العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ

هل سيقيّم برنامج التمكين السياسي للمرأة؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

برنامج التمكين السياسي الذي تبناه المجلس الأعلى للمرأة وتم دعمه من قبل UNDP استعدادا للانتخابات، بغرض إعداد وتأهيل الكوادر النسائية للمشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية في البحرين، الذي استغرق نحو العام ونصف العام، والقائم أساسا على مجموعة من الدورات التدريبية وورش العمل والمحاضرات والندوات التي تفيد المرأة تماما في مهمتها كنائبة، كغيره من البرامج والمشروعات التي سيتضمن جوانب إيجابية وأخرى بطبيعة الحال تحتاج إلى تطوير وإعادة نظر.

أظن أنه من المناسب الآن وبعد أن حطت الحرب أوزارها أن نضع أيدينا ونتلمس المواضع التي تحتاج إلى معالجة، فالأوجاع بدأت تخمد وتبرد وسمعنا أن البرنامج نفسه سيخضع للتقييم من قبل المجلس ونأمل أن يكون التقييم موضوعيا للاستفادة من الملاحظات في المرحل المقبلة، إذ أظن أن البرنامج سيستمر إلى أن تتحقق الأهداف.

الجميل في البرنامج أنه فتح المجال واسعا أمام المرأة الراغبة في الاستفادة مما يقدم في البرنامج بغض النظر عن كونها مستقلة أو تنتمي إلى إحدى الجمعيات السياسية، بل إن الأمر في البداية كان متروكا للجميع بلا استثناء حتى غير الجادات في الترشح بغرض إعدادهن للدورات المقبلة أو زرع بذرة في نفوسهن وهذا بدوره يساهم في خلق صفوف.

وأظن أن القطاع النسائي يحتاج إلى أمر كهذا، كما أن القائمين على البرنامج لم يبخلوا بأي شيء بدءا بنوعية التعامل مع المشاركات في البرنامج وتعاونهم الدائم إلى وضعهم الخطوط العريضة ومراحل المشروع، فقد سعوا إلى الاستفادة من المدربين المحليين إلى جانب الاستفادة من الخبرات الخارجية، بغرض إثراء تجارب المشاركات في البرنامج، فضلا عن وجود مركز استشاري فني وإعلامي وقانوني للمرأة إبان الانتخابات أيضا كان من أهم ايجابيات البرنامج، وتزويد المرشحات بمبالغ مالية، وخصوصا أنهن في غالبيتهن مستقلات.

ولكن هناك بعض الملاحظات التي يجب الالتفات إليها، ولعل من أبرزها أهمية تقييم البرنامج الذي صرف عليه الشيء الفلاني من الأموال إلى جانب الجهود التي أدير بها البرنامج، وحضاريا أمر جيد أن يقيم أي برنامج يتم إطلاقه بغرض معرفة نقاط القوة والوقوف على نقاط الضعف والعمل على تجاوزها في المراحل المقبلة، وخصوصا أن هناك ملاحظات من الشارع نسمعها ولابد من الوقوف عليها.

فالمجلس الأعلى للمرأة لا يمكن له أن يقيس مدى نجاح البرنامج من عدمه فقط من خلال اعداد الراغبات في الترشح للانتخابات، أعتقد أن هناك رغبة أكيدة من قبل النساء في الترشح بغض النظر عن كون البرنامج موجودا فعلا أم لا، بدليل كون هناك مترشحات في الدورة السابقة بلا برنامج تمكين سياسي، كما أن بعض المرشحات الحاليات لسن بالضرورة خريجات برنامج التمكين، والأرقام تشير إلى وجود 22 مترشحة للانتخابات في الدورة الحالية وأراهن بأن عدد الراغبات في الترشح أكبر بكثير من هذا الرقم، ولكن مجموعة كبيرة لم تعلن رغبتها في الترشح لعدة أسباب ربما على رأسها شعورهن بأن الوقت لم يحن بعد، بمعنى يستشعرن موقف الشارع من طموحهن، وبالتالي لا يرغبن في النزول من دون ضمانات أولية على الأقل للفوز والقبول. والبرنامج من منظوري الشخصي لم ينجح في تبديد مواضع القلق والهواجس التي تشعر فيها المترشحات، وكان عليه أن يضع ذلك في الحسبان فلا يصب كل جهوده فقط على الجانب التدريبي، الجانب التوعوي أهم بكثير، فالمرأة عموما متمكنة والبرنامج تمكن من صقل بعض المهارات ليس إلا، ولكن أفراد المجتمع هم بحاجة فعلا إلى تمكين، وكان على المجلس الأعلى للمرأة أن يعمل على هذا المحور المهم إذا كان جادا فعلا في إيصال المرأة.

