الزميل الكاتب السعودي محمد الرطيان يذهب بتهكمه المعهود والحاد في مقاله الأخير «المشهد الأخير» في ملحق «ريضان»... من الذي قام بإخراجه ومونتاجه، إلى أن «هوليوود الأميركية، وعند نجاح أي فيلم، اعتادت أن تنتج عدة أجزاء منه»، منبّها في نهاية مقاله بالقول: «انتبهوا! هذا ليس سوى الجزء الأول» في إشارة إلى إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.
كوندوليزا رايس في المنطقة... وحين تكون في المنطقة لا يأملنّ أحد في أنها قادمة بالحلول بقدر ارتفاع مؤشرات أن المنطقة مقبلة على مزيد من التأزم، والمزيد من الاضطراب، وخصوصا في ظل المشروعات الأميركية التي طرأ عليها التعديل، كأن هذا الجزء من العالم منذور للتجريب فيه. في مفارقة عجيبة تتحول فيها الجغرافيا الى فأر تجارب في معمل المحافظين الجدد، وفي مفارقة لم تعد غريبة بل باتت مملة بتحوّل دول المنطقة إلى نماذج أُشبِعت تجريبا وتشريحا من دون توصل الإدارة الأميركية إلى قناعة بأنها توصلت إلى النتائج التي تكفل نجاح مشروعاتها على المدى الطويل. تخبّط في المشروعات... تخبّط في التعديلات عليها... وتخبّط في جدول أعمال تحرّك «حمّالة الحطب» ينذر بمزيد من سد الأفق، وحجب الحلول، واحتقان العلاقات في البيت العربي الواحد، عدا جغرافيات لا تحتاج أساسا إلى من يغذي حال الاحتقان لديها.
الإعدام قصاص لا يجادل في عدالته إلا من شعر باليُتْم، وهم كثيرون في أوطاننا، ولكن المعنى الكبير بترك الحال تمضي من قِبل الولايات المتحدة الأميركية - على رغم ما شابها من مؤاخذات وتنديد من قِبل بعض الأطراف العربية والدولية - لإيصال رسالة مفادها أن الإدارة الأميركية بقدر تعدد مشروعاتها والتعديل على تلك المشروعات، إلا أنها على استعداد لأن تقدّم نماذج صارخة تكون شواهد لتلك المشروعات، بغض النظر عن تداعيات تلك النماذج والشواهد، ما يعني أن الجزء الواحد في المشهد ليس نهاية المطاف لوجودها في المنطقة، فإنتاج أجزاء من المشهد/ الفيلم يعطي تبريرا لاستمرار مكنتها، يضاف إلى ذلك أن الاستمرار في تقديم المشهد/ الفيلم يتيح لها - ولو وهما - تثبيت جوانب من تلك المشروعات تبدأ بتقسيم الجغرافيا وتعميم حال من التوتر فيها، ما يجعل تلك الجغرافيا في حال اختطاف دائمة وإن عن بعد.
تسريب الفيلم نفسه - بغضّ النظر عن مضمونه - يؤكد حرص وإصرار الإدارة الأميركية - في سابقة أولى على مستوى العالم، ترتبط برئيس دولة مخلوع - على وصول الرسالة بالألوان مطعّمة بفائض من الحركة (الأكشن) وهي السمة التي طبعت المشروعات الأميركية في المنطقة منذ ما قبل الاجتياح العراقي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس/ آب العام 1990، مرورا بالحرب الثانية، وليس انتهاء باجتياح بغداد وإلقاء القبض على الرئيس العراقي، في مشهد وصورة يذكران بالصناعة الكبرى التي تضخها هوليوود، وتلتقطها الإدارات الأميركية المتعاقبة، فيما 6 مليارات إنسان - مطروحا منهم عدد سكانها - مجرد جمهور ليس بالضرورة أن يغادر الصالة وقد أخذ نصيبه من جرعة المتعة!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