تأكيد محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج بشأن استمرار سياسة ربط الدينار البحريني بالدولار الأميركي يستحق الدعم. وما يهم في هذا الإطار هو أن التصريح جاء بعد أيام فقط من حديث لمحافظ البنك المركزي بدولة الإمارات العربية المتحدة سلطان ناصر السويدي والذي أشار فيه إلى احتمال إجراء تغيير في عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار.
الإيجابيات
المؤكد أن الاقتصاد البحريني يجني الكثير من الفوائد من عملية ربط الدينار بالدولار عند مثبت 378 فلسا للدولار. فهذه السياسة تمنح الثقة للمتعاملين في اقتصادنا الوطني وخصوصا صغار المستثمرين. فالاقتصاد البحريني صغير ومحدود (يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين نحو 13 مليار دولار بالأسعار الثابتة أي أقل من صافي أرباح شركة جنرال اليكتريك الأميركية). فاقتصادنا المحدود لا يتحمل الصدمات. فمسألة الربط توفر على المواطن والمقيم التداعيات المرتبطة بتغير سعر صرف الدينار مع أهم عملة صعبة في العالم (يعتبر الدولار الأميركي العملة الصعبة الرئيسية في العالم بسبب الطلب على اقتنائه وقبوله في كل أنحاء العالم). ولم يتغير الوضع حتى مع ازدياد شعبية عملة اليورو. المشهور بأن نحو 60 في المئة من الدولارات المنتشرة في العالم موجودة خارج الولايات المتحدة.
لكن يلاحظ أن الدولار خسر الكثير من قيمته في السنوات القليلة الماضية مقابل اليورو والين بسبب سياسات تخدم الأوضاع الاقتصادية للولايات المتحدة. ومرد ذلك بالتأكيد رغبة السلطات في واشنطن في تشجيع الصادرات وجعل المنتجات الأميركية أكثر رواجا في العالم. ويتم تطبيق هذه السياسة على خلفية حجم العجز الكبير والتاريخي في الميزان التجاري الأميركي. بلغ العجز في الميزان التجاري نحو 800 مليار دولار في العام 2005 (تعتبر الصين مسئولة عن ربع أو 200 مليار دولار من هذا العجز). وعليه تعمل السلطات على تسجيل تراجع في قيمة الدولار حتى تصبح السلع الأميركية أكثر رواجا وقبولا في مختلف دول العالم وعلى الخصوص من الدول التي لا تربط عملتها بالدولار.
السلبيات
لاشك يخسر اقتصادنا الوطني بعض الشيء بسبب ارتباط الدينار بالدولار وذلك عند حدوث ارتفاع في قيم العملات الأخرى التي تستورد منها البحرين. وهذا ينطبق على الواردات من اليورو والين الياباني. وربما هذا يفسر ارتفاع قيم بعض السلع المستوردة (مثل السيارات والآلات والأجهزة) من أوروبا واليابان ودول أخرى مثل إستراليا والتي حققت عملاتها الوطنية ارتفاعا مقابل الدولار. وعلى هذا المنوال, خسر الدينار البحريني في الآونة الأخيرة بعض قيمه مقارنة بالعملات الرئيسية مثل اليورو والين وذلك على خلفية تدني قيمة الدولار. وعلى هذا الأساس تؤدي عملية الربط إلى استيراد التضخم (نأمل الحديث حول هذا الموضوع في وقت لاحق).
بالإضافة إلى ذلك, هناك سلبية استيراد معدلات الفائدة من أميركا. بمعنى آخر, فإن ارتباط الدينار بالدولار يحرم البنك المركزي من التأثير المباشر على معدلات الفائدة حيث إننا نستورد المعدلات السائدة في السوق الأميركية. تعتبر هذه الحقيقة خسارة كبيرة نسبيا لاقتصادنا الوطني لأن معدلات الفائدة عندنا ترتفع وتهبط استنادا للأوضاع الاقتصادية في أميركا وليس في البحرين.
على كل حال نرى في تأكيد محافظ البنك المركزي ما يعبث على الاطمئنان بالنسبة إلى المتعاملين مع اقتصادنا، كما نرى أن الصواب يقتضي استمرار العمل بسياسة مالية محافظة. ربما يكون بمقدور الاقتصاد الإماراتي (الذي يحتل المرتبة الثانية بين اقتصادات دول مجلس التعاون) التكيف في حال فك الارتباط بالدولار. بيد أن الاقتصاد البحريني لا يتمتع برفاهية فك الارتباط مع الدولار الأميركي.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1594 - الثلثاء 16 يناير 2007م الموافق 26 ذي الحجة 1427هـ