الوضع الذي تعيشه المنطقة العربية ولاسيما منطقة الخليج يبدو غير مطمئن من الناحية النفسية، وخصوصا في ظل إطلاق تصريحات بعضها غير مسئول ولا تصب في صالح شعوب هذه البقعة من العالم التي عايشت ثلاث حروب من مطلع الثمانينات في القرن الماضي، وربما رابعة في الانتظار! فلن يكون موضوع إثارة النعرات الطائفية والعرقية مسألة تحتاج إلى تاجيج في وقت ارتفعت فيه وتيرة التهديدات الأميركية على إيران بتوجيه ضربة عسكرية قد تحدث قريبا بحسب المؤشرات. ليس هذا فحسب بل إن إشغال الرأي العام العربي بقضايا متشعبة والخوض في تفاصيل يفترض أن تكون منطقة الخليج في غنى عنها من أجل تحويل قضايا جوهرية تعيشها المنطقة إلى قضايا ثانوية أمام ما يحصل من تصعيد حالي، وأقصد بذلك فلسطين والعراق ودارفور والصومال التي من المفترض أن تكون من أولوياتنا، وبدلا من البحث في مصير هذه الدول بدأنا نبحث عن جزئيات تضعف من طاقة شعوب المنطقة وتقلل من قيمة هويتنا وثقافتنا وديننا الذي يتعرض لهجمات عدة في غالبيتها غير مبررة.
لقد أصبحنا ننظر لبعضنا بعضا بنظرة عنصرية، وبدلا من التركيز على الصراع العربي - الإسرائيلي نستدرج الآن لتوجيه أصابع الاتهام إلى بعضنا بعضا فصار البعض من أهل السنة ينظرون بنظرة غريبة لإخوانهم الشيعة، تقابلها نظرات تشكيك واتهام من بعض الشيعة إلى إخوانهم السنة، ليستمر الأمر على هذا المنوال، فيبدأ التكفير والتقليل من شأن الآخرين حتى ينتهي أمر ديار العرب والمسلمين بالفرقة والدم.
إن ما وجه الداعية المعروف الشيخ يوسف القرضاوي أمس الأول من انتقادات حادة إلى إيران، متهما إياها بمحاولة نشر المذهب الشيعي في بلدان سنية في افتتاح مؤتمر بالدوحة عن الحوار بين المذاهب الإسلامية هو كلام لا يسر بل يثير الفتنة والضغينة، هذا في الوقت الذي نسمع عن خطط على الجانب الآخر في بلدان أخرى. نحن هنا لا نريد أن ندخل في تفاصيل أي مذهب كان فهي لأهل الاختصاص، لكن يبقى علينا أن نعي أننا يجب علينا ألا نقع فريسة لأي شكل من أشكال الطأفنة والتعصب والعنصرية لأن الإسلام جمع جميع الأعراق والأجناس والألوان، وليس من حق أحد أن يقلل من قيمة المذاهب أو حتى الأديان الأخرى لأن الآخرين يجدون دينهم هو الأفضل كما هو الحال مع مذاهب الإسلام والأديان الأخرى. وعلى رغم ما يحمله هذا الكلام من ألم لأنه صادر عن عالم دين جليل كان دائما يعمل على أن يجمع المسلمين، ولكننا نفاجأ بتصريحات لا تسير في السياق المعروف عن القرضاوي. وأشير الى ما ذكرته سيدة عربية متزوجة من بحريني وهو يلخص ما وصلنا اليه من توتير نفسي بين الطوائف... إذ تقول السيدة إنها ذهبت قبل أسابيع قليلة إلى سفارة بلادها في المنامة من أجل ترتيب إجراءات جنازة والدتها التي توفيت، فإذا السفير يستوقفها بالسؤال عما اذا كانت متزوجة من سني أم شيعي، فأجابته بأنها متزوجة من سني. فقال لها السفير «خير ما اخترت لأن حكومتنا لا تريد مواطنين شيعة»... هذا الكلام أثار استياء السيدة التي تفاجأت برد السفير مثلما نحن تفاجأنا بتصريحات قد تصب في اتجاه الطأفنة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1600 - الإثنين 22 يناير 2007م الموافق 03 محرم 1428هـ