فوجود 18 مرشحة نيابية نزلن في 17 دائرة انتخابية، و4 مترشحات بلديّا نزلن في 3 دوائر انتخابية، ومع ذلك لم ينلن من الدعم الذي من خلاله يمكن العبور به إلى قبة البرلمان، ومع ذلك حاولت الجهات الرسمية مغازلتهن وإرضاءهن بحيث «يأمنون من شرهن» (إن كيدهن عظيم)، فبدأت العطايا تدب عليهم من كل حدب وصوب، على رغم أن في البداية كانت المهمة فقط تقديم الدعم الفني للراغبات في الترشح للبلدي والنيابي من خلال الدورات التدريبية وورش العمل وغيرها من نشاطات تدريبية، وبعدها وبناء على طلب المترشحات، تم دعمهن إعلاميّا من خلال توفير مركز الدعم الإعلامي والقانوني، وأيضا توفير المطبوعات والمنشورات والكتيبات وغيرها من وسائل دعائية، وفي نهاية المطاف (فختامها مسك كما يقال) تم دعمهن ماديّا من خلال مبالغ تزود بها المترشحات بداية الأمر كان المبلغ 1500 د.ب، وتضاعف إلى 3000 د.ب لكل مترشحة.

سُرّت المترشحات بكل ما تم تقديمه بل إن الأمر وصل إلى الحد من أن الرجال قد شعروا بالغيرة مما يقدمه المجلس الأعلى للمرأة من دعم ومساندة وتمنوا لو أن هناك مجلسا أعلى للرجل، غيرتهم طبعا لا محل لها من الإعراب لكونهم يملكون ما لا تملكه المرأة، فهم يملكون ثقة وتقدير الشارع، بغض النظر عن مدى كفاءتهم وقدرتهم، والمرأة للأسف ينظر إليها نظرة دونية على رغم ما تملكه من قدرات، هكذا للأسف نظرة الشارع للمرأة، الغالبية العظمى لا ترضى بذلك ولكنه على أية حال إرث ثقيل حملناه على ظهورنا ورقابنا ويحتاج منا إلى جهود حثيثة لتغيير الواقع لا الاستسلام له.

يؤسفني أن أقول إن المجلس الأعلى للمرأة لم يوفق في إرساء دعائم التمكين للمرأة، بغض النظر عن كون التمكين سياسيا أم اجتماعيا، لا أدعي ذلك فقط لكونه فشل في إيصال خريجاته إلى مواقع صنع القرار السياسي؟

لا، بل لأنه باع عليهن الأمل في الوصول، وساهم في إيصال آخرين، من خلال العمل على محور التمكين السياسي للمرأة.

وعليه يجب أن يقيم البرنامج من جميع الجوانب وبمشاركة واسعة في التقييم بمن فيهن المشاركات في البرنامج، لا بغرض التقليل من شأن ما يقدمه المجلس للمرأة، فمردود ما يقدم كبير جدا لا أحد يمكن نكرانه، ولكن الأهم من ذلك أنه لا يمكن تحقيق الهدف من خلاله فقط.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً