أيا كانت الحال، لن تجد صعوبة بالغة في قراءة وجوه اللاعبين، فالعلامة البحرينية واضحة تفوق ما سواها... تبدو سماتها جلية في وجه الأخوين محمد وعلاء حبيل القادمين من سترة، تنطلق معلنة نفسها حين تتفرس في وجه «بن سالمين» المحرقاوي، أو حين تتابع بطولات محمد صباح أو طارق الفرساني. هؤلاء هم أبناء البحرين الذين يرفعون الرأس، وهناك بناتها كرقية الغسرة، التي ما إن رفعت يداها علم البحرين حتى ارتفعت معه قلوبنا، وما إن امتزجت فرحتها وقبلاتها للعلم بدموع «وطنية» صادقة، حتى سالت دموع كثير من البحرينيين المتحلقين حول شاشات التلفزيون والمتابعين لنصرها البحريني العربي المشرف ذاك. نفخر بهم جميعا ونرفع الرأس عاليا... أما غيرهم، فلا يأتي سوى بالعار!
مذ بدأ قبل عامين مضيا، لم يهدأ الحديث عن ظاهرة التجنيس الرياضي! ومذ تزامن ظهور الوجوه النيجيرية والكينية بين صفوف فرق بعض أنديتنا «الوطنية» مع التجنيس السياسي - الذي تكاثرت على اثره وجوه أخرى تحمل ملامح تكاد تكون مميزة بين صفوف البحرينيين وتقضي فيما تقضي على أي نسق اجتماعي سكاني ديموغرافي... مذ ذاك ظل ملف التجنيس محدثا أزمة في الشارع الرياضي تكاد نيرانها لا تخبو، لتأتي أخيرا قضية ليوناردو مشيرو، أو مشير سالم جوهر، كما اختار مجنسوه تسميته، لتتفجر الأمور ولتشتعل القضية من جديد! وخصوصا، حين يعلن سحب «جواز النيجيري» من دون تحديد مصير جنسيته البحرينية!
وسواء كان التجنيس الرياضي ظاهرة عابرة وسحابة صيف ثقيلة و... غبية، أم أزمة حقيقية يعيشها الشارع الرياضي، فإنه كما وصفها بعض المهتمين بالشأن الرياضي «سيف ذو حدين»! وعملة ذات وجه سلبي، وهو اساءة للاعب البحريني وتجاوز لامكاناته أولا، ثم تشويه لصورة البحرين في المحافل الرياضية الدولية.
هو ملف لا يمكن بأي حال من الأحوال غض الطرف أو صم الآذان عن حقيقة تأثيراته السالبة على الشارع الرياضي البحريني، حتى وإن عاش البعض وهم انجازاته الوقتية، أو جاءت تصريحات أحد المسئولين لتحمل قدرا كبيرا من التحدي لمطالب ونداءات مختلف القطاعات الرياضية البحرينية حين يؤكد نواياه فيعلن أن «من يستطيع التجنيس ووفق القانون الذي سمح بذلك فليجنس».
إنها «رقية»... مذاق الفوز الحقيقي!
دورة آسياد - آسيا الأخيرة بالدوحة أثارت الموضوع من جديد، يومها حرك فوز رقية الغسرة المشاعر الوطنية وأثار بهجة حقيقية وأسال كثيرا من الدموع. يومها مزج ذلك النصر البحريني، بمرارة ما خفيت من كل الكلمات والعبارات التي انطلقت، كيف لا وفوز رقية هو الفوز العربي الخليجي الحقيقي المشرف، كما قال معلق قناة «الجزيرة» سعيد عويطة، وهو الفوز الذي حمل لمذيعة الجزيرة ليلى سماتي طعما خاصا، لأنه يختلف عن بقية الإنجازات التي حققتها البحرين في مسابقات ألعاب القوى! وسواء بدت تعليقات أولئك المذيعين مقصودة أو مدسوسة، فإن الحقيقة التي لا يمكن نكرانها هي أن فوز رقية في ألعاب القوى ليس كفوز سواها، وإن اختلفت الفئات.
فوز رقية مقابل اساءة مشيرو، يفتح اليوم كثيرا من الأفواه التي طالما آثرت الصمت وهي تشهد كيف يسعى البعض عنوة إلى تدمير الساحة الرياضية البحرينية بما يسمى بالتجنيس الرياضي طمعا في مكاسب لم يشهد الشارع الرياضي منها سوى «الفتات». «الوسط» تفتح ملف التجنيس الرياضي، وإن كانت لم تقفله أبدا، لتناقش ما له وما عليه، أين سيأخذ البحرين ورياضييها؟ وكيف يبدو مستقبلنا الرياضي في ظله؟ والسؤال الأهم : «ما هي السياسة؟ ولماذا؟».
قليل من البطولات... كثير من العار
ما الذي حققه التجنيس الرياضي للبحرين؟ وما هي سلبياته؟ وهل نحن بحاجة فعلية إلى هؤلاء المجنسين لتنتعش ساحتنا الرياضية ولنرفع الرأس عاليا بانجازات لم تصنعها أيدينا!
قد يزعج الحديث عن ايجابيات التجنيس الرياضي البعض، لكنه «ظاهرة عالمية تلجأ لها الكثير من الدول لتعزيز مكانتها في المحافل الرياضية، والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أشهرها لاعب المنتخب الفرنسي زين الدين زيدان الذي تعود أصوله الى الجزائر». هكذا بدأ المعلق الرياضي علي العربي حديثه، إذ يرى أن التجنيس «مكننا من تحقيق بعض الانجازات الرياضية، الأمر الذي كان له مردود إعلامي رفع رصيد البحرين الرياضي والإعلامي في الخارج»، كما يضيف «سد بعض العجز الموجود لدينا».
ولا يتفق النائب البرلماني السابق محمد آل الشيخ مع العربي، إذ إنه وعلى رغم كون التجنيس الرياضي «سياسة تنتهجها الدول فإن هذه الدول تضع في الاعتبار قدرات لاعبيها الوطنيين أولا، كما أنها تعمل في المقابل على توفير برامج تدريبية ومدربين أكفاء لتطوير الكوادر الوطنية».
إضافة الى ذلك، تضع هذه الدول معايير وأطرا وآليات محددة وواضحة لعملية التجنيس، بحيث لا يكون تجنيسا رياضيا صرفا أو ابيض بل تجنس هذه الدولة إن شاءت ما ينقصها في مجال معين من المجالات الرياضية وبحسب ذلك تعمل على تحقيق توافق على الصعيد الوطني.
وبالتالي ووفقا للتجنيس السياسي فمن غير المجدي أن تستمر عمليات التجنيس من دون حصانة تدريبية أو غطاء تدريبي للكوادر الوطنية ومن دون أن يتم تطوير المراكز الرياضية وإقامة مراكز كشف عن الإبداع ووضع استراتيجية وطنية للمحافظة على المواهب الوطنية والكشف عنها. كما أن ما يحدث لدينا «لا يتماشى مع الأسس والأطر والمعايير الموضوعة في القوانين الدولية التي تحرم التجنيس على الدول ذات الموارد المادية المحدودة والرقعة الجغرافية القليلة، وهو ما يشكل خطراَ على مكانة مملكة البحرين».
كذلك يتهم آل الشيخ من يرى أن التجنيس جاء لسد حاجة ملحة بأنه «يحاول اضفاء شرعية على التجنيس الرياضي الذي يساوي خطره على الكوادر البحرينية الرياضية ما للتجنيس السياسي من خطر على التركيبة السكانية. فالاثنان وجهان لعملة واحدة»، واللجوء للتجنيس الرياضي يجب أن يتم «في حدود ما هو معقول وفي حدود المعايير الدولية، لا أن يتم تمثيل البحرين خارجيا بفريق غالبيته من المجنسين على حساب الكفاءات الوطنية».
ولا يوافق العربي آل الشيخ في ذلك، إذ «لم يخسر اللاعبون البحرينيون الكثير من الفرص بسبب المجنسين، رقية مثلا ليس لها منافس من المجنسين، التجنيس جاء في الواقع نتيجة الاستعجال في الحصول على الانجازات ولسد بعض الفراغات الموجودة»
منتخب البحرين... لغير البحرينيين
لكن هل يبرر استعجال الانجازات والطمع في الميداليات والكؤوس، تمثيل 12 مجنسا للبحرين في آن واحد؟! أين هم البحرينيون، إذا؟!
العربي يدافع مفسرا الموقف «لا يمكننا الاعتذار عن المشاركة لأن لدينا نقصا، نعم علينا أن نطور إمكانات لاعبينا ونخطط لما هو قادم، ويجب أن نقنن العملية والا تكون عشوائية لكن لا يمكننا أن نتخلف عن المشاركة والا خسرنا موقعنا».
وهو على رغم موافقته أن البحرين لم تجنس مميزين فإنه يرجع ذلك إلى «الأمور المالية» وهي ما دفعتنا، كما يفيد العربي، إلى «التجنيس من أجل التجنيس، فبعض هؤلاء ليسوا أكثر تميزا من اللاعب البحريني».
مرة أخرى يرفض آل الشيخ ذلك الرأي، محتجا بأن «البحرين تنعم بكوادر وطنية متميزة في المجالات كافة وعلى رغم تواضع الموارد المالية والتجهيزات والبنية التحتية البسيطة فإن لها انجازات رائعة».
كما يستغرب لجوءها للتجنيس الرياضي على رغم أن «بعض الدول الخليجية الأكبر من البحرين سكانا ومساحة وموارد مالية، لا تتخذ هذا الخيار».
أما النائب البرلماني السابق جاسم عبدالعال فيرى أن «المجنسين لم يثبتوا وجودهم إلى الآن وخصوصا في تمثيلهم الأخير للمنتخب الوطني»، وعلى رغم الانجازات الرياضية القليلة التي حققوها فإن هناك تحفظا على الآلية التي تتم بها عملية التجنيس، إذ «لو جاءت لتسد حاجة وطنية فهي مقبولة، لكن حين يحل اللاعب المجنس بدل اللاعب البحريني فهذا ما يقتل الطموح والابداع الوطني، ويحرم الكوادر الوطنية من الحصول على أي تقدير، بل يهمشها وحينها لن تجد حافزا للعطاء والابداع».
ويؤكد آل الشيخ كلامه، مضيفا أن التجنيس الرياضي حرم الكوادر والبذرات البحرينية وأصحاب الكفاءات الرياضية من تمثيل بلادها، والعربي يكرر الدعوة ذاتها حين يعود ليؤكد، أنه كما أن للتجنيس بعض ايجابياته، فإن ذلك لا ينفي ضرورة «السير في خطين متوازيين قبل اللجوء اليه لسد العجز»، إذ يتوجب «أن نقيس كفاءتنا وقدرتنا على صنع أبطال محليين أولا، وبعدها وحين لا نتمكن من ذلك يمكننا النظر إلى الجهة الأخرى أي المجنسين»، مشترطا أن «ننظر إلى التجنيس نظرة تفصيلية دقيقة، وأن نقنن العملية، ونراعي الجودة في اختيار اللاعبين المراد تجنيسهم».
كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟
على رغم ايمان البعض بوجود سياسة التجنيس الرياضي، فإن المأخذ الموجود لدى كثير من المهتمين بالشأن الرياضي في البحرين يكمن كما يشير عبدالعال «في عدم وجود ضوابط واضحة للعملية، التي أصبحت أشبه بعملية تقديم مفاجآت يومية، تأتي مصادفة وبشكل عشوائي فلا نعرف متي وكيف ولماذا تحدث. يجب أن تكون هناك معايير وأن يتم تقييم هؤلاء اللاعبين المجنسين بشكل مستمر».
كذلك يتحفظ عبدالعال على المغالطات الكثيرة التي تحويها تصريحات المسئولين بشأن أوضاع هؤلاء اللاعبين « فلا نعرف حقيقة وضعهم ولا نعرف إن كانوا ممنوحين جوازا بحرينيا، أم جوازا بسفرة واحدة».
الإشكال الآخر الذي يعزي إليه عبدالعال ارتفاع نسبة السخط على التجنيس الرياضي هو «اقتصاره على بعض الأندية ذات النفوذ، فهو حق غير مفتوح للجميع، كما أن صاحب القرار فيه أو المنتفع منه غير معروف». وهو إلى جانب ذلك مرفوض من قبل الغالبية «حتى الأندية المؤيدة للتجنيس السياسي معارضة للتجنيس الرياضي، وتتحفظ عليه وكل ذلك نتيجة التخبط والعشوائية».
ويؤيده العربي في ذلك، ويضيف أن «معظم الأندية ترفضه وتفضل التركيز على اللاعبين البحرينيين».
إنهم لا يشبهوننا!
عبدالعال يطرح سلبية أخرى من سلبيات اللجوء للتجنيس الرياضي «فلا نضمن أن يحمل ممنوحي الجنسية أي ولاء وطني للبحرين، فالأمر بالنسبة لهم لا يتعدى كونه مكسبا ماديا».
مهما كانت المزاعم والادعاءات إذا، ومهما أشارت الأوراق الرسمية، لا يمكن أن يحمل أي من هؤلاء ولاء يشبه ذاك الذي حملته بطلة مثل الغسرة، ووجه بحريني تتشابه ملامحه مع ملامح هذه البطلة البحرينية الفتية. هكذا يبدأ أحد المهتمين بالشأن الرياضي وذو الباع الطويل رياضيا ممن رفض نشر اسمه، وبدا صوته مرتعشا وهو يستذكر لحظة الفوز البحريني الغسراوي «حين فازت مريم جمال لم أشعر بأي قيمة لفوزها، لكن حين فازت الغسرة، وحين شاهدتها تبكي وهي ترفع علم البحرين، دمعت عيناي واعترتني فرحة غامرة وإحساس رهيب. لأنني شعرت بصدق مشاعرها وحبها للبحرين».
ويواصل منفعلا «أي ايجابيات تتحدثون عنها، أي انجازات وميداليات حققها هؤلاء الذين لا نشعر بقيمتهم. يكفينا ميدالية رقية وانجازات ابطالنا في كمال الأجسام، يكفينا فخرا حديث العالم العربي عن فوزها وتجاهله لفوز سواها. من تحدث عن مريم جمال، من اعتبر فوزها انجازا خليجيا عربيا لا أحد (...) إنها لا تشبهنا، كما هم كل المجنسين، حتى أنهم لا يتحدثون بلساننا، يحز في نفسي كثيرا أن أرى مراسلي القنوات يحاورونهم بالانجليزية وألمح ابتسامة ساخرة على وجوه هؤلاء المذيعين... إنهم يهزأون بنا!».
البحريني... بطل بالإجماع
مع افتراض صحة المزاعم بشأن الحاجة إلى التجنيس الرياضي، والنقص الحاد في الكوادر والكفاءات البحرينية التي يمكن لها أن تمثل البحرين و «تشرفها» في المحافل الرياضية الدولية، هل يمكن تطوير اللاعب البحريني ليصبح بمستوى المجنس، كما يزعم أنصار التجنيس؟
طبعا يمكن ذلك، بل إن العربي يرى أن «اللاعب البحريني يمكن أن يصبح بطلا إذا توافرت له البيئة الصالحة من حيث الاهتمام بالقاعدة، وايجاد التفرغ الرياضي، ثم توفير منشآت رياضية متخصصة، يمكن للاعبين البحرينيين التدرب فيها، وكذلك توفير الكوادر التدريبية المؤهلة»، أما عبدالعال فيصف هذا اللاعب بالنخلة التي «تعيطها القليل، لكن المردود يكون أكبر بكثير».
قنوع وحاجاته بسيطة
تأييدا منه لكلام العربي، يقترح آل الشيخ «إلقاء نظرة فاحصة وسريعة على الأندية والمراكز الرياضية لنرى العجب العجاب»، فيما يقترح المطلع، الذي رفض ذكر اسمه، على المؤسسة العامة للشباب والرياضة «الاهتمام بالمواهب والقدرات والإمكانات الكثيرة التي تملكها البحرين في المجال الرياضي»، مفيدا أن الرياضة اليوم «أصبحت مصدر رزق، والمؤسسة يمكن لها أن تستثمر هذه المواهب، بأن تنفق عليها الأموال في التدريب والتأهيل. طبعا لا نطمع في أن تدفع المؤسسة رواتب لهؤلاء ليكون لدينا محترفون لكننا نطالب بشيء من الرعاية والاهتمام بهم».
ويعود آل الشيخ مقترحا «تخصيص موازنات تكفل تطوير البنية التحتية وحصول اللاعب البحريني على منشآت رياضية جيدة»، مضيفا «نعرف أن الموازنة المخصصة للقطاع الرياضي تذهب إلى أمور لسنا بحاجة لها. لننظر إلى دولة مثل قطر التي اهتمت بالبنية التحتية الرياضية بشكل مدهش، على عكسنا تماما في البحرين ونحن الذين نملك أفضل الكوادر».
كذلك يؤكد ضرورة «الاهتمام باللاعب البحريني، على جميع المستويات حتى على مستوى تعليمه وضمان حياة اجتماعية أسرية كريمة له بتوفير مخصصات مالية للاعبين».
فهو يرى أن الدولة «كما من مهماتها توفير السكن والأمور الأخرى، يجب عليها أيضا المحافظة على المكانة الرياضية للاعبيها، بدلا من التركيز على التجنيس وإن كان سياسة يمكن جعلها إحدى الخيارات المطروحة بشرط ألا يأتي ذلك على حساب الهوية الوطنية والكوادر البحرينية المؤهلة».
وعبدالعال يضيف إلى ذلك ما يسميه بالرعاية الحقيقية وهي التي تتم «خلال فترة عطاء اللاعب، وبعد انتهائه، إذ لا يهمش بعدها أو ينسى كما هو واقع حال كثير من الرياضيين البحرينيين».
وفيما يؤكد الخبير السابق قناعة اللاعب البحريني فإنه يشدد على ضرورة «تشجيعه ودعمه وتوفير حياة كريمة له بضمان حصوله على وظيفة يعتاش منها».
بعد ذلك تأتي الحاجة إلى تطوير البنية التحتية التي «لا يمكن للاعب أن يبدع من دونها»، محملا الحكومة هذه المسئولية وهي التي تخصص موازنة ضعيفة جدا للقطاع الرياضي.
ما يغلبونا!
لا يرى العربي أي تأثيرات سالبة لعملية التجنيس العشوائي المتخبطة اللامسئولة على مستوى عطاء اللاعب البحريني، لأنه ما إن تعطى له الفرصة حتى ينافس المجنس، ليثبت أنه الأفضل والأقدر على تحمل هذه المسئولية.
عبدالعال ينظر إلى سلبية أخرى، إذ إنه يتوقع أن «يصبح الجانب المادي هو الطاغي في التمثيل الوطني، ومعيار نظرة اللاعبين، سواء المجنسين أو البحرينيين. لن يكون هناك اخلاص تام بل سيأتي متوافقا مع العطاء والمقابل المادي المستفاد». عدا ذلك لن يتمكن اللاعبون البحرينيون كما يرى عبدالعال من التعاطي مع المجنسين «سيكون هناك حاجز نفسي بين اللاعبين مع أن شعب البحرين منفتح ويتقبل الآخرين». هذا ما يذهب اليه الخبير السابق الذي يتساءل: «هل يعقل أن يرتبط اللاعب الخليجي المجنس بذلك الأصلي بعلاقة ودية تشبه تلك التي تقوم بيننا نحن الرياضيين الخليجيين الآن والتي لا يفسدها أي تنافس أو أي مباراة تتم بيننا». ويضيف ساخرا «ربما علينا أن نتعلم اللغة النيجيرية لنحافظ على هذه العلاقات».
وفيما يتفق آل الشيخ مع الآراء السابقة، فإنه يرى أن «الشباب البحريني سيثبت ويستمر لأنه شباب مناضل يقبل التحدي، وولاؤه لهذه الأرض هو ما سينتصر في النهاية، أما المجنسون فلن يبقوا لأن ولاءهم لأوطانهم الأصلية، والعملية بالنسبة لهم ليست أكثر من مصدر للاسترزاق».
لنحترم القانون أولا
ألا يمكن أن تكون كل تلك الاعتراضات على التجنيس الرياضي نابعة من رفض الشارع البحريني للتجنيس السياسي؟ ألا يمكن أن تكون تلك الأزمة السياسية قد ألقت بانعكاساتها على الساحة الرياضية، أم أن الأمر ناتج عن كثير من التجاوزات القانونية والرياضية؟
يعترض آل الشيخ على وصف أي عملية تجنيس بالقانونية «هذه عمليات تخالف قانون الجنسية البحريني الذي ينص على أن تمنح الجنسية بشروط منها تقديم خدمات للوطن. والخدمة التي يقدمها الرياضي هي خدمة مؤجلة وتالية. إذا كنا نريد أن نؤسس لدولة المؤسسات والقانون فعلينا أن نحترم القوانين التي نشرعها،
بعيدا عن تداعيات التجنيس السياسي كقضية محورية أو وطنية في البحرين على اعتبار محدودية الرقعة الجغرافية والموارد المالية للبلاد، وبعيدا عن كثير من الأسئلة التي تبرز على عدة مستويات بشأن ملف التجنيس برمته»، إلا أنه يرى أن هناك حاجزا وتخوفا على جميع الأصعدة بشأن استخدام آلية التجنيس في مناحٍ أخرى كالتجنيس الرياضي.
كما أن البحرين بحاجة إلى المحافظة على بذورها الوطنية التي حققت لها انجازات كثيرة. لأن تلك الرعاية ستبني الوطن من دون أن يكون هناك خلل في التركيبة السكانية أو على حساب ثقافته ووحدته وهويته الوطنية.
لا للتجنيس الرياضي
يرفض العربي التجنيس الرياضي «إذا كان له تأثير على حق الكوادر المحلية»، لكنه يؤمن بضرورته «إن لم تكن لدينا إمكانات مناسبة»، لكنه في المقابل مطمئن إلى أنه «لن يغرقنا، سنكون قادرين على صنع ابطال بحرينيين إن وفرت الدولة الإمكانات اللازمة لذلك».
عبدالعال يحمل ثقة وقناعة «شبه مطلقة» بالكوادر الوطنية ويعلن «أنا ضد التجنيس الرياضي، واتشرف بأي انجاز يحققه البحريني وإن كان متواضعا لأنه انجاز حقيقي». في المقابل، لا يرفضه آل الشيخ «بشكل مطلق»، لكنه يرفض «أن يكون الحل الوحيد» وهو يؤمن بأننا «لسنا بحاجة له واستمراره إساءة للمواطن البحريني وتبديد للمال العام».
وهو يعتقد أن «الأمر خطير» ويجب «أن يكون هناك قرار حازم لوقف هذه العمليات ولدراستها ومناقشتها مع فئات المجتمع البحريني كافة، فهذه القرارات ليست فوقية، بل إن هناك سلطة تشريعية وأخرى قضائية وهناك مؤسسات مجتمع مدني، يجب أن تشترك جميعها في هذا النقاش بشكل وطني».
ويحذر آل الشيخ من «استمرار هذه العمليات الذي يوازي استمرار عمليات التجنيس السياسي في المجتمع البحريني وهي التي تنذر بكارثة اجتماعية وثقافية حقيقية».
استمرار عمليات التجنيس بحسب الخبير السابق «سيقضي على أي أمل في تطوير البنية التحتية، فالمسئولون حينها لن يجدوا دافعا لتطوير هذه البنية مادام هناك من يحقق البطولات».
العدد 1595 - الأربعاء 17 يناير 2007م الموافق 27 ذي الحجة 1427هـ