يتميز محافظ البنك المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة سلطان ناصر السويدي، بإطلاقه تصريحات نوعية (لكن ليست بالضرورة ايجابية) بين الحين والآخر. واللافت أن تصريحات السويدي (أو تلك المنسوبة للبنك المركزي الإماراتي) زادت وأصبحت أكثر سخونة في الآونة الأخيرة. فقد تحدثت وسائل الإعلام عن احتمال استضافة مدينة أبوظبي البنك المركزي الخليجي. كما صرح المحافظ بنفسه باحتمال تغيير سياسة ربط عملات دول مجلس التعاون بالدولار.
البنك المركزي الخليجي
في التفاصيل، نقلت وسائل الإعلام في العام 2006 عن مصدر مسئول في البنك المركزي الإماراتي كلاما مفاده أن العاصمة أبوظبي ستستضيف البنك المركزي التابع لمجلس التعاون الخليجي والذي يدخل في إطار تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المزمع إطلاقه في العام 2010. وفهمت بعض وكالات الأنباء أن دول مجلس التعاون اختارت أبوظبي مقرا للمصرف. وتبين حينها أن البنك المركزي الإماراتي ربما أراد إرسال بالون اختبار بالكشف عن نيته استضافة هذا الصرح المالي (تماما كما هو الحال بالنسبة إلى استضافة مدينة فرانكفورت البنك المركزي الأوروبي). وتبين لاحقا أن كلا من البحرين وقطر إضافة إلى الإمارات ترغب في استضافة البنك المركزي الخليجي. يبقى أنه من المحتمل أن تنجح جهود البنك المركزي الإماراتي في جعل أبوظبي مقرا للبنك المركزي الخليجي وذلك بالنظر إلى الثقل الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة. كما يحتل الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات المركز الثاني بين اقتصادات دول مجلس التعاون بعد المملكة العربية السعودية.
عملات دول المجلس
من جهة أخرى، صدر تصريح آخر في الأسبوع الماضي من محافظ البنك المركزي الإماراتي قبل عدة أيام أشار فيه إلى إمكان إجراء تغيير في سياسة ربط عملات دول مجلس التعاون بالدولار، وذلك في الاجتماع المقبل لمحافظي المصارف المركزية والمزمع عقده في الرياض في شهر مارس/ آذار المقبل.
إن حديث السويدي يكتسب أهمية خاصة، وذلك في ضوء قرار سلطنة عمان عدم رغبتها في الانضمام إلى مشروع الاتحاد النقدي الخليجي في العام 2010. وكما أشرنا في مقال يوم الاثنين الماضي، فإن جانبا من قرار سلطنة عمان بالانسحاب من مشروع الاتحاد النقدي الخليجي يعود إلى تخوف السلطنة من فك ارتباط العملة الموحدة (والتي تدخل في إطار الاتحاد النقدي) عن الدولار.
ولاشك أن حديث محافظ البنك المركزي الإماراتي لم يأتِ من فراغ بل له أسبابه الموضوعية. والإشارة هنا إلى مسألة تراجع قيمة الدولار في السوق العالمية مقابل بعض العملات الصعبة الأخرى وفي مقدمتها اليورو والين. وفي هذا السياق، قال السويدي: «إنه مع تراجع قيمة الدولار أمام اليورو وارتفاع معدلات التضخم المستورد فإن صناع القرار يراجعون سياسة ربط العملات».
تتمثل بعض تداعيات تراجع قيمة الدولار في رفع كلفة الواردات من دول منطقة اليورو والجنيه الاسترليني إضافة إلى الين الياباني، الأمر الذي يتسبب في إحداث نوع من التضخم المستورد. في الوقت الحاضر، تعيش دول مجلس التعاون وبينها البحرين هذه المشكلة.
وكما شرحنا في مقال يوم أمس، فإن الولايات المتحدة تتبع سياسة تخفيض قيمة الدولار بغرض تشجيع الصادرات الأميركية إلى العالم وبالتالي المساهمة في تنشيط الدورة الاقتصادية المحلية. ويساعد تدني قيمة الدولار في جعل السلع الأميركية أكثر تنافسية مقارنة بغيرها وخصوصا الأوروبية واليابانية. كما أن من شأن تراجع قيمة الدولار تشجيع الزيارات للولايات المتحدة، الأمر الذي يخدم القطاع السياحي الأميركي.
يبقى أن ما يبعث على الاطمئنان هو تباين الآراء بين محافظي المصارف المركزية في دول مجلس التعاون بشأن موقع «البنك المركزي» ومسألة ربط العملات بالدولار. من جانبه، أكد محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج نية البحرين في استمرار سياسة ربط الدينار بالدولار الأميركي.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