استكمالا لاتفاق سابق بين إيران والبحرين، يبدأ في طهران اليوم مؤتمر لتكريم ذكرى الفيلسوف الشيخ ميثم البحراني الذي عاش بين 1238 و1299م، ويستمر المؤتمر لمدة 3 أيام يستعرض خلالها نحو 100 بحث في شخصية الشيخ ميثم. وكان المؤتمر (الأول) لإحياء تراث الشيخ ميثم قد عقد في البحرين في 28 - 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 بمشاركة مستشار جلالة الملك الثقافي محمد جابر الأنصاري الذي اعتبر الشيخ ميثم جزءا من «سلسلة ذهبية ثقافية بحرينية، تمتد من الشاعر طرفة بن العبد (الذي عاش في قرية دار كليب قبل الإسلام وتوفي في 564م)، وتمتد الى وقتنا الحاضر». غير أن الملاحظ أن المؤتمر الأول الذي عقد في البحرين كان قد أهمل بصورة عامة، والمؤتمر الثاني أيضا أهمل... بل إن وكالة أنباء البحرين لم ترسل أي خبر عن انعقاد مؤتمر عن أهم شخصية فلسفية عاشت في البحرين قبل أكثر من سبعة قرون... فالبحرين (أوال) كانت واحدة من أهم مراكز العلم والنور في العالم الإسلامي، ولكن هذا الجانب مهمل بشكل كامل. فالشيخ ميثم مدفون في الجامع الذي يحمل اسمه في قرية قديمة كان اسمها «هرته»، حاليا بين الماحوز وأم الحصم، وهو أيضا «مطمور» رسميا، وأخبار مؤتمر لإحياء ذكره «ليست مهمة».
الشيخ ميثم كانت له قصة معروفة مع بعض علماء العراق الذين دعوه الى زيارتهم (قبل أكثر من 7 قرون) وكتبوا يقولون له «العجب منك أنت على شدة مهارتك في جميع العلوم والمعارف، وحذاقتك في تحقيق الحقائق وإبداع اللطائف، قاطن في طلول الاعتزال، ومخيم في زاوية الخمول الموجب لخمود نار الكمال». وبعد مراسلات بينهم قرر زيارة العراق ولبس ثيابا اعتيادية و«دخل بعض مدارس العراق المشحونة بالعلماء والحذاق فسلّم عليهم»، لكنهم لم يرحبوا به كثيرا، وعندما بدأت المناقشة دخل معهم وأجاب بأفضل ما لديه من معارف، إلا أنّ بعضهم «سخر منه» وقلل من شأنه. وفي اليوم التالي لبس الملابس الفاخرة «بهيئة ذات أكمام واسعة، وعمامة كبيرة، وهيئة رائعة، فلما قرب وسلّم عليهم قاموا تعظيما له، واستقبلوه تكريما... وأجلسوه في صدر ذلك المجلس المشحون بالأفاضل المحققين». وعندما بدأوا بالنقاش تحدث معهم - متعمدا - بأسلوب ركيك وغير علمي، ولكنهم رحبوا بكل ما قاله، على عكس اليوم الذي سبق... ومن ثم جاءوا بالطعام، فما كان من الشيخ ميثم إلا أن استخدم كمّه الكبير وأدخله في الطعام وقال «كُلْ يا كُمّي»، وشرح لهم موقفه بأن المظاهر لديهم هي الأهم وليس المحتوى، وأن الدراهم والملبس أكثر لمعانا من المحتوى... فاعتذر علماء العراق (آنذاك) بما صدر منهم من التقصير في شأنه.
وإذا كان الشيخ ميثم قد أثبت في عصره أن المظهر أفضل (بالنسبة الى البعض) من المحتوى، فإنه بعد مماته أثبت ذلك أيضا، إذ لو كان من بلد آخر لرأيت المتاحف والمكتبات والدراسات باسمه... فهو كان ينافس كبار الفلاسفة في ذلك الزمان، وكتبه التي كتبها خارج البحرين بقي عدد منها ووصل إلينا، أما ما كتبه داخل البحرين فقد اندثر كما اندثرت الكتب التراثية الأخرى. ولعل مقولته «كُلْ يا كُمّي» هي فعلا ما نراه ونشاهده من صَرْفٍ على بعض المظاهر وبُخْلٍ شديدٍ في الاتجاه الآخر.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1593 - الإثنين 15 يناير 2007م الموافق 25 ذي الحجة 1427هـ