منذ تفجير مرقد العسكريين في سامراء (العراق) في فبراير/ شباط 2006 والحديث يزداد عن فتنة طائفية تعم المنطقة... وهذه الفتنة الطائفية أصبحت تنافس «النزاع العربي - الإسرائيلي» في تشكيل المواقف الرسمية والشعبية. وحتى عندما حدث العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/ تموز الماضي انطلقت التصريحات من جهات دينية ورسمية، فهم منها أنها غلبت الجانب الطائفي على جانب الصراع العربي - الإسرائيلي.
العام 2006 أدخل المنطقة في نمط من التفكير الطائفي الذي لم نشهده من قبل، وافتتحنا العام 2007 بخطة جديدة للرئيس الأميركي للسيطرة على الوضع الأمني في العراق عبر زيادة القوات الأميركية وعبر فتح الحوار مع من أسمتهم وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بحلفاء أميركا «الديمقراطيين» وهما: «إسرائيل» وتركيا، ومع حلفاء أميركا من «القادة المسئولين» وهم دول مجلس التعاون بالإضافة إلى مصر والأردن واستثنت خطة بوش الحديث مع إيران وسورية، في الوقت الذي تمتلئ فبه مياه الخليج العربي، وبحر العرب بقطع عسكرية أميركية ضاربة، فيما يبدو ضمن رسالة موجهة أساسا إلى إيران. ولدى الرئيس الأميركي حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل للسيطرة على الوضع الأمني في العراق... ولكن المشكلة هي فيما لو فشل في تحقيق ما يصبو إليه... فالحل العسكري مؤقت؛ لأن القوات الأميركية لا تستطيع أن توجد على الأرض طويلا، وإذا لم يكن هناك حل سياسي؛ فإن الأمور ربما تعود إلى سابق عهدها.
لقد أوصى تقرير بيكر - هاملتون بضرورة فتح الحوار مع «أعداء» أميركا، وهما: سورية وإيران، بل ركز التقرير على إيران بصفتها دولة ذات نفوذ على عدة جبهات تهتم بها أميركا، ولكن خطة بوش استثنت إيران وسورية من الحوار الدبلوماسي بشأن العراق، وهو ما يفتح المجال أمام احتمال فشل الجهود؛ نظرا إلى الاعتبارات الموضوعية التي نعرفها جميعا.
وعليه، فإن «نزع فتيل الطائفية» لا يبدو أنه سيأتي عبر الحل الأميركي المعتمد على القوة، وإنما يحتاج إلى جهود أبناء المنطقة، حكاما ومحكومين، بهدف حماية مصالحنا المشتركة جميعا والتي تتمثل في المحافظة على ما لدينا من ثروات نفطية، وعدم تبذيرها في الحروب والأزمات، بل وتوجيهها من أجل الاستمرار في تنمية اقتصاد المنطقة والمساهمة في إعادة بناء ما دمرته حروب الثمانينات والتسعينات وما لحق بعد ذلك.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1599 - الأحد 21 يناير 2007م الموافق 02 محرم 1428هـ