العدد 2244 - الإثنين 27 أكتوبر 2008م الموافق 26 شوال 1429هـ

طَعْم الخسارة مُرّ!

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

لا يختلف اثنان على أن طعم الخسارة مر بكل ما للكلمة من معنى، غير أن الرياضة بطبيعتها تحتمل الخسارة كما تحتمل الفوز بنسب متساوية تماما، ففي كل منافسة رياضية لا بد من فائز أو خاسر وفي النهاية هناك بطل واحد فقط.

تتويج هذا البطل باللقب لا يعني أن الآخرين لا يستحقونه بقدر ما يعني أن من حقق البطولة عمل واجتهد ووفق أكثر من غيره.

الرياضة هي حالة انسانية راقية تدفع الانسان نحو العطاء والبذل ماديا ومعنويا وبدنيا، فالجميع يعملون في المجال الرياضي من مواقعهم كلاعبين أو حكام أو مدربين أو إداريين من أجل هدف سام يجمعهم جميعا.

وميزة الرياضة أنها تحد مع النفس يضع الأخلاق غايته؛ لأن الرياضة من دون أخلاق هي أبعد ما تكون عن معنى الرياضة.

في الحروب والنزاعات تنحى الأخلاق جانبا ويصبح الهدف تحقيق النصر بأية وسيلة كانت وأن استلزم الأمر استخدام القنابل النووية التي لا تفرق بين طفل أو امرأة، وتقتل الجميع بكل سادية بشرية كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية في اليابان!.

أما الرياضة فهي على العكس تماما إذ تضع الأخلاق غايتها الأسمى، ويعاقب من يتجاوز الأخلاق الرياضية بعقوبات رادعة.

في الرياضة الجميع يرغب في الفوز ويسعى إليه ولا يرضى بشيء غيره، إلا أن الخسارة واردة، وتقبلها بكل روح رياضية إن حصلت لا يقلل من شأن الخاسر بل يزيده رفعة ومكانة.

على مستوى الدول المتحضرة فإن المنافسات الرياضية تخاض بكل روح رياضية ومن يتجاوز هذه الروح مهما كان اسمه أو موقعه فإن العقاب نصيبه، كما حصل لفريق يوفنتوس الايطالي عندما تلاعب بنتائج المباريات قبل موسمين مع فرق أخرى، إذ تم اجبار الفريق على الهبوط إلى الدرجة الثانية على رغم كل العراقة التي يمتلكها إيطاليا وأوروبيا وعالميا.

هناك في كل موسم قد نشاهد بطلا جديدا، وعلى رغم صرف الملايين من قبل الأندية الأوروبية فإنها تتلقى الهزائم وتخسر البطولات وجماهيرها ومسئولوها ولاعبوها يتقبلون هذه الخسارة ويعملون على تصحيح الأخطاء.

عربيا، نعاني من مشكلة كبيرة تتمثل في أن فرقا، ونتيجة لفوارق مالية وربما طبقية، تعودت على الانتصارات من خلال الامكانات الكبيرة التي تمتلكها، وبالتالي فإن جماهيرها لا يمكن أن تتقبل الهزيمة بأي شكل من الأشكال!.

المشكلة أن هذه الفرق ولفرط فوزها المتكرر أصبح لديها شخصية اعتبارية أقوى من القانون ومن الاتحادات الوطنية ما يجعلها فوق المحاسبة ويجعل لاعبيها وجماهيرها فوق القانون!.

محليا، الوضع لا يختلف إن لم يكن أسوأ من ذلك، والأمثلة كثيرة ولا داعي لتكرارها؛ لأن العقوبات تلغى، والتجاوزات غير الإنسانية قبل أن تكون غير أخلاقية يتم التغاضي عنها، وجماهير لا تقبل الخسارة أبدا ولا تتقبلها وإن حصلت فإن من حقها أن تفعل ما تريد، فتخرب وتعتدي وفي النهاية تكافأ!.

ولفرط الأسى أن الحكام أيضا يشاركون في المهزلة، ويفعلون من الغرائب والعجائب في مختلف الألعاب من خلال احتساب الوقت بدل الضائع عند خسارة الفريق الذي لا يرغب الاتحاد والمسئولون عن الرياضة في خسارته بشكل جنوني قد يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، واحتساب الأخطاء وركلات الجزاء، والتغاضي عن الخشونة وغيرها الكثير.

وفوقهم يقف من يفترض بهم أن يكونوا القادة لرياضة سليمة وراقية والحكم بين الجميع بكل حيادية واخلاص، يقفون بكل إصرار وعن سبق إصرار وترصد مع المعتدي ضد المعتدى عليه لدرجة تصل إلى الوقاحة في بعض الأحيان!.

عندها فقط تعرف أنك في العالم الثالث، حيث قانون الغاب، وحيث الرياضة شطارة مفلسة لا علاقة لها بالأخلاق أو مرارة الخسارة!

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 2244 - الإثنين 27 أكتوبر 2008م الموافق 26 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً