يلتقي أكثر من 150 ألف شخص من منظمات المجتمع المدني فيما يربو على 100 دولة في العاصمة الكينية (نيروبي) في الفترة ما بين 20 و25 يناير/ كانون الثاني الجاري للمشاركة في الدورة السابعة من المنتدى الاجتماعي العالمي، الذي أسماه البعض «نادي الفقراء» ويحلو للبعض الآخر أن يصفه بـ «صوت من لا صوت لهم». ومن المنتظر أن تكون إفريقيا محور الاهتمام في هذه التظاهرة، التي تحولت إلى أهم لقاء عالمي للمنظمات غير الحكومية وللحركات الاجتماعية.

المنتدى الاجتماعي العالمي هو ملتقى لمنظمات وفعاليات المجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم، من أجل التحاور وتبادل الأفكار والآراء، في ما يخص مواجهة النيوليبرالية ورأسمالية الدول الكبرى.

وعقد المنتدى الاجتماعي الأول في العام 2001 في بورتو اليغيري في البرازيل. ويُعتبر هذا المنتدى بمثابة بديل ايديولوجي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يحضره مسئولون حكوميون ورجال أعمال في دافوس في سويسرا.

ويكرر المشاركون في كل عام معارضتهم للعولمة، داعين إلى مساعدة الدول النامية وتحقيق العدالة الاجتماعية في العالم. إلا أن الحرب في افغانستان والعراق شكلت مادة أساسية للمنتدى، خصوصا إبان الدورة الثانية منه في العام 2002، ما جعل السياسة تهيمن على مسيرته وأعماله. ومنذ بدايته العام 2001، كان المنتدى يعقد اجتماعه في بورتو اليغيري، إلا انه عقد في العام 2004 في مومبي بالهند.

وتشكلت منتديات قارية وإقليمية تعقد اجتماعاتها سنويا أيضا، كالمنتدى الأوروبي والآسيوي والإفريقي. أما في العام 2006، فقد تجزأ اجتماع المنتدى الاجتماعي العالمي، لينعقد في قارات الجنوب الثلاث. فانعقد في باماكو (مالي) بين 19 و23 يناير، وفي كاراكاس بين 24 و29 منه، وانتقل المنتدى إلى كراتشي بين 24 و 29 من مارس/ آذار من العام نفسه.

فور نهاية أشغال المنتدى الاجتماعي العالمي الأول الذي انعقد في يناير 2001، تمت التصديق على ميثاق مبادئ من قبل المنظمات المبادرة يسمح بوضع إطار لكثير من المقتضيات، كما يسمح بنشر فكرة المنتدى على نطاق واسع، وبميلاد مزيد من المنتديات الاجتماعية المحلية والقطرية والموضوعاتية في بلدان أخرى وقارات أخرى. هذا الميثاق يحدد في 14 نقطة أهداف المنتديات الاجتماعية، وكذا بعض المبادئ المنهجية.

والمنتديات الاجتماعية هي عبارة عن فضاءات للنقاش وتبادل التجارب والأفكار المتجهة نحو الفعل والبحث عن بدائل لصيرورة عولمة رأسمالية تقودها الشركات متعددة الجنسيات العملاقة والحكومات والمؤسسات العالمية خدمة لمصالحها.

المنتديات الاجتماعية مفتوحة لهيئات المجتمع المدني وحركاته التي تناهض النيوليبرالية وهيمنة الرأسمال على العالم وكل شكل من الإمبريالية، والتي تعمل على بناء مجتمع عالمي محوره الكائن البشري. لا تتخذ المنتديات أي قرار، ولا يخول لأي أحد أن يتكلم باسمها، لكن يمكن للمشاركين أن يصوغوا بلاغات، أو ينظموا شبكات، ويقروا أنشطة، ويحددوا أجندة للتعبئات يتم نشرها على نطاق واسع من خلال مواقع المنتديات الاجتماعية المنتشرة على الإنترنت وشبكات معلومات أخرى. هكذا انبثقت عن المنتدى 2500 نشاط مبرمج في إطار المنتدى الاجتماعي العالمي في دورته الخامسة في العام 2005، وتقدم المشاركون فيه بمقترحات بلغ عددها 352 اقتراحا.

وللمرة الأولى، ينعقد هذا العام أهم تجمع للحركة الدولية المناهضة للعولمة في بلد إفريقي ناطق بالإنجليزية. وتأتي الدورة الجديدة للمنتدى الاجتماعي العالمي بعد التظاهرات المراعية للتنوع الجغرافي، التي نظمت العام الماضي في كل من مالي وفنزويلا والباكستان.

يلاحظ المتحدث باسم تحالف الجنوب بيبو هوفشتيتر، أنه إلى حد الآن، تميزت المنتديات الاجتماعية، باستثناء دورة العام 2004 في الهند، بحضور كبير من طرف أميركا اللاتينية وأوروبا، أما في نيروبي، فسيمكن الاستماع أيضا إلى صوت الحركات الإفريقية.

هذا الحضور الإفريقي يبدو واضحا منذ الآن في برنامج المنتدى الاجتماعي العالمي، إذ يبرز الاهتمام في المنتديات واللقاءات والورشات الكثيرة، التي ستنظم في نيروبي، بالقضايا ذات الأولوية بالنسبة إلى القارة، مثل الإيدز والهجرة ووضع المرأة والنزاعات المسلحة والدّين الخارجي.

من جهته، يعتقد أحد مؤسسي المنتدى الاجتماعي العالمي البرازيلي تشيكو وايتيكير، أنه من المحتمل أن تتحول نيروبي إلى «لقاء حقيقي بين الشعوب والأمم الإفريقية والعالم، وبين العالم وإفريقيا».