العدد 1594 - الثلثاء 16 يناير 2007م الموافق 26 ذي الحجة 1427هـ

هل انقلب الرأي العام العربي ضد إيران؟

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة محلية نقلا عن محللين، بأن: «الرأي العام العربي انقلب على إيران»... إنه لمن الواضح بأن مثل هذا الكلام لايعدو كونه هذرة فارغة، ذات أهداف سيئة مكشوفة المقاصد والتوجهات، وبالتالي تعتبر دليلا على هزال المحللين والتحليل الذي لايمكن استخلاص أي أمر ذي بال منه سوى أنه «عاصفة في فنجان»، وهي عبارة عن عنوان لقصة مشوقة قرأتها ربما في نهاية الخمسينات أو مطلع الستينات، لحسن كمال. كانت القصة من الإبداع والحبكة الفنية والرقي الادبي يشد انتباه القارئ، وأخرجه من دائرة الوجود المعاش وتقذف به في فراغ الكون، ومع التقدم في قراءة القصة، تكاد أعصابه تلامس درجة الاشتعال، وفجأة غير المسار وسكب سطل ماء بارد على أعصاب القارئ المتوترة بمبادرته الحلوة: «وماتت الدجاجة» وعلى القارئ الحاذق يستجلي كامل مضمون القصة من عبارة «ماتت الدجاجة»، بمثل ما ماتت دجاجة المحللين في قولهم: الرأي العام العربي انقلب على إيران!؟.

ومع مواصلتنا قراءة مانقلته الصحيفة المحلية عن عاصفة المحللين الذين أثاروها كعاصفة في فنجان، حول انقلاب الرأي العام العربي على إيران، وبالوقوف عند المحاولات البليدة للمحللين الأشقياء الذين حاولوا توسيع آثار إثارة عاصفتهم دون ان يعملوا على إخراجها من ساحة الرقص في حيز فنجان، اذ نقرأ مقدار غبائهم: «تعرض التعاطف العربي والإسلامي مع إيران وحليفها الشيعي في لبنان، حزب الله لضربة قوية نتيجة (مابدا وكأنه تواطؤ إيراني مع الحكومة والميليشيات الشيعية في العراق في قضية اعدام الرئيس السابق صدام حسين يوم عيد الأضحى، ومارافقها من ممارسات اعتبرها الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي ذات طابع ثأري وطائفي»... هكذا يحلو للمتحذلقين والمتصيدين والمنحرفين المتبرئين من مبادئهم ليصيروا متصيدين في المياه العكرة، أن يصيغوا عبارة تحليلاتهم بانتقائية ضد إيران، تفضح روح الطائفية البغيضة عندهم، عندما يتجاهلون بصمت ويغفلون الاضرار الفادحة التي أنزلها صدام ومن ورائه بوش بإيران في حرب امتدت 8 سنوات ياله من تحيز لا اخلاقي؟!.

أما إذا ما امعنا النظر مليا في مجمل ما اتبناه، وسنخضعه للتحليل المنطقي ونستعرض عباراته الغير موفقة في صياغتها المهللة الدالة على الضياع مثل عبارة: «تعرض التعاطف العربي والإسلامي مع إيران لضربة قوية نتيجة (مابدا وكأنه تواطؤ إيراني) أما ما تم من تواطؤ الكثير من حكام العالم العربي مع صدام حسين ضد إيران بمعزل عن عبارات الميوعة (بدا) بدل من ثبت، وتأكد بدل من (وكأنه)، واكثر من هذا وذاك التواطؤ العربي الأميركي الصهيوني على فلسطين والقضية الفلسطينية وآخرها لن نحارب «إسرائيل» من أجل لبنان، ولكن وارد ان نحارب لبنان من أجل «إسرائيل» لقد هزلت يامعظم حكام عالمنا العربي، حتى بان من هزالها عظامها.

