رحل عن الدنيا أمس الأول السيدمحمد صالح السيدعدنان الموسوي عن عمر ناهز 88 عاما، وكان قد حضر شخصيا قبل شهر إلى مأتم سار الكبير لتقديم العزاء بوفاة الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري، وكتب قصيدة بالمستوى الذي عُرِفَ عن قدرات السيدالعدناني...
السيدمحمد صالح هو ابن «السيدعدنان بن السيدعلوي بن علي عبدالجبار الحسيني القاروني البحراني التوبلي أصلا البلادي مولدا ومدفنا الجدحفصي مسكنا»... السيدعدنان عاش 45 عاما، وخلف ابنا واحدا هو السيدمحمد صالح، الذي عاش 88 عاما وخلف من ورائه ذرية كبيرة لها مساهماتها المتنوعة في مجالات عدة يعرفها أهل البحرين. السيدعدنان كان صاحب علم وفضيلة، ودرس على أيدي كبار علماء عصره، ولعب دورا كبيرا في عهد الإصلاحات الإدارية التي بدأت في مطلع القرن العشرين، وأيّد السيدعدنان مأسسة القضاء الشرعي والأوقاف الجعفرية، وقام بجهد كبير جدا عبر تدوين أملاك الأوقاف الجعفرية فيما يعرف لدى الأوقاف حاليا بـ «سجل السيدعدنان»، وهذا السجل يعتبر أفضل توثيقا حتى من الأساليب العصرية، وهذا يعبر عن عبقرية السيدعدنان، الذي - على رغم صغر سنه - شارك بشكل فاعل في تأسيس الإصلاحات الإدارية. وعندما توفي في العام 1928 تسلمت «الأوقاف» سجله، وظلت تتابع ما دوّنه السيدعدنان، ولكن للأسف ولحد الآن ترفض الدوائر الرسمية تسجيل أكثر من 800 أرض تابعة إلى الأوقاف دوّنها السيدعدنان قبل وفاته.
ولأن السيدعدنان وقف مع الإصلاحات التي عززت حكم الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، فإن ابنه الوحيد (السيدمحمد صالح رحمه الله) حصل على بعثة إلى الهند، اعتبرت الأولى من نوعها؛ لأنها أول مرة يعامل فيها البحريني بصفته مواطنا كغيره من دون تفريق على أساس الطائفة (وهذا كان أحد شروط مساندة الإصلاحات الإدارية في مطلع القرن العشرين). لقد كان السيدعدنان واحدا من أنبغ من عرفته الساحة الدينية العلمية في البحرين في عصره، وربما كان أيضا أفضل رئيس للأوقاف الجعفرية... ولكن مع الأسف فإن الإصلاحات الإدارية التي سعى إليها، وأهمها تسجيل أراضي الأوقاف لم تتحقق لحد الآن.
السيدمحمد صالح وَرِث الكثير من الذكاء من والده، وتعلم اللغتين الإنجليزية والأردية، والعلوم الشرعية والتصوير الفوتوغرافي... وإحدى النقاط المهمة هي أن هذا الشخص الذي عاش 88 عاما سجّل معه تاريخ المساواة بين المواطنين... فابتعاثه إلى الهند كان لتحقيق مساواة في التعامل بين أبناء البحرين آنذاك، وهو مطلب مازالت الأجيال التي تعاقبت منذ ذلك الحين ترفعه وتطالب به؛ لأن الدولة العصرية المتطورة هي تلك الدولة التي يشعر فيها من ينتمي إليها بالعدالة والمساواة أمام القانون.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1597 - الجمعة 19 يناير 2007م الموافق 29 ذي الحجة 1427هـ