ هيئتين الأولى هي الايثانول المستخرج من السكر أو الحبوب ويمكن إضافته إلى البنزين والثانية هي الديزل الحيوي المستخرج من الحبوب الزيتية أو زيت النخيل ويضاف إلى الديزل. يذهب البعض الآخر ليوسع من مفهوم الطاقة الحيوية فيعتبرها كلّ أنواع الطاقة المنتَجة من الوقود الحيوي بأنواعه: الوقود المنتَج بشكل مباشر أو غير مباشر من الكتلة الحيوية. والكتلة الحيوية، هي المادة ذات أصل بيولوجي (باستثناء الموادّ المطمورة في التشكيلات الجيولوجية والتي تحوّلت إلى متحجّرات أحفورية)، مثل: حطب الوقود، الفحم النباتي، النفايات والمنتجات الثانوية الزراعية، محاصيل الطاقة، روث الماشية، الغاز الحيوي، الهيدروجين الحيوي، الكحول الحيوي، الكتلة الحيوية الميكروبية، وغيرها. وتشمل الطاقة الحيوية على جميع مصادر الطاقة الخشبية وجميع مصادر الطاقة الزراعية.
وترى الكثير من الحكومات في هذه التقنيات الجديدة سبيلا إلى تقليل الاعتماد على النفط المستورد وكبح انبعاث غازات ظاهرة الاحتباس الحراري وتعزيز الزراعة المحلية. وأشعل الطلب على تلك التقنيات فتيل توترات في أسواق السلع الغذائية التقليدية.
وقال محللو أسواق السلع الأولية في مؤسسة سايكلوب ومقرها باريس: إن الوقود الحيوي وقع «ضحية لنجاحه (حيث) شهدنا ظهور أولى التوترات في أسواق الوقود الحيوي البرازيلية والأميركية مع ارتفاع الأسعار».
وقالوا في تقريرهم لعام 2006 إن «ادارة تلك التوترات ستظهر ما إذا كان الايثانول قد دخل بالفعل عصرا ذهبيا جديدا وإذا كان من الممكن اعتباره سلعة استراتيجية».
ولفترة طويلة ظلت البرازيل مركزا رئيسيا لانتاج الوقود الحيوي مستغلة صناعة قصب السكر الهائلة لديها لانتاج الايثانول. ويقول بعض خبراء الصناعة إنها قد تتبوأ في مجال الوقود الحيوي المركز الذي تشغله السعودية في سوق النفط.
من جهة ثانية، قال رئيس وحدة مصادر الطاقة المتجددة في وكالة الطاقة الدولية بيتر توليج: إن كلف إنتاج تلك الأنواع من الوقود الحيوي قد لا تتجاوز 25 سنتا للتر الواحد ما يجعلها ذات قدرة كبيرة على المنافسة.
وهناك توقعات متفائلة تتوقع أن يشهد هذا القرن تحوّلا جذريا من اقتصاد قائم على الوقود الأحفوري إلى اقتصاد قائم على الطاقة الحيوية، مع الزراعة والغابات كمصدرين أساسيين من مصادر الكتلة الحيوية لأنواع الوقود الحيوي مثل حطب الوقود، والفحم النباتي، والكُريّات الخشبية والبيوثانول والبيوديزل، والكهرباء الحيوية.
ومن الظواهر الملفتة للنظر على هذا الصعيد، هو حماس المرأة للترويج لهذا النوع من الوقود. إذ تروج مجموعة من النساء من بيركلي في كاليفورنيا إلى فيلادلفيا في بنسلفانيا إلى وينزبورو في فرجينيا لاستخدام الديزل الحيوي الذي يمكن استخدامه لتشغيل أي محرك ديزل سواء في سيارة أو شاحنة أو حافلة.
وتدير هؤلاء النساء أعمالا تجارية تعاونية تشتري الوقود الحيوي من موزع رئيسي مثل بيوفيولز في أوكياه، كاليفورنيا، وتبيعه للعامة. كما تقوم النساء بتعليم الفصول الجامعية حول التركيب الكيماوي لهذا الوقود ويعملن كمستشارات لأصحاب مشروعات الوقود الحيوي التجارية ويسافرن عبر أرجاء البلاد لتعليم الناس كيفية تخمير الزيوت النباتية.
وقد قامت خمس نساء منهن بإنتاج فيلم بعنوان Fat of the Land حول تحكم النفط برقابنا والبديل الذي تقدمه زيوت الطهي. وقد قامت هؤلاء النساء الخمس بقيادة سيارتهن من نيويورك إلى سان فرانسيسكو وتوقفن في الكثير من الاستراحات وطلبن إعطاءهن زيوت القلي المستعملة لتشغيل سيارتهن.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1600 - الإثنين 22 يناير 2007م الموافق 03 محرم 1428هـ