من بين المفكرين الذين تعاطفوا مع المنتدى العالمي ومهدوا له الكاتب نعوم تشومسكي الذي يرى في المنتدى حركة اجتماعية ضد ظاهرة العولمة، ويعتبره حركة عولمة من طراز آخر. إذ «يوفر المنتدى الاجتماعي العالمي (كما يرى تشومسكي) احتمالات على قدر من الأهمية لا نظير لها. فهي تجمع ما بين قوى جماهيرية من مناحٍ متعددة ومتنوعة، من بلاد فقيرة وبلاد غنية معا، لتطوير بدائل بناءة تدافع عن الغالبية العظمى من سكان العالم ضد الهجوم على حقوق الإنسان الأصيلة، وتتقدم لتحطم التركيز غير الشرعي للسلطة، وتبسط سلطان العدالة والحرية».
أما رئيس لجنة إلغاء ديون العالم الثالث إيريك توسان فيرى في المنتدى الاجتماعي العالمي اليوم «مجموع التجارب الخصبة التي أتاحت الانتقال من 12 ألف مشارك في العام 2001 إلى 100 ألف خلال اللقاء الثالث. إنه سيرورة تشكل بداية دينامية عالمية مجددة، باتت منغرسة على نحو ملموس جدا في قارات كثيرة وهي قوية بأميركا اللاتينية وأوربا الغربية وبدرجة أقل في آسيا وأميركا الشمالية، وأقل تطورا بكثير في إفريقيا وأوربا الشرقية». ويضيف في هذا الاتجاه قائلا: «إننا في سيرورة توحيدية: سيرورة أنهار كثيرة تصب في بحر حركة الحركات التي تعتبر الرأسمالية والبطريركية نظامين متكاملين هما سبب مشكلات العالم».
أما المفكر اليساري العربي سمير أمين فكان من القلائل الذين وضعوا الاصبع على مسألة «المخارج السياسية» المعقدة التي يجب أن تكون للمنتدى الاجتماعي العالمي. فهو يرى أن المنتدى استمد نجاحه من طريقة الإجماع الذي استطاع أن يدير بها تنوع المقاربات والحركات، وتحمل التناقضات وصراع الأفكار، وهو - أي المنتدى حسبما يراه أمين - يرفض أن يكون فضاء للسلطة واتخاذ القرار، مستبعدا منذ الوهلة الأولى الأحزاب السياسية. إن المنتدى - وفقا لما يرى أمين - «جعل من الانفتاح ومن التعددية أحد مبادئه الأساسية، وقدم للحركة الاجتماعية أمرين بالغي الأهمية:
1- القدرة على خلق حوار شامل بين منظمات ومناضلين من مختلف الآفاق الجغرافية والاجتماعية والسياسية.
2- فكرة وجوب البحث عن بدائل للفكر النيوليبرالي الوحيد الذي يصر على تطبيق الوصفات والسياسات نفسها على شعوب الكوكب كافة، أيا كان تعدد تاريخها وأوضاعها، والانطلاق من الإقرار بأنْ ليس ثمة حل سحري جاهز للاستعمال. ساهم المنتدى الاجتماعي العالمي بشكل كبير في نزع الشرعية عن الرأسمالية والسياسات النيوليبرالية، ومنح حافزا جديدا للتعبئة على الصعيد العالمي والتي انخرطت فيها كل الأجيال، وساهم في بناء أممية هائلة للنضالات والمقاومات. وتشكل المنتديات الاجتماعية خصوصا إحدى لحظاتها القوية، ودحض أفكار أولئك الذين ينادون بنهاية التاريخ وبالأيام الجميلة للرأسمالية المنتصرة، وهي تكشف وجه إنسانية تواصل مسيرتها وتعمل وتحلم بشكل جماعي لوضع لبنات عالم ممكن، مع قبول لم يسبق له مثيل للاختلافات والتنوعات».
ومنذ دورته الأولى، التي التأمت في يناير/ كانون الثاني 2001 في بورتو أليغري بالبرازيل، سجل المنتدى الاجتماعي العالمي نموا هائلا، سواء لجهة عدد الأنشطة أو لعدد المشاركين فيه. وهنا يشدد سيرجيو فيراري من المنظمة السويسرية للتطوع في مجال التعاون على أن «النمو لم يكن كميا فحسب، بل كان نوعيا أيضا»، كما يرى أن «دورات المنتدى سمحت بتعزيز شبكة العلاقات بين الحركات الاجتماعية».
وتتفق فانيا ألّيفا، من اتحاد النقابات السويسرية، التي تشارك للمرة الثانية في أشغال المنتدى، مع هذا الرأي وتقول: «في المنتدى، يمكن بناء تحالفات مع حركات اجتماعية من كل العالم، بالنسبة إلى النقابات، هذا أمر أساسي».
في نيروبي، ستلعب النقاشات المرتقبة بشأن مستقبل المنتدى الاجتماعي العالمي دورا مهما، فهناك من يخشى من تراجع المنتدى، ويرغب في أن يعتمد برنامجا سياسيا بأتم معنى الكلمة، في حين يُفضل آخرون أن يظل فضاء للنقاش المفتوح.
في هذا الإطار، سيخصص اليوم الرابع من أشغال المنتدى للتخطيط للحملات التي ستنظم في العامين 2007 و2008. لذلك، يأمل الجميع أن ينتقل المنتدى في نيروبي من البعد المقتصر على مقاومة العولمة إلى تحركات أكثر تنسيقا وإلى مقترحات لبدائل ملموسة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1599 - الأحد 21 يناير 2007م الموافق 02 محرم 1428هـ