وحيثما نتجه في متابعاتنا لرصد ما نشرته الصحيفة تحت ذلك العنوان بالإضافة الى ماسبق لنا قراءته من الكلام الملفق المحشو بالكثير من المغالطات ذات الأهداف الشريرة وقرأنا: «وأعرب محللون،(ربما أن يكونوا منحلين في جانب أو أكثر من جوانب حياة الإنسان في تكامل وترابط مختلف مكملات صنع شخصيته كالانسان السوي الذي لايقبل أن يتشبه بالحية في تبديل جلدها ومبادئه واخلاقه وأكاديميون) لا أعرف لأي سبب اقفلت الصحيفة، ربما ترفعا، وأدركت مقدار الترهات والمغالطات المطروحة من قبل «المحللين» و «الأكاديمين» فترفعت عن ذكر اسم واحد من هؤلاء المحللين والأكاديميين المتصيدين في المياه العكرة، في مقابلاتهم مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. ا) في عمان... وهنا نصل إلى الأرض الرخوة التي كان المحللون والأكاديميون يضعون اقدامهم عليها نستمد هذا الاستخلاص من قولهم عن (الاعتقاد)، وكلمة الاعتقاد، هي الظن والشك، بعكس الكلام المبني على اليقين القاطع الذي لايقبل الظن والشك، تماما كما، «وليس الذكر كالأنثى»... ويمضي المحللون المتخبطون وفي معيتهم الأكاديميون (الشنطحيون) المتوترون في نزعتهم المضحكة التي عبر عنها الفنان الكريكاتوري الكبير المحرقي في تصويره الكاريكتوري فنيا وترجمة لغويا في قوله: «هيلا هوب... هيك»... اذ استميح العذر من استاذي المحرقي لأقول: «هيلا هيلا بوش... هيلا» انسجاما ثرثرة المحللين والاكاديميين المزورين بلا أخلاق ولاضمير... «بأن الرئيس الأميركي جورج بوش: «نجح في تعبئة الشعوب العربية والإسلامية ضد إيران على نحو يخلق المناخ المناسب لأي مواجهة مستقبلية مع طهران بشان برنامجها النووي المثير للجدل... بقدر يتضاءل معه برنامج «إسرائيل» النووي الذي بلغ أنه امتلكت في ظله «إسرائيل» 200 رأس ذري دونما أن تثير أميركا حوله من الزوابع بمقدار ذرة من خردل ما أثارت ومازالت تثيره في وجه دول العالم لا لشيء الا لتحيل بينها وبين القدرة للدفاع عن نفسها في وجه الاطماع الغربية والصهيونية المشتركة وعلى رأسها أميركا لتبقى دول العالم تحت سيطرتها دونما أية مقاومة... فإذا ما اضفنا الى ماسلف من أقوال المحللين والاكاديميين المسخرة اقوالهم في أعمال التهويل والإثارات الرخيصة المكشوفة حتى درجة العهر، ما قاله غريب الرنتاوي مدير مركز القدس (عليها رحمة الله) للدراسات: «لاشك ان ماحدث في الدقائق الثلاث كان زلزالا هز هذه المنطقة، بقدر يتضاءل معه تقدير الرنتاوي» الذي من الواضح أنه يتهرب من مواجهة الحقائق، من قيام دولة المافيا اليهودية - دولة المشروع الغربي البريطاني (التجاري) الذي يتم خلاله سلب الغرب وعلى رأسها أميركا لخيرات الأمة العربية، ومن عجب أن تتم مساهمة حكام العالم العربي في انجاح المشروع الاستثماري المتمثل في دولة المافيا اليهودية، باندفاعهم لشراء الطائرات الحربية وغيرها من اسلحة من دول الغرب بدل حرمان هذه الدول من أموالنا، وإيقاع مشروعهم، دولة المافيا الصهيونية في خسارة لم يحسبوا لها حسابا. وعودة لتحليل مدير دراسات القدس السياسية الرنتاوي، وبالوقوف عند عبارته التهويلية: «ان ماحدث في الدقائق الثلاث كان زلزالا هز هذه المنطقة، هي محاولة فاضحة للتستر على زلزال قيام دولة المافيا الصهيونية وقفل باب زلزالها العام 1948 لربما للحصول على الجائزة مثل جائزة الرشوة التي سبق أن حصل عليها الرئيس «ترومان» الذي وصفته ابنته مارجريت ترومان بأنه أحط رئيس شهده التاريخ الرئاسي للولايات المتحدة؟!.

ولم يذكر لنا الرنتاوي، ولاكلمة واحدة مهما كانت بسيطة من تحاليل المحللين والأكاديمين يمكن الارتكاز عليها والانطلاق منها في إطار مايسمى بالدكالتيك لتحقيق الواقعية بعيدا عن التخبطات والسير في فضاء الميتافيزقيا التي يعيش في ظلها الواهمون الذين يحلو لهم العيش في ظل الفراغ ولم يجدوا من قول سوى القول: «بأن الرئيس الأميركي جورج بوش نجح في تعبئة الشعوب العربية والإسلامية ضد إيران... « وهذا قول أقرب إلى التخبط البليد، لأن جورج بوش لايملك سحر الشخصية المؤثرة القادرة على أن تترك أثرها السحري، سلبا أو ايجابا على تعبئة الشعوب العربية والإسلامية ضد إيران، لأن مثل هذا الأمر يحتاج إلى علاقة مباشرة أو أي نوع من علاقة بين الشعوب العربية والإسلامية، وبين جورج بوش... إذا ما اقررنا بالواقع ان كل الذي هو موجود من علاقة هو حقد أسود وكره متبادل تحيط بين بوش والشعوب العربية والإسلامية بسبب المواقف الأميركية المستهترة والمنحازة للمافيا اليهودية المسمى «إسرائيل» هذه الإسرائيل التي تمثل سبة مشينة في تاريخ الإنسانية وفي جبين الغرب، وحكام العالم العربي والإسلامي، أما إذا ماعدنا لتحديد شخصية صدام حسين، فإنه كزعيم يريد أن يخلق دولة مرهوبة الجانب قوية في منازلة ومواجهة الأعداء المتربصين بها كيد المنون. فإن الضرورة تقتضي الضرب بيد من حديد وليس بأياد مغلفة بغلافات محلية تدغدغ وجنات العذارى كنسيمات الفجر عند انبلاج نور الصباح... وثمة خاتمة لابد أن يدركها حكام المنطقة وشعوبها وهي أن هزيمة أميركا في العراق تمثل أضخم فرحة للأمة العربية والإسلامية بصفة أميركا (قرن) من قرون الشياطين، لايتقبلها ولايتعامل معها الا مثيل لها، وعليه فلتعمل الشعوب العربية والإسلامية على هزيمة أميركا... و الأمر أولا وأخيرا. وليدرك المرجفون أن أميركا دولة استعمارية طارئة على المنطقة وانه لامهرب ان طال الزمان أو قصر ستضع عصاها على كاهلها وترحل، فيما إيران دولة تمثل جزءا لايتجزأ من المنطقة وان خلق عداء معها من أجل أميركا الراحلة في يوم ما يمثل تخلفا مقيتا في سلوك الدبلوماسية العربية والإسلامية ومعالجة قضايا منطقتنا، فلننتبه من هذه اللعبة الأميركية.

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 1594 - الثلثاء 16 يناير 2007م الموافق 26 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً