13 دينارا قيمة «خيشة الشكر»، وقريبا أربعة أخباز بمئة فلس، واللحم لا غبار على سعره، والسمك حكاية أخرى... ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية حديث الساعة، والمعادلة الغريبة أن مستوى الدخل لم يتغير مقابل ارتفاع الأسعار... كل الأسعار! وربما تدارك النواب هذا الموضوع وسيطرحون زيادة رواتب الموظفين الحكوميين فقط بواقع 100 دينار، أما موظفو القطاع الخاص فلهم الله!
ومن دون سابق انتظار، ووسط زحام الموضوع الشائك الذي يجبر كل بحريني على أن يكون جزءا منه، فلا يمكن أن نعيش من دون أكل، إلا أولئك الذين لا يفكرون في بطونهم لأن لديهم أموالا تكفيهم ولا حسد لمن يدري من أين يأتيه دخله اليومي أو الأسبوعي أو الشهري ولكن العتب على أولئك الذين تقطر عليهم السماء أموالا ليست لهم.
لنعد إلى القضية الرئيسية، فغلاء السلع ألقى بظلاله على وضع الأسر المادي، وخصوصا أن لدينا ما يفوق نصف شعب البحرين يعيشون ويقبعون تحط خط الفقر الاستوائي، ولدينا عشرات الآلاف من الأسر التي تتلوى فقرا، فهل يعقل أن تعيش أسرة مكونة من زوج وزوجته وبنيه وبناته بمعاش تقاعدي لا يتجاوز 150 دينارا؟ ولحسن الحظ ارتفع الحد الأدنى للأجور ولكنه لا يضيف إلى العائلات إلاّ الشيء اليسير ويبقى محاولة جادة نحو التغيير الذي يأمل كثيرون بأنه لا يطول.
الموضوع يثير أسئلة كبيرة ومحيرة؛ لماذا هذا الارتفاع غير المبرر في كثير من السلع؟ فإذا قلنا إن ارتفاع سعر السمك بسبب برودة الجو فما الذي يبرر ارتفاع سعر السكر بهذه الطريقة الغريبة؟ وما الذي يبرر ارتفاع أسعار الخضراوات؟ هل المشكلة في التجار المحليين أم في الحكومة؟ هل المشكلة في المزوّدين أم في الباعة الجوّالين؟ هل المشكلة فينا نحن لأننا لا نواكب تطور الزمن وتطور الأسعار؟
حيرة ما بعدها حيرة، ويبدو أن البحرينيين سيشنون خلال الأيام القليلة المقبلة حربا على البرادات والدكاكين لشراء أكبر قدر ممكن من «اللوبة» وكل مخاوفهم من أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع سعر الفاصوليا الجاهزة. الخطة سبق للبحرينيين أن نفذوها حين يشدون الرحال إلى سورية - كالعادة - فبدل شراء الطعام وصرف مبالغ غير محسوبة فلا مانع من حمل «اللوبة» والأجبان، حتى إن بعضهم يرجع وجلده مصفر من أكل الجبن والفاصوليا!
مساكين هم البحرينيون، يحلمون بسيارة ولو «بيك أب»، يحلمون ببدل سكن لم يصرف ولم تحدد معالمه بعد، ويحلمون ويحلمون... ولا يتوقفون عن الحلم لأن عزائهم الوحيد هو الأحلام. فهل تعي الجهات المعنية مسئولياتها وتقوم بخطوات جادة نحو تعديل الوضع الذي لا يحتمل التأجيل؟ يبدو أن الأمر لن يكون بهذه الطريقة، فلو كان لدينا جهة تراقب لما حدث التلاعب في أسعار «الدفايات» ونقول: «العوين الله»...
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1593 - الإثنين 15 يناير 2007م الموافق 25 ذي الحجة 1427هـ